بالأمس دخلت المسجد لصلاة المغرب وأنا مهموم مغموم وفي كرب عظيم لمشكلة مالية حصلت لي ولم أستطع سدادها، فإذا بالإمام يقرأ آيات من كتاب الله تعالى شعرت وكأنها رسالة ربانية تصف حالي وحال الكثير منّا في هذا الزمان المتقلب وتصف لنا الحل المباشر الذي سنجد نتيجته في الدنيا والآخرة.. حيث قال تعالى: (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ * وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي ۚ إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ * إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ).. نعم هذا هو حالنا اليوم حيث نمر في ضيق وكرب وننسى نِعماً لا تُحصى عشناها من قبل ومازلنا نعيشها الآن متناسين صبر المؤمن الذي من المفترض أن نتميز به كمسلمين، فالصبر على أقدار الله له أجرٍ عظيم. وإن مما يعزي النفوس عند نزول الشدائد، ويصرف عنها موجة الألم لفواجعها ونكباتها الأمل في فرج الله القريب، والثقة في رحمته وعدله؛ إذ هو سبحانه أرحم الراحمين، ومن رحمته لعباده أنه لا يتابع عليهم الشدائد، ولا يكرههم بكثرة النوائب، بل يعقب الشدة بالسعة والرخاء، والابتلاء بالرحمة وسابغ النعماء، كما قال تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) فقد تكرر اليسر بعد العسر مرتين. ترويقة: أيها المهموم لا تحزن على ما في الحياه من هموم وملمات، فما خلقنا فيها إلا لنمتحن ونبتلي حتى يرانا الله هل نصبر؟! لذلك هون عليك ولا تتكدر وتأكد بأن الفرج قريب، وعليك التركيز على النعم التي حباك الله إياها وعدم التركيز على ما فقدته وخسرته، فإذا خسرت المال أو العمل عليك النظر إلى نعمة الصحة والعائلة، وإذا خسرت الصحة عليك النظر إلى نعمة الدين، وهذا هو حال المسلم وديدنه؛ لأن الصبر انعكاس لقوة إيمانه ويقينه، اللهم نسألك صبراً وفرجاً لا ضيق بعده. ومضة: قال تعالى: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).