✒ لاشك أن المحبة أنواع ، والحب من المشاعر التي تبهج الخاطر وتبعث السرور والإنشراح ،ولسنا بصدد التحدث عن بحرها ، سواء البحر الهادىء، أو المتلاطم بالأمواج لكن ينبغي علينا أن نميز بين مشاعرنا ،التي تنتج عن أفكارنا وبالتالي تحدد سلوكياتنا ، فبعض الفروقات لابد أن ندركها وبعض العلاقات تستلزم أن نعي تفاصيلها وأدبياتها ، لاسيما وإننا في عصر العلم والمعرفة ، وقد أسهب علماء الاجتماع منذ مؤسسه الأول العالم الشمولي الجهبذ : ابن خلدون إلى وقتنا الحاضر فأصبح علم يدرس في الجامعات ،وفيه ألف الكثير من الكتب ، حتى وصل الى ذكاءاته المتعددة كالذكاء الإجتماعي والذكاء العاطفي وفنياته لذلك ،واسمحولي أن اتحدث عن هذه الجزئية الخفيفة واللطيفة بما يعرف ب " فن المسافات" لكي تصبح حياتنا أجمل ولنتصالح مع انفسنا . فالمسافة هي التي حمت الأرض من الإحتراق بالشمس لو اقتربت أكثر لاحترقت ،ولو ابتعدت أكثر لتجمّدت. ولابد ان نفهم ان ليس كل من نتعامل معه بكل رقي حبيب او خليل ، او كما يحلو للبعض توئم روحي ، مهما بلغت ثقتك بهذا الشخص ،لاتفتح له من غرف حياتك، سوى غرفة الضيوف . وهذا لاينافي أن تكون علاقتنا مع الآخرين مبنية على الإحترام والتقدير . فبعض الطيبين الإيجابين نرتاح لهم ،ونستفيد من خبراتهم وتجاربهم ،فلكلماتهم الإيجابية اعظم الأثر الذي يبعث في النفس التفاؤل وروح الأمل ،ويحفزنا إلى فعل الخير . لذلك نقدرهم ونجلهم ونحرص على محتواهم القيّم ،ولأنهم يجعلوننا سعداء، بإبتساماتهم وخفة ظلهم ودماثة اخلاقهم ، حتى لو خرجوا قليلاً عن جادة الصواب فهم غير معصومين من الزلل والخلل ،سرعان مايعودون أوابين معترفين بتقصيرهم ،وفي مزاحهم مع غيرهم يلتزمون بحدود الأدب، يلاطفون الآخرين دون استحقار او تهكم على احد . وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : عندما سألته العجوز ، أنه لاطفها ومازحها واشعرها بالأهمية وقال لايدخل الجنة عجوز إلى أن اوضح لها سؤالها. هذا الطرح اللطيف والراقي، والذي يلامس واقعنا وحياتنا ،ويساهم في تحسين حالتنا المزاجية وتطوير حياتنا للأفضل ، هو مانحتاجه اليوم في ظل مانشاهده من إختلاط الحابل والنابل ، والإزدواجية في التعامل ،وحصول الكثير من خيبات الأمل ، وانتشار تجار الأنانية ، الذين ليس لهم هم الا ملء جيوبهم، والفوز بالكثير من الاعلانات الغير صحية ،وإسعاد انفسهم ، دون الإكتراث بمشاعر الآخرين ،وصحتهم النفسية والجسدية . ومن يحبك صدقاً ،يحب لك كما يحب لنفسه . لذلك لنحسن الإختيار ، ونرتقي في تعاملنا مع الآخرين ولعلنا اكتسبنا من جائحة كارونا " فن التباعد الصحي " لنتقن " فن التباعد الاجتماعي " فكن مهندس مسافات ،واحسب خطواتك بدقة. بقلم : أ / حمود الديحاني