✒هذه قصة والدة عانت مع ابنتها في رحلة الإجلاء: ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت ، وكنت أظنها لا تفرج لقد حجزتْ وكانت رحلتها ليلاً لتستيقظ صباح يومها وقد أُغلقت مطارات السعودية وتوقفت الرحلات ، لكنها لم تستسلم شعارها العودة إلى الوطن!! بدأتْ بالتواصل مع سفارة المملكة والملحقية وعبر منصات التواصل الاجتماعي، وهنا يبرز دور رجالات الدولة وما تحلوا به من شهامة وكرم أخلاق، وأنا كأم تواصلتُ معهم، وحقيقة وبدون تأخير مجرد أغرد على تويتر يتم التواصل معي ويسمعوني أطيب كلام يطمئني ، ودائما يقولون لي أي شيء تحتاجه بناتنا نحن نوفره لهن بكل رحابة صدر وامتنان، وأن المملكة تبذل قصارى جهودها لإجلاء مواطينها وعودتهم إلى أرض الوطن ، قضتْ ثلاثة أسابيع محجورة في شقتها الأكل بالكاد يسد رمقها و الأخبار مقلقة أعداد المصابين بكورونا تتضاعف يوما بعد يوم ، يصعب عليها النوم ، حتى تعذر عليها مواصلة عملها في المنزل ، شبكة الأنترنيت ضعيفة ، ومشرف الدكتوراه يريد عمله كاملا في الوقت المحدد ، كم صعب على الإنسان أن يشعر بالضغط النفسي ولا يوجد من يؤازرك ويساعدك فلا حول ولا قوة لك إلا بالله!!!!! حتى جاء فجر يوم الاثنين23مارس وفيه تم حظر التجول من السابعة مساء إلى السادسة صباحا، أرسلتْ لي رسالة تقول فيها أمي ربما استطيع القدوم إليكم !! كيف ذلك يا ابنتي؟؟لاوقت لدي فيما بعد سأوضح لك كل شيء...انتظرتها حتى الثالثة فجراً وقالتْ سأذهب إلى لندن مع سائق تاكسي خاص وأسافر عبر مطار هيثرو إلى البحرين مع صديقة لي في لندن ،لم أنم ليلتها خوفاً على ابنتي حتى وصلت ، ومباشرة من بيت صديقتها إلى المطار وقلتُ لها لن أبلغَ أحداً حتى أطمئن أنكِ صعدتي الطائرة وأقلعتْ بكم ، فعلا هذا ماحصل ، في الثانية عشر ظهرا من يوم الاثنين أقلعت الطائرة وطار قلبي ولُبي معها حتى هبطت في مطار البحرين بحمد الله ، وأنا بدوري اتصلتُ على سفارة المملكة في البحرين وأخبرتهم بقدوم ابنتي.. بماذا أصفهم يعجز اللسان وتقصر كلمات قواميس اللغة مجتمعة أن تصف الحفاوة والتكريم وحُسن الاستقبال للجميع، وبعد الفحص الطبي تم نقل السالم منهم إلى فنادق خمسة نجوم ، وطلباتهم كأنها أوامر تُنَفذ ، كل شيء على مايُرام ، لكن عندما تخلو النفس تعمل وسوسة الشيطان فكنتُ دائما أذكرها بأن مع العسر يسراً، كانت الأيام تمر بطيئاً،ليس عليها فقط وإنما على العالم أجمع، سمعنا أنه سيتم إجلاء السعوديين المتواجدين في البحرين إلى السعودية خلال أربعة أيام عبر جسر الملك فهد، انتهى اليوم الأول ولم تكن ابنتي مع الدفعة الأولى،لكنها كانت مع الدفعة الثانية في يوم الاربعاء8أبريل ومع ساعات الظهيرة الأولى بدأتْ عملية الإجلاء وانزالهم من غرفهم في الفندق وركوبهم الحافلات استعداداً للإنطلاق. ما أسعدها من ساعات وما أكرمها من لحظات تجد رجال سلمان يعزون شعبهم ويُكرموهم أيما إكرام ومعزة....آلاف الناس شاهدتْ عملية نقلهم من حافلات عامة إلى السفارة السعودية ومنها أقلوهم بحافلات كبيرة حتى يتسنى للركاب أن يجلسوا بأريحية مابين الراكب والآخر ثلاثة كراسي فارغة وتم نقلُ أمتعتهم بسيارات خاصة وكان رجال سلمان -بيض الله وجههم- معهم لحظة بلحظة ومتابعة أمورهم وطلبوا منهم أن يجلسوا ويرتاحوا في أماكنهم في الحافلات، وصعد إليهم رجال الصحة -وفقهم الله- وسألوهم بعض الاسئلة واستمروا معهم حتى اتمام أوراقهم ومعاملاتهم وتختيم جوازاتهم، وفوق كل هذا وقفوا لوداعهم يلوحون لهم بإيدّ ٍ كريمة بيضاء ، أما عند الحدود والجمارك السعودية فكان الترحيب بهم له طعم الوطنية ورائحة هواء الوطن ممتزج بالراحة والاطمئنان والاحساس بالأمن والسلام. ما أجمل المواطنين وهم يقلون الحافلة وهم يرددون سارعي للمجد والعلياء مابين ابتسامة فرح ودمعة أمل وعودة لأرض الوطن ، وسارت الحافلة حتى وصلت بالسلامة أمام الفندق ليجدوا رجال الأمن في انتظارهم يرحبون بهم ويوزعون عليهم المعقمات والقفازات والكمامات وأوراق يكتبوا فيها بعض المعلومات ليتسنى لهم دخولهم في غرف الفندق ويتم حجرهم من جديد ، هذا كله يكلف الوطن مبالغ طائلة ومساعي وجهد مبذول في سبيل سلامة المواطن وسلامة الوطن. الحمد لله كل شخص له غرفة منفردة ، وتوزيع الوجبات وغسيل ملابسهم، كل شي مجانا.. لا يسعني في النهاية إلا أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان لخادم الحرمين الشرفين وولي عهده الأمين وشكرا لوطني وبلدي مملكة العز والخير والكرم وشكرا لرجال الأمن رجال وزارة الداخليةجميعا والشكر موصول لكل فرد دون استثناء من البروفيسور إلى عامل النظافة في وزارة الصحة وشكراً لكل الوزارات ولكل الشركات ولكل من ساهم في الحفاظ على الوطن والمواطن وتوفير سُبل الحياة للمواطن والمقيم دام عزك ياوطن والله مامثلك بهالدنيا بلد الله الي عزنا مالحد منة.