إن من رحمة الله لعباده أن جعل لهم مواسم للخيرات تتوالى فبعد رمضان وست من شوال وعشر ذي الحجة ويوم عرفه فانتهت سنة بموسم خير وهانحن نستقبل العام الهجري الجديد بموسم خير وهو صيام يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر الله المحرم 10 /1 /1443ه وهو يوافق يوم الخميس يوم عاشوراء من أيام الله المشهودة، وله شأنٌ عظيم في قلوب عبادة المؤمنين، وهو اليوم الذي نجّى الله -سبحانه- فيه موسى -عليه السلام- من فرعون وجنده، بعد أنْ أغرقهم الله، وكفّ أذاهم عن موسى ومن آمن معه، في مشهد يُرسّخ الإيمان بالنّصر والتمكين في قلوب الصابرين على دينهم، وقد كان موسى -عليه السلام- يصوم هذا اليوم شُكراً لله وثناء - على نعمته وفَضْله، وإن أهل الكتاب يعظّمون هذا اليوم ويصومنه، وكانت قريش قبل الإسلام تصومه، وقد صامه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وأمر بصيامه قبل أنْ يُفرض صيام شهر رمضان؛ إذ أخرج الإمام البخاريّ في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- : (كانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجَاهِلِيَّةِ، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ تَرَكَ يَومَ عَاشُورَاءَ، فمَن شَاءَ صَامَهُ، ومَن شَاءَ تَرَكَهُ)، وقد أخرج الإمام مسلم عن أبي قتادة -رضي الله عنه- في بيان فَضْل صيام عاشوراء: (صِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ). إن يوم عاشوراء من أيام الله العظيمة، لذا يحسُن بالمسلم في هذا اليوم أنْ يجتهد في أمور عدّة، ومن ذلك: صيام يوم عاشوراء: يُستحَبّ للمسلم صيام يوم عاشوراء،وصيام يومٍ قَبله، أو يومٍ بَعده؛ لِما ثبت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- : (لَئِنْ بَقِيتُ إلى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ)، فصامه موسى شكراً لله -تعالى-، وصامه نبينا -صلى الله عليه وسلم- وأمر بصيامه، ورتَّب الله -سبحانه- على صيامه الأجر العظيم، فصيامه يُكفِّر ذنوب سَنة ماضية، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ، وصِيامُ يومِ عاشُوراءَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التِي قَبْلَهُ). وذكر ابن القيّم -رحمه الله- أنّ صيام يوم عاشوراء يكون على ثلاث مراتب، أَكملها صيام التاسع والعاشر والحادي عشر من مُحرَّم، ثمّ صيام التاسع والعاشر، ثمّ صيام العاشر فقط، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- بعدم كراهة إفراد عاشوراء بالصيام. إذا مراتب صيام يوم عاشوراء صيام اليوم العاشر من شهر الله المُحرَّم عبادةٌ جليلة وقُربة وفضيلة، كما أنّ صيامه على ثلاث مراتب متفاوتة، وهي: المرتبة الأولى: صوم التاسع والعاشر والحادي عشر، وهذا أكملها وأفضلها لما فيه من زيادة الخير والطاعة. المرتبة الثانية : صوم التاسع والعاشر، وهذا عليه أكثر الأحاديث، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لئِنْ بَقِيتُ إلى قابِلٍ، لأَصومَنَّ التاسِعَ). المرتبة الثالثة: صوم العاشر وحده، ولا كراهة في إفراده في الصوم عند كثير من العلماء. وقال أهل العلم إنَّ الحكمة من صوم اليوم التاسع أو الحادي عشر مع عاشوراء هي: "الاحتياط له؛ لاحتمال الغلط في أوّل الشهر، ولمخالفة اليهود فإنَّهم يصومون العاشر، والاحتراز من إفراده بالصوم، كما في يوم الجمعة". ففي يوم عاشوراء: يُستحَبّ إحياؤها بالعبادات وسائر الطاعات.. وحريٌّ أن يحرص المسلم على صيام هذا اليوم المبارك؛ اقتداءً بهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولينال مغفرة الله وفضله.