بعد مرور شهر على الهجمات الجهادية في باريس يخوض الحزب الاشتراكي الحاكم الاحد في شرق فرنسا من موقع قوة اختبارا انتخابيا محتدما في مواجهة اليمين المتطرف الذي يتسبب تقدمه بانقسام المعارضة اليمينية بقيادة الرئيس السابق نيكولا ساركوزي. ويتوقع استطلاع للراي نشرت نتائجه الخميس فوزا لليسار في هذه الانتخابات التشريعية الجزئية التي تنظم في دائرة دوب الصناعية لاختيار خلف للوزير الاشتراكي السابق بيار موسكوفيسي الذي انتقل الى بروكسل في الجمعية الوطنية. واشار الاستطلاع الى فوز مرشح الحزب الاشتراكي فريديريك باربيه ب53% من نوايا التصويت، مقابل 47% لمنافسته مرشحة حزب الجبهة الوطنية النائبة الاوروبية صوفي مونتيل التي احتلت الطليعة في الدورة الاولى للاقتراع الاحد الماضي. وهذه المواجهة الرمزية على اكثر من صعيد اعتبرتها الطبقة السياسية اختبارا لاسيما مع دنو استحقاق انتخابي هام لمجالس المقاطعات اواخر حزيران/يونيو. وتحقيق فوز اشتراكي من شأنه ان يوقف دوامة الهزائم بالنسبة لحزب الرئيس فرنسوا هولاند الذي هزم في 13 انتخابات جزئية نظمت منذ بدء ولايته لخمس سنوات في 2012. كما سيحقق تقدما لشعبية السلطة التنفيذية منذ الاعتداءات الدامية التي اسفرت عن سقوط 17 قتيلا في باريس مطلع كانون الثاني/يناير، حتى وان بقيت شعبية هولاند منخفضة جدا بسبب نتائجه الاقتصادية الرديئة، بحسب استطلاع نشرت نتائجه اليوم الاحد. وعلى العكس فان فوز مرشحة الجبهة الوطنية سيوفر مقعدا نيابيا ثالثا ما يؤكد ان الحزب اليميني المتطرف احد اقوى الاحزاب في اوروبا، لم يتأثر بموقفه المتمايز عن الاجماع الوطني بعد الهجمات الجهادية. فقد رسخ تنامي قوته بعد النجاحات التي حققها العام الماضي في الانتخابات البلدية في احدى عشرة مدينة وحصوله على 24 مقعدا في الانتخابات الاوروبية ودخوله التاريخي الى مجلس الشيوخ. وتوقع استطلاع اجري اواخر كانون الثاني/يناير موقع استقطاب جديد له بحصوله على 26% في انتخابات مجالس المقاطعات في اذار/مارس المقبل. كما سيدعم ايضا طموحات زعيمته مارين لوبن التي تحتل الطليعة منذ اشهر في نوايا التصويت بالنسبة للدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2017. وتتوقف نتيجة اقتراع اليوم الاحد الى حد كبير على اصوات ناخبي الاتحاد من اجل حركة شعبية ابرز احزاب المعارضة اليمينية لهولاند، والمنقسم حول الاستراتيجية المفترض ان يتبعها ازاء اليمين المتطرف منذ استبعاد مرشحه من الدورة الاولى. وقد فشل نيكولا ساركوزي الذي يسعى جاهدا الى فرض عودته على رأس الحزب في كانون الثاني/نوفمبر، هذا الاسبوع في توحيد صفوف حزبه حول دعوة ل"القول +لا+ للجبهة الوطنية" والتصويت ببطاقة بيضاء او للمرشح الاشتراكي ما وصفته مارين لوبن ب"خطوة منحرفة نحو الحزب الاشتراكي". وحذر ساركوزي من خطر انفجار حزبه الذي باتت قاعدته متأثرة اكثر فاكثر بخطاب اليمين المتطرف. وقد اختار المكتب السياسي للاتحاد من اجل حركة شعبية في نهاية المطاف الابقاء على استراتيجية الامتناع عن التصويت، اي لا اليسار ولا اليمين المتطرف، التي يعتمدها منذ العام 2011. وقال الامين العام للاتحاد من اجل حركة شعبية لوران فوكييز المتمسك بهذا الخط السبت "ان ما يضعفنا هو اللبس بين اليسار واليمين. وعلى هذا اللبس تزدهر الجبهة الوطنية". في المقابل دعت نائبة رئيس الحزب ناتالي كوسيوسكو-موريزيه ورئيس الوزراء الاسبق الان جوبيه المنافس اليميني الرئيسي لساركوزي في انتخابات 2017، الى التصويت للمرشح الاشتراكي. وعلى الارض دعا نواب عدة للاتحاد من اجل حركة شعبية في دوب الى قطع الطريق امام الجبهة الوطنية. ويعتبر التغيب عن التصويت عنصرا اساسيا اخر في الانتخابات. بعد ان كان كثيفا في الدورة الاولى (60,5%) في هذه الدائرة العمالية مهد شركة صناعة السيارات بيجو سيتروين التي تعاني بقسوة من البطالة. والامر النادر بالنسبة لرئيس الدولة في فرنسا هو ان الرئيس هولاند تدخل في الحملة من خلال انتقاده الخميس رفض الاتحاد من اجل حركة شعبية تشكيل جبهة جمهورية وراء المرشح الاشتراكي. وذكر بصفته رئيسا سابقا للحزب الاشتراكي في 2002، انه "لم يتردد ولو لحظة" في دعم الرئيس الديغولي جاك شيراك عندما واجه في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية جان ماري لوبن مؤسس الجبهة الوطنية ووالد مارين لوبن.