-الرياض لعل اقل وصف لفيروس لا علاج له يعمل على تقليص حجم رؤوس وأدمغة الاطفال هو "كابوس". ولا ريب في أن العناوين الرئيسة لوسائل الاعلام التي تناولت فيروس "زيكا" قد اثارت الهلع في الآونة الاخيرة خاصة بعد أن وصف أحد الخبراء بمنظمة الصحة العالمية تفشي الفيروس بأنه انفجاري. وفي مطلع شهر فبراير الجاري اعلنت المنظمة أن الفيروس يشكل حالة طوارئ صحية عالمية. العثور على الفيروس في لعاب وبول المصابين وتسجيل حالات انتقال بالعلاقة الزوجية وكانت أول اصابة بفيروس زيكا الذي تم اكتشافه لأول مرة في القردة التي تعيش في أدغال زيكا بأوغندا في عام 1947، قد سُجلت في البرازيل منذ ثمانية شهور ولكنه يتفشى الآن في 23 دولة أخرى في المنطقة، من ضمنها المكسيك والباربادوس وأميركا وبعض الدول الأوروبية. وينتقل فيروس زيكا من خلال دم ملوث ينتقل من شخص لآخر عن طريق لسعة انثى بعوض "الزاعجة المصرية" او البعوضة المصرية وهي بعوضة سوداء صغيرة الحجم، يترواح طولها من 3 إلى 4 سم، وتتميز بنقط بيضاء على أرجلها، وتنتشر بكثافة أثناء النهار. وتستهدف هذه البعوضة البشر، والثدييات عموما، وغالبًا ما تلدغ داخل المساكن ولا تحتاج إلا القليل من المياه الراكدة لوضع بيضها. وعلى الرغم من أن أصلها يعود إلى افريقيا فإنها توجد في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. نصائح للحوامل بعدم السفر للمناطق الموبوءة وللأزواج باستخدام وسائل العزل وبجانب فيروس "زيكا" فان البعوضة تسبب "الحمى الصفراء" و"حمى الضنك". ولكن مصدر القلق الأكبر يتمثل في أن فيروس زيكا قد يرتبط ارتباطا وثيقا بولادة أطفال مصابين بالصعل، أي صغر حجم الرأس والدماغ، على الرغم من أن هذا الارتباط لم يتم اثباته بما لا يدع مجالا للشك. وغالبا ما يكون الخطر أكبر خلال الاشهر الثلاثة الاولى من الحمل، إلا أن هناك أدلة على أن العيب الولادي قد يحدث في مرحلة لاحقة من الحمل. وتضاعف عدد الأطفال الذين ولدوا مصابين بصغر حجم الرأس في البرازيل 20 ضعفا منذ الإبلاغ عن أول اصابة. فقد ارتفع عدد الحالات المسجلة منذ شهر أكتوبر الماضي إلى 4000. يضاف إلى ذلك أن 31 اميركيا وأربعة كنديين وثلاثة بريطانيين التقطوا العدوى اثناء السفر. كما تم تسجيل حالتين في كل من ايرلندا واستراليا. ولا تظهر أعراض المرض لدى حوالي 80 بالمئة من المصابين، وفقا للمركز الاوروبي للوقاية من الامراض ومكافحتها، ولذلك فإنهم لا يعرفون البتة انهم مصابون به. وحتى إذا ظهرت الأعراض فإنها قد تتمثل في حمى وحكة وطفح جلدي. وقد يعاني بعض المصابين من ألم في المفاصل والعضلات والصداع. وتزول هذه الأعراض سريعا في غضون ما بين يومين إلى سبعة أيام. وبما أنه لا يوجد علاج لداء زيكا فإن على الذين تظهر عليهم مثل هذه الأعراض الإكثار من شرب الماء لتفادي الجفاف، بالإضافة إلى تناول اقراص البارسيتامول. ويجري العلماء حول العالم حاليا دراسات لإثبات الصلة بين زيكا والصعل بينما تتسابق المختبرات لاستنباط لقاح. وينصح النساء الحوامل بعدم السفر إلى أي من الدول الثلاث والعشرين التي ينتشر فيها المرض. وهناك مخاوف من أن ينتقل الفيروس من الرجال المصابين إلى زوجاتهم خلال العلاقة الحميمة. وأكدت المراكز الأميركية لمراقبة الامراض ومكافحتها أول حالة لانتقال الفيروس من رجل إلى زوجته في تكساس عقب عودته من رحلة إلى دولة يتفشي فيها المرض. تم اكتشاف فيروس زيكا في لعاب مريضين في البرازيل وبولهما، وسجلت هذه الدولة اول اصابة بالفيروس عن طريق نقل الدم، بينما نصح مسؤولون أميركيون في قطاع الصحة بتشديد الإجراءات لمتابعة الحوامل لتجنب إصابتهن بالفيروس ومنع نقله عن طريق العلاقة الحميمة. فقد راجعت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها إرشاداتها للنساء الحوامل لتتضمن توصية بأن تخضع الحوامل لفحوص رصد العدوى بعد عودتهن من المناطق التي ظهر فيها المرض حتى لو لم تظهر عليهن أي أعراض. وتتضمن الإرشادات الجديدة توصية بأن تخضع الحوامل للفحص ما بين أسبوعين و12 أسبوعا من العودة من المناطق التي ظهر فيها الفيروس. وكانت المراكز الأميركية قد اقترحت في وقت سابق إجراء فحوص للحوامل التي ظهرت عليهن أعراض بالفعل. وينصح الأزواج بتأخير محاولة الانجاب لمدة شهر على الاقل من عودة الزوج من الدولة الموبوءة بالفيروس. ولكن إذا كانت الزوجة حاملا قبلا فإنه يستحسن أن يستخدم الزوج العازل الطبي لمدة 28 يوما على الأقل من عودته من مناطق الوباء. اما إذا عاد الزوج وهو مصاب بأعراض واضحة للمرض مثل الحمى والطفح الجلدي فانه يُنصح باستخدام العازل الطبي لمدة 6 اشهر بعد شفائه تماما من المرض. وتقول منظمة الصحة العالمية أنه ينبغي أن ينظر إلى تفشي المرض على انه "حالة طوارئ صحية عامة على نطاق دولي"، وهي بذلك تضع زيكا في نفس مرتبة داء "الايبولا" الذي تسبب في مقتل اكثر من 11,000 شخص في غربي افريقيا، وتشير التوقعات إلى أن عدد المصابين به قد يرتفع إلى اربعة ملايين بنهاية العام. ويخشى العلماء من أن يفاقم الطقس الدافئ الناجم عن ظاهرة "النينو" تفشي المرض من خلال تكاثر البعوض، خاصة في ظل عدم وجود لقاحات أو علاجات أو فحوصات تشخيصية سريعة للمرض. ويمتد الخوف من المرض ليشمل ألعاب ريو الاوليمبية في شهر أغسطس المقبل حيث ذكرت العديد من الرياضيات الإناث أنهن سوف يحجمن عن المشاركة خوفا من التقاط العدوى. وبينما يتوقع منظمو الحدث مئات الالف من الزوار والمشجعين، إلا أن حالة الطوارئ الصحية العالمية المعلنة قد تخيفهم وتمنعهم من الحضور. كما أعفت بعض شركات الطيران طاقم الضيافة من الاناث من العمل في الرحلات المتجهة الى الدول الموبوءة. وتنصح الدكتورة ديبيتي باتيل الخبيرة في امراض الاسفار قائلة، "ينبغي على كل المسافرين، وخاصة النساء الحوامل، الذين يرغبون في السفر إلى مناطق نشاط انتقال فيروس زيكا أن ينشدوا النصح من اطبائهم قبيل الشروع في السفر ومتابعة مسار تفشي المرض عبر المواقع المتخصصة بالشبكة العنكبوتية لتحديث معلوماتهم وكذلك اتخاذ التحوطات لحماية أنفسهم من لسعات البعوض الناقل للمرض." من خلال استخدام الناموسيات والمستحضرات الطاردة للبعوض.