أكد فضيلة الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة اليوم أن صلاح الخلق وقوام أمرهم بإعطاء الحقوق أهلها، وذلك هو العدل الذي قامت به السماوات والأرض وعليه قيام الدنيا والآخرة، ولكل نفس على صاحبها حق هو مسؤول عنه يوم الدين . وأكد فضيلته أن أكبر حقوق النفس تزكيتها وبذلك حفظها من التلف والهلاك فإن النفوس جبلت على خصال ذميمة ، فهي أمارة بالسوء ، ولها شر يستعاذ منه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في فاتحة خطبه «ونعوذ بالله من شرور أنفسنا» رواه الترمذي. فلا مناص من إصلاحها. والله يحب لعباده ذلك قال تعالى:( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ) – أي : باطنكم وظاهركم. ولعظيم أمر تزكية النفوس كانت أحد مقاصد بعثة الرسل عليهم السلام فإبراهيم وإسماعيل عليهما السلام دعوا الله أن يبعث في هذه الأمة رسولا منهم يزكيهم ، قال تعالى : ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ)، وبعث الله نبينا محمد صلى الله عليه و سلم مزكيًا للعباد، قال تعالى:( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ). وذكر فضيلته أن من صفات المؤمنين تزكية أنفسهم ، ومن المقاصد العظمى في الشريعة حفظ النفس، وأبلغ الحفظ لها تزكيتها، وأعظم ما تزكو به النفوس توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له ولا زكاة للخلق إلا بالتوحيد ، والصلاة زكاة للنفس وطهارة للعبد ، وبالزكاة والصدقة نقاء النفوس وزكاؤها ، والصوم وقاية من آفات النفوس وشرورها ووجاء لأهله من الفواحش. وفي الحج تزكو النفوس ، والمقبول من الحجاج يعود طاهر النفس كيوم ولدته أمه . وأضاف فضيلته أن الدعاء عبادة عظيمة وبه يدرك العبد مطلوبه، والله سبحانه بيده صلاح القلوب وطهارتها، والإكثار من ذكر الله به انشراح الصدر وطهارة القلب ، ومن اشتغل بالقرآن العظيم تلاوة وتدبراً وعملاً وتعلماً وتعليماً صلحت نفسه وانقادت لله ، والعلم النافع يزكي أهله وهو دليلهم إليها ، وبصلاح القلب وسلامته صلاح ظاهر العبد وباطنه، ومن جاهد نفسه ظفر مقصوده، وزكاة النفس موقوف على محاسبتها فلا تزكوا ولا تصلح إلا بالمحاسبة، وبذلك يطلع العبد على عيوب نفسه ويمكنه السعي في إصلاحها وغض البصر مما تزكو به الأنفس . وفي الخطبة الثانية ذكر فضيلته أن تغير أحوال العباد صلاحًا وفسادًا، ورخاء وشدة، وأمنًا وخوفًا، تبع لتغيير ما في نفوسهم ، ومن أصلح سريرته أصلح الله له علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس ، ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه، والمؤمن وجل يجمع بين إحسان وخوف فيسعى لإصلاح نفسه و تزكيتها، ولا يتمدح بذلك . واختتم فضيلته الخطبة بالصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه أشرف الصلاة وأتم التسليم . ودعا فضيلته أن يحفظ الله تعالى ولاة أمر هذه البلاد وأن يديم الأمن والإيمان وأن يصلح اللهم أحوال المسلمين جميعاً في كل مكان وأن يوفق خادم الحرمين الشريفين وولي عهده لما يحب ويرضى ، وأن وينصرهما بنصره، وأن يحفظ بلاد المسلمين وولاة أمور المسلمين ، ويحفظهم في أهليهم وأموالهم وذرياتهم وأن يفرج كربهم ويرفع ضرهم ويتولى أمرهم ويعجل فرجهم ويجمع كلمتهم يا رب العالمين .