بقلم/نعيمه الهايم . كثيرا ما تساءلت من منا يصنع الآخر، هل الذات تصنع المجتمع أم المجتمع يصنع الذات، من أين تستقي المجتمعات قيمها التي تسير وفقها الأفراد وأي خروج عنها يعد فسادا وانحلالا؟ إلى أي حد يشكل الوعي الفكري سلاحا ذي بعد إيجابي في تغيير المجتمع؟ وهل هو قادر على كبح مد تأثير المجتمعات الأخرى أم أنه يكرس لهيمنته؟ إن الأصل في الوجود هو الفرد، بعدها تكونت القبيلة ثم المدينة فالدولة. لذا يعتبر الفرد نواة المجتمع الأولى، وفي إطاره يتم الاتفاق على العديد من المبادئ حفاظا على ثباته واستقراره، والتي تشكل التزاما أخلاقيا لأفراده بغية تحقيق الاستقرار داخله، وتلك المبادئ والالتزامات هو ما يطلق عليها بالقيم، التي يصطبغ بها كل مجتمع ويتميز بها عن مثيله. لذا يمكن القول أن أي نهضة للمجتمع تستوجب حتما نهضة ووعي وحداتها الصغرى أي الذات، هكذا تبلورت فكرة الوعي الفكري للذات وتأثيره على كبح جماح المجتمع وسيطرته على عناصره. غير أن معادلة التأثير والتأثر بين الذات والمجتمع متلازمة ومتسقة ولها حيثياتها الممنهجة. إن ما طفى على سطح المجتمعات العربية برمتها من تداول عادات غير سليمة وصحية يشف مدى تأثير المجتمعات الأخرى على مجتمعاتنا في أبسط سلوكاتها اليومية والتي لا تمس سوى الجانب المظهري للفرد فتطغى على انتماءه وتبدد هويته وأصالته المتجذرة بعمق التاريخ، من خلال تقليد سافر لا ينم عن ضعف فكري. فالانتشار السريع لقصات الشعر الغريبة للجنسين معا وارتداء بعض الملابس المثيرة والتي كانت إلى حد قريب تمس الذوق العام للمجتمع، أصبح الآن مسكوت عنها بل محمود فعلها لأنها تواكب آخر صيحات الموضة. إن تلك العادات هدفت بالأساس تذويب فكر جيل الشباب لأنهم بناة المستقبل، وأي تذويب لأصالتهم وهويتهم هو الخطوة الأولى إلى الانحلال الأخلاقي الذي يقود إلى انهيار المجتمع برمته.