بقلم/ بسمة جمعة * المستشارة الأسرية والتربوية. إن العنف الأسري على اختلاف أشكاله وألوانه يشكل أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات ؛ لما يخلفه من كوارث اجتماعية. ويُعَد هروب الفتيات أو الذكور من المنازل، أحد تلك النتائج التي تُخَلّفها تلك القضايا ؛ وأن هنالك أسبابا مختلفة للهروب من المنزل سواء للفتيات أو الذكور ؛ فالإفراط في التدليل أو الإفراط في القسوة ؛ دافعان يؤديان إلى النتيجة ذاتها ، فالفتاة المدللة التي لا يقوى الأب حتى على سؤالها عن وجهتها ، تهرب من البيت ؛ لأنها تعيش مع أب ضعيف الشخصية تعرف أنه لن يتخذ أي إجراء رادع تجاه سلوكها ؛ وهذا ما يجعلها تهرب من البيت لأنها تدرك جيداً أنه ليس هناك من سيحاسبها. وقد تكون القسوة والتعامل الجاف من الأسرة أيضًا سببًا آخر للهروب ، عندما تشعر الفتاة بالقسوة عليها في هذه المرحلة ؛ فإنها تميل عاطفيًّا للهروب ، ونفس الأمر ينطبق على الشباب. وإن من الأسباب الأخرى ، غياب الإحساس بالراحة في منزل الأسرة، وتفضيل بعض الإخوان يولد شعورًا بأنهم منبوذون من الأسرة ؛ مما يدفعهم للهروب ؛ فالتخلف في الأسرة والتشدد الزائد وفرض الآراء من قِبَل المربي أو المربية دون أي مناقشة ؛ كل هذه أسباب كافية تدفع بهن للهروب. وإن الآثار النفسية التي يخلفها التفكك الأسري ، آثار قاسية في حياة الفتاة تجعلها في حالة تمزق داخلي ومشاعر متناقضة. وهذه الحالة تتطور مع مرور الوقت خاصة في ظل وجود رفقاء السوء ؛ مما يؤدي إلى السقوط في شباك الانحراف والهروب من المنزل والإدمان حتى تقلل الفتاة من إحساسها بالاضطراب ، فيكون رد فعلها ، مبالغة للتعبير عن انتقامها من نفسها ومن أهلها. ويجب تكثيف الدورات الخاصة بالأسر ، واستخدام وسائل الإعلام لنشر خطر العنف داخل الأسرة ، والتواصل مع التربية والتعليم لوضع مناهج معينة لتثقيف التلامذة فيما يخص التربية الأسرية الصحيحة في المراحل الثانوية. وينبغي أن يكون المربي والمربية مهتمين بغرس القيم الإسلامية بنفوس بناتهن منذ الصغر ، وتوفير بيئة روحانية إيمانية بالمنزل عن طريق البعد عمّا يضايقهن، والبعد عن العصبية والعنف مع الأولاد بشكل عام والبنات بشكل خاص.