كعادته في التناول والتحليل المباشر والتعاطي مع مستجدات الاحداث في المملكة هاجم الشيخ سليمان الدويش الباحث والكاتب الشهير بؤر الفتنة في الداخل وما كشفت عنه الايام المنصرمة من تداعٍ للأقنعة الخائنة ومريدي التشرذم والفتنة دون الاستشعار الحصيف لمآلاتها وماتنتجه في بلاد مثل المملكة العربية السعودية , وقال الدويش في معرض مقاله الجديد في "لجينيات" : - لقد ردَّ الله الذين كفروا من المجوس بغيظهم لم ينالوا خيراً , وأركس الذين ظاهروهم , ممن ملأت العمالة قلوبهم , أو ممن نظروا إلى مصالحهم الخاصة , وقدَّموها على المصالح العامة , أو ممن رأوا في هذا الظرف فرصة لتصفية الحسابات , أو ممن لا يدرك مآلات الفتنة والفوضى , أو ممن يدارون بغباء من جهات مشبوهة , أو ممن هو محسوب على هذه البلاد , ولكنه في التبعية والولاء منقاد لأهل الضلالة والشرك , من الرافضة أو غيرهم من أهل الملل الفاسدة , والنحل الخبيثة . لقد حفظ في الأمثال " رجع بخفي حنين " , وقصة هذا المثل : أن إسكافياً يدعى حنيناً جاءه أعرابي فساومة على خفين من صنعه فاختلفا , وقد أغاظ الأعرابي حنيناً , فأراد حنين أن ينتقم منه , فاحتال عليه وأخذ أحد الخفين وطرحه في الطريق , ثم ألقى الآخر في مكان آخر , فلما مر الأعرابي بأحدهما قال ما أشبهه بخف حنين ولو كان معه الآخر لأخذته , ثم مشى فوجد الآخر , فترك حماره وعاد ليأتي بالخف الأول , وكان حنين يكمن له فسرق الحمار . وعاد الأعرابي إلى قومه فسألوه لماذا رجعت بدون الحمار... فأجابهم لقد رجعت بخفي حنين . لقد رأينا كيف راهن الأعداء والعملاء والضعفاء على ثورة حنين , وكيف أن الله أبطل كيدهم , وخيَّب مسعاهم , فلم ينالوا خيراً , بل ولم يرجعوا من حنين ولو بخفَّين مرقَّعين , وإنما رجعوا بالخيبة والهوان , وأثبت أبناء هذا البلد أنهم أهل حكمة وعقل , وأن استجابتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم , وأنهم لايساومون على مصالح أمتهم وبلدهم , وأن أي إملاءات من قبل الأعداء والعملاء لن تزيدهم إلا تلاحما وترابطاً , وذلك لأنهم يدركون بجلاء أن تلك الإملاءات أو المناشدات الخارجية , ومهما كانت صيغتها , ومهما حاول دعاتها تزييفها بزخرف القول , فإنها لن تكون إلا للكيد لمجتمعنا في عقيدته وأمنه وأخلاقه , ولهذا فهم مهما عانوا من مصاعب ومتاعب فلن يقبلوا أن تكون ثمرة تحقيق مطالبهم الخاصة , أو زوال متاعبهم ومصاعبهم , ضياع أمنهم وأخلاقهم , وتدنيس عقيدتهم , وتمزيق لحمتهم , والعبث بمقدساتهم . لقد أثبت أبناء هذا المجتمع - بتوفيق الله - أنهم أهل الوفاء حقيقة , وأنهم أهل لك تشريف وتكريم , وأن الرهان على مخادعتهم رهان خاسر , حيث قام العلماء والدعاة والأغيار بما يؤكد صدق معدنهم , وصفاء سريرتهم , وأن ماكان يقوله عنهم خصومهم , من بغال الليبرالية وغيرهم , هو من قالة السوء , والتحريش الفاجر , والكذب البيِّن , وأن ماكانوا يصفونهم به من التهييج والفتنة والإرهاب , وبأنهم من دعاة الفوضى , لا يعدوا أن يكون تلفيقات وتضليلات , وأن هؤلاء المُفترى عليهم , من العلماء والدعاة والأغيار , هم من ساهم بفضل الله في تجسير الصلة , وردم الهوَّة , وقطع الطريق على المتربصين , وذلك عبر الفتاوى , والمحاضرات , والخطب , والبيانات , واللقاءات , والرسائل , وفي مواقع الشبكة العنكبوتية , وفي كل مناسبة خاصة أو عامة , في وقت انشغل فيه بغال الليبرالية في نشر خزيهم في معرض الكتاب , وملاحقة التافهين والتافهات , وفي تزييف الحقائق , وتضخيم العمل الاحتسابي , وتجريم شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وحبك المؤامرات لمحاولة تأزيم المجتمع , وزيادة الاحتقان فيه , والطعن في ثوابت الأمة , وغير ذلك من الفجور , الذي لايجيده غيرهم , ومن شارك منهم في لقاء أو مقال أو حوار فإنما يصوغ مشاركته بأسلوب فلسفي سفسطي ركيك , أو بطريقة مخادعة حرباوية , لايخرج منها المتلقي بحق , أو هي إلى الباطل أقرب , ومنهم من أحال مساهمته إلى نقد بعض المواقف الشاذة , التي خالفت السائد والعام , مما صدر عن بعض المتحمسين من المحسوبين على أهل الخير , وذلك لمحاولة طمس دور الأغلبية الساحقة من العلماء والدعاة . كما أثبت أبناء هذا المجتمع – بفضل الله - أنهم ليسوا كما يراد لهم من خصومهم , وذلك من خلال وصفهم بجيل الفيس بوك وتويتر , وذلك باستفادتهم من هذه التقنيات , وتمييزهم بين غثِّها وسمينها , ووقوفهم عند رأي عقلاء أمتهم , وخذلانهم لسفهاء وغوغائي الأمة , بل بلغت فطنتهم في معرفة مكائد السفهاء , إلى أن فوَّتوا عليهم فرصة إثارة الفتنة في محل لهوهم وعبثهم , وذلك من خلال عدم الالتفات لمناشدة السفهاء باستغلال أوقات المباريات للتظاهر والفوضى , بل وأثبتوا أن ما يدَّعيه بعض ذوي الكيد , من أن هؤلاء الشباب قد تجاوزا العلماء والدعاة , وأن خطابهم لم يعد يستهويهم , إنما هو من المغالطة , وأنهم – الشباب – يعرفون قدر العلماء والدعاة , ويرون أنهم أنصح لهم , وأبرُّ بهم , ممن يريدهم معاول هدم , أو وقودا لفتنة وشر . وأما أهل الرهان الخاسر , من المجوس وأضرابهم , أو من وضع يده بأيديهم , فإني أقول لهم : لامقام لكم فارجعوا , وابحثوا بعد هذا الفشل الذريع بفضل الله عن مرتزقة آخرين لتراهنوا عليهم , وتأكدوا أن من أفنيتم جهدكم معه , وظننتم أنه سيقوم ببعض ما تأملون , لاقيمة له بين أبناء مجتمعنا الأبي , بل إن أغلب من يستمع إليه , إنما يأخذه للتسلية والعبثية والضحك , وإلا فلو حمي الوطيس , فإنه لا يعدوا أن يكون صفراً على شمال الشمال , فطيبوا به نفساً , إن كنتم ترون فاعليته وتأثيره , أو انتعلوا غيره إن كانت بقيت عندكم مسكة من دهاء , أو رغبة في محاولة الكيد , لكن تأكدوا أن فرسان الحق لكم بالمرصاد بحول الله ومنته . وأقول للبالوني وغيره من أوزاغ الفتنة , ممن هم كالطفيليات , لاتنشط إلا في المستنقعات , لقد أدركتم حجمكم الحقيقي , وبلغتكم رسالة المجتمع بوضوح , وإن كان بزعمكم أنه يكفيكم نجاحاً إخراج هذه الفرق العسكرية المتأهبة , فهذا غاية السفه والحمق , بل هو أكبر دليل على جاهزية الدولة ويقظتها , وأن الحكمة تقتضي أخذا الأمور بمأخذ الجد والحزم , حتى لا تُسوِّل للضعيف نفسه , أو يُعتدى على الحقوق المصونة . كما أقول له : فكِّر وقد أفنيت مرحلة من عمرك في التهريج , حتى صار لايكاد يتغلَّب عليك إلا القذافي , في كثرة التناقضات والتلفيق , أن تغيِّر اتجاه بوصلتك , وألا يكون القذافي أدهى منك باستجلاب المرتزقة لتدمير بلده , ولهذا فإني أقترح عليك أن تتجه إلى المعارضة في الصين أو الهند أو بنجلاديش مثلاً , ولأن فيها من الأعداد المهولة , ماقد يشبع نهمك في الخلافة , وأن تلقَّب بينهم ب " الخليفة هاتف العملة الحاكم بأمر من يدفع أكثرأبي عثمان البالوني " , وذلك لتلج موسوعة غينيس كصاحب أطول لقب رئيس عصابة , بعد أن تتغلب عن الراعي الرسمي لحركتك العقيد القائد الفاتح الزعيم معمر القذافي , أما أن تفني عمرك في مناشدة واستجداء من لايراك إلا نكرة , فإن هذا قد يُعرِّضك لمتاعب نفسية تحول بينك وبين مواصلة طريقك , مما سيحرم من يستمع إليك من مهرِّج كان يقضي معه أوقات فراغه , وإن أردت أن تعرف أيها البالوني حجمك , وترى مدى تأثيرك في الناس , فعليك أن تعي أن من تأهَّب لوأد فتنتك الناس قبل رجال الأمن , وهم من بادر بتسفيه وتحقير الفوضويين , وذلك قبل أن تمتد إليهم أذرع رجال الأمن , وهذا حقيقة ماثلة , وواقع يشاهده الناس , ولا يحول دون وضوحه ما تزعمه من أن هؤلاء رجال أمن متخفُّون بثياب مدنية , فإن أبيت إلا ذلك , فعليك أن تعي هذه الرسالة المختصرة بوضوح : " لقد أثبت أبناء المجتمع كلهم بفضل الله أنهم رجال أمن , فلتشرق أنت ومن خلفك بأرياقكم , ولترغم آنافكم ". اللهم أعذنا من الفتن , ماظهر منها وما بطن , واعصمنا بالكتاب والسنة , واجعلنا من أنصار دينك , وحملة لواء شريعتك , والذابين عن حياضها . اللهم عليك بالفجرة المنافقين , والخونة الليبراليين , والرجس العلمانيين , والرافضة المفسدين . اللهم اهتك سترهم , وزدهم صغارا وذلا , وأرغم آنافهم , وعجل إتلافهم , واضرب بعضهم ببعض , وسلط عليهم من حيث لايحتسبون . اللهم اهدِ ضال المسلمين , وعافِ مبتلاهم , وفكَّ أسراهم , وارحم موتاهم , واشفِ مريضهم , وأطعم جائعهم , واحمل حافيهم , واكسُ عاريهم , وانصرمجاهدهم , وردَّ غائبهم , وحقق أمانيهم . اللهم كن لإخواننا المجاهدين في سبيلك مؤيدا وظهيرا , ومعينا ونصيرا , اللهم سدد رميهم , واربط على قلوبهم , وثبت أقدامهم , وأمكنهم من رقاب عدوهم , وافتح لهم فتحا على فتح , واجعل عدوهم في أعينهم أحقر من الذر , وأخس من البعر , وأوثقه بحبالهم , وأرغم أنفه لهم , واجعله يرهبهم كما ترهب البهائم المفترس من السباع . اللهم أرنا الحق حقاوارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل . اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا . اللهم أصلح الراعي والرعية . اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إن تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء . هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . وكتبه سليمان بن أحمد بن عبدالعزيز الدويش أبومالك 7 / 4 / 1432ه [email protected] http://www.sdweesh.com