قد يكون من المفيد أن يوطد الآباء علاقتهم مع أطفالهم، من خلال مشاركتهم وجبات العشاء مثلاً، وتبادل النقاشات معهم، ورواية الحكايات لهم قبل نومهم، إلا أن ذلك - عكس الاعتقاد الشائع- لا يزيد من ذكاء الأطفال، بحسب دراسة حديثة وجدت أنه ما من شيء يمكن للآباء فعله حينما يتعلق الأمر بالذكاء. ويدور جدل علمي منذ الأزل عما إذا كان الذكاء ملكة موروثة بشكل كامل أم أنه يتأثر بالحياة الاجتماعية للإنسان، ويجمع عدد كبير من الدراسات السابقة على أثر ما أسمته "التنشئة الاجتماعية الأبوية" في مستقبل الطفل، وتفترض أن العلاقة الجيدة للآباء مع أطفالهم يمكن أن تجعلهم أكثر ذكاء. إلا أن دراسة حديثة، نشرت نتائجها في مجلة Intelligence، وجدت نقطة ضعف في تلك الدراسات تكفي لتنقض كل ما توصلت إليه من نتائج، حيث إن جميعها اعتمد على آباء بيولوجيين للأطفال الذين تمت دراستهم، وهو ما لا ينفي العامل الوراثي الذي له الدور الأكبر في الذكاء، بحسب الباحثين. ولهذا، أجرى الباحثون اختباراتهم على أطفال تم تبنيهم وتربوا منذ ولادتهم مع آباء غير بيولوجيين، أخضعوهم لاختبارات IQ تقيس معدل الذكاء لثلاث مرات خلال حياتهم، أولها في سنوات الدراسة الأولى، ثم في سنوات الدراسة العليا، ومرة ثالثة بين ال18 وال26 عاماً، ووجدوا أن الأثر الاجتماعي للآباء لا يغير من ذكاء أطفالهم، لا إيجاباً ولا سلباً. ويشرح البروفيسور كيفن بيفر، مؤلف الدراسة، هذه النتائج، في الإصدار الصحافي الذي تلقت "العربية.نت" نسخة منه بقوله: "وجدت الدراسات السابقة أن اعتناء الآباء بأطفالهم يجعلهم أكثر ذكاء، إلا أن الحقيقة أن الآباء الأكثر ذكاء هم من يعتنون بأطفالهم، في حين أن وراثة الأطفال للذكاء تتم من خلال الجينات لا العلاقات الاجتماعية". ورغم هذه النتائج، فإن دور العلاقة الاجتماعية الجيدة للآباء مع أطفالهم يبقى كبيرا في صقل شخصية أطفالهم، والحفاظ على صحتهم النفسية، بل حتى الجسدية، حتى وإن لم يرتبط مباشرة بمستوى الذكاء، بحسب الباحثين.