✒ منذ نعومة أظفاري وأنا أحب الكلام عن بعض تفاصيل حياتي مع بعض المقربين، وكلما مرة أسمع الرد: "استعين على قضاء حوائجك بالكتمان، فكل ذي نعمةٍ محسود"، طالبين مني الالتزام بهذا العبارة .. وفي هذا السياق يقول الإمام بن الجوزى: "إكتم عن الناس ذهبك وذهابك ومذهبك" .. ذهبك: هو نعم الله عليك.. وذهابك: هو كل أمر تنوى عمله.. وأما مذهبك: فهو الترفع عن سجالات لا تفيد .. احذر من نثر مشاعرك فرحاً أو حزناً لكل الناس، فليس كلهم يعطي الطريق حقه، وليس كلهم عفيفاً في غض بصره، أو غض حسده أو غض فضوله، فليس الجميع لديهم حسن النوايا على فرحتك ونعمتك وصحتك وسعادتك، وليس كل شيء يحكى، بل استعين على قضاء حوائجك بالكتمان .. وليس الهدف من الكتمان تجنب العين والحسد فقط، بل ما هو أعمق، أي أستعين بالكتمان كي لا تصاب بخيبات الأمل فهي أكثر إيلاماً، واستعين بالكتمان؛ حتى لا تهدر طاقتك في القول بدلاً من الفعل، والكتمان بما تريد فعله يحررك من الضغط والشعور بالخوف من الفشل، فمع تعليقات الآخرين ومعرفتهم قد يتولد لديك شعور بأنك لا بد أن تنجح لتتجنب التعليقات السلبية .. *ترويقة: هل كل ذو نعمةٍ محسود؟ قضاء الحوائج بالكتمان لا شك أنه يختلف من شخص لآخر، أحياناً يكون الأفضل للإنسان أن يعلن الحاجة ليقتدي به الناس، وأحياناً يكون الأفضل أن يخفيها، لا سيما في مثل زماننا هذا الذي كثر فيه الحساد، وكثر فيه من يعتدون على الناس، ربما لو أبديتَ حاجتك للناس نكَّدوها عليك .. *ومضة: ألم يخشَ سيدنا يعقوب عليه السلام على ابنه يوسف عليه السلام من حسدِ إخوته وكيدهم فطلب منه أن يكتم مجرد حلمٍ حلم به "لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا" ..