✒كأن روح الخير بداخلنا تختنق بين حين وآخر وهي تصارع حروبها في داخلنا تغلب الهوى تارة وتغلب الشيطان أخرى وتزاحم الوساوس والأفكار بالذكر والطاعات وقراءة المعوذات لتصنع حصناَ منيعاً تجاه مايستجد ومايطرأ من ملذات وفتن وملهيات. عام كامل وهي في كبد! حتى يهل هلال البِشر والخير هلال رمضان.. هلال شهر الرحمات والعتق من النيران فتخف عن الروح المثقلة الكثير من الأثقال ويخف حملها فتراها جادة مبادرة للطاعة والخير وكسب الأجور وكل ذلك يقام بفرح وحب وسرور بلا كلل ولا ملل. فتلقى الناس يسارعون الخطى لمرضاة الله فهذا تالياً للقرآن، وهذا متصدقاً، وهذا مُطعماً، وهذا مصلياً وذاك يردد خلف المؤذن الأذآن (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) الكل في خير وإلى خير ياباغي الخير أقبل ويا باغي الشر أدبر. أيامٌ نقية.. ليالٍ عظيمة.. أرواحٌ بيضاء.. أنفس تسعى للطهر.. قلوب ترجو العفو.. أعينٌ تدمع خشية.. وجوه خاشعة تكاد تتكلم تفاصيلها عما تكنه قلوب أصحابها.. أيدٍ ممتدة نحو السماء ترجو من الله رحمةً وعتقاً وعفواً وغفرانا. صوت التلاوات ينشر السكينة في الأرجاء ويبث الطمأنينة في النفوس ويبعث الأمل من جديد وينفض عنها غبار القنوط.. ويقشع عنها سواد الذنوب.. ما أجملك وما أعظمك يارمضان! خير يسوق الخير ورحمة تسوق رحمات هل أنت غيث يا رمضان؟ أغثت بفضائل لياليك القلوب.. وعطرت الأرجاء بذكر الله فتنفست الدنيا وانشرحت الصدور وطغت ملامح الرضا على الوجوه..وحمد على بلوغ أيامك الصغير قبل الكبير.. وكيف لا يكون كل هذا؟ وقد صفدت بدخولك المردة من الجن الشياطين ، وأغلقت أبواب النار وفتحت أبواب الجنة والدعوات مجابة أي نعيم نحن فيه! يالله كم شهرك الفضيل عظيم! كم أنت ياربي عظيم! مننت وتفضلت علينا بشهر رمضان شهر القرآن. العمل الصالح فيه مضاعف، والحسنات كالجبال ولو كان العمل قليل ويسير.. وفيك ليلة القدر التي يفرق فيها كل أمرٍ حكيم، ويقدر الله فيها الأقدار والأعمار والأجآل وينزل الروح فيها والملائكة، وهي خير من ألف شهر وحث على اغتنامها الطاهر الأمين النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فقال (مَن يَقُمْ ليلةَ القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنبِه) وخير مايقال فيها (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني). رب عظيم وشهر عظيم وعبادٌ فقراء يرجون منك العفو والصفح ودخول الجنان. لقد كبحت لجام الهوى والشهوات أيها المسلم وروضت نفسك ترويض الصالحين . فلا يفتر لسانك عن الذكر ولا يهدأ لك نبض حتى تُري الله منك كل خير وأنك تجاهد نفسك لتصل لمرضاته فهو المراد والمقصد ونعم (المقصد والمراد) . رمضان كله خير فأقبل بخيلك على هذا الخير وسابق وداحم أهل الخير كي تفوز وتغنم وتنعم. بقلم/دولة الكناني