لاحزن لمن يودع رمضان سوى من فرط في العمل الصالح، أو اعتقد أن الله عزّ وجلّ يغفل عن غفران الذنوب مهما عظمت، أما من يعتقد جازمًا أن الله غفور رحيم، يغفر الذنب مهما عظم، فهنيئًا له بتوبة نصوح، ألم يقل الله تعالى وقوله الحق: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } فكيف بنا ونحن قد خرجنا من فرصة ربانية عظيمة، يقول صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر ) أيها الفضلاء: ماذا أعددنا في نهاية هذا الشهر الذي انصرم( رمضان)؟ أليس نهايته عيد..؟ عيد شرعه الله تعالى ولنا في سيرة أعظم البشر عليه الصلاة والسلام، سنة عظيمة في استقبال العيد، والفرحة والبهجة به، وفق ما شرع الله. ما أعظم ديننا حينما جعل تلك الجوائز والحوافز في الدنيا؛ لنتذكر بها جوائز أعظم في جنات الخلود. فهل نتحدث يا ترى عن حوافز وجوائز الصبر( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) ما أعظمك يا ربي.. أم نتحدث عن حوافز الطاعة والامتثال، لعمل سري بيننا وبين خالقنا لا يعلم البشر منه ولا مقدار الذرة( إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به..) أم نتحدث عن نهاية مطاف من الطاعة، شرع لنا فيه الأكل والشرب والفرح، وتبادل التهاني والزكاة التي من خلالها نستلهم كثيرًا من معاني الإخاء والتلاحم في المجتمع المسلم. يا عيد قد جئت والأفراح تغمرنا وأمة المجد والأمجاد تبتسم تستقبل العيدَ روحُ تنشر الأمل وتبعث الفألَ والآمال ترتسم العيد فرحة وعبادة، العيد ليس لفئة دون الأخرى؛ إنما هو كالعبق الأصيل يبقى في كل نفس ملئت بطاعة الله، واستطاعت من خلال ذلك تغليب جانب الفأل والسعد بعيدًا عن ما قد يعكر صفوها، أو يعتريها من هموم الدنيا.. العيد فرحة عميقة، ارتبطت بمبدأ عميق، وشرع أصيل لا تغيره المواقف ولا تزعزه عوارض السنين.. العيد سنن ربانية، صلاة، وذكر، وتكبير، وفرحة.. أيها المبتهجون: مالذي يمنع من الفرح وهو في طاعة الله..؟! إن أجمل الفرح ما كان أصله في الدين، بين واجب وسنة ومندوب، يتكاتف فيه المسلمون يدًا واحدة، وقلوب بيضاء تنبع بالحب الصافي، وهم يتذكرون أن تلك المحبة( لا فرق فيها بين عربي وأعجمي، ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى) والتقوى تتطلب منا طاعة الله، فكيف إذا كانت هذه الطاعة فرحة للعالم الإسلامي بأسره( هذا هو عيد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها) قلوب بيضاء .. تلك التي تفتح مع العيد صفحة بيضاء ناصعة، جديدة، لا تشوبها شوائب تلك الدنيا الفانية.. ومع تلك القلوب البيضاء، يأتي العيد كفرحة أم صادقة، لا تغيب ذكراها وإن غابت. ويأتي العيد كبراءة طفلة لا تلتفت لمغريات الدنيا حولها سوى أمان وحلوى.. ما أجمل العيد والحنّاء في يدها وصوت ضحكتها مثل الأغاريدِ ما أجمل العيد في طفل يطالعنا تقول عيناه حبًا:أعطني عيدي ما أجمل العيد في شيخ يعلّمنا درس السنين بتكبير وتحميد ندعو لمن رحلوا والذكريات بنا شجيّة بين مفقود ومولودِ شوقا وحبا لمن غابوا ومن حضروا تُخفي دموعَ حنيني فرحة العيدِ يأتي العيد... وتُفتح معه نافذة نُطل من خلالها على كل قلب نقي يُسعد غيره فيما يرضي الله؛ ليسعد في الدنيا والآخرة. اللهم املأ قلوبنا بالإيمان، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان..