بقلم/مها غبشان القرني ✒ الحياة الدنيا دار شقاء ودار فناء، تسعدك تارة وتحزنك تارة، وبين هذا وهذا تتلاطم بك الأمواج، وتتصادم عندك الأراء، وتتشابه لك الوجوه، ولا تبصرُ الحقائق ولا تدقق في الصغائر، وتصبح هشاً ضعيفاً يكسرك الزمان، وترى شباك المصائد في نواحيك، كلٌ يتجاذبك؛ ليجعلك طُعمه وشر نقمه، وأنت هالك تحسب أنك تنجو من خوف المهالك. تبعثرت المشاعر، ودفنت الملامح، وطويت المرافئ، وبت فريسة الحضن الدافئ، والحلم الهادئ، بت مقبرةً عافتها السنين، فلا مرور أحد ولا سلام دار قوم مؤمنين. قال تعالى في هدى العالمين: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً}. الضعف حالة ملازمة لبني آدم وإن بلغوا من القوة ما بلغوا فعلى قدر ما يكون الإنسان من هيبة وقوة ونفوذ إلا إن النفس البشرية يعتريها الهوان والضعف فلا يقدر على تملكها في كثير من الأحيان، فيظل يصارع جوانب الحياة من عمل وانشغال وتضحية وعطاء وما يلبث إلا أن يتخبط. ما عرف أن في زحمة التكاليف وضجة الانكسارات روحٌ محتاجة ونفسٌ غير مرتاحة، فيحصل الامتحان وتظهر حقيقة الامتنان، ويكون الانكسار، فتتناوله الوجوه المستبدة يظن أن النفس ناجية وما هي إلا فاقرة، فهذا يرشد وهذا يفرض وهذا يخلق من لا شيء، والغرابة تكمن في أن كلاً منهم رأى من مصلحته مرآة يعزز بها نفسه ويثري رغباته على حساب ذاك الشخص الذي يهوي ويتألم. فعند الإفاقة ومداركة الحالة قد علمت أنك كنت مصروعاً طرحتك تيارات الأزمات المترددة، وبان المستور وانكشف المغمور، فإذا وقفت على الحيلِ والأقدام واستجماع القوةِ والإقدام، فما يبقى سوى مشاعر مبعثرة لالتماس الأعذار ومعاتبة الأحباب، فلا تلاحق من استغنى فأنت عنه أغنى، ولا تعاتب من أهمل فحياتك بفراقه أجمل. *وما هذا إلا من ابتلاء الإله وتراوح الحياة؛ لتعلم أن المسلك الصحيح والملاذ الآمن هي انبثاق الدعاء وكشف الستار لربٍ خالق العباد. *لملم مشاعرك المبعثرة، لملم جراحك المنكسرة، لملم مواقفك المدمرة . الكاتبة/مها بنت غبشان القرني.