لا ينكر إلا جاهل أو متجاهل أو حاقد الدور الرائد لدولة الإمارات العربية المتحدة والمتجسد في الاهتمام الكبير بالأدب العربي بكافة فنونه الأمر الذي أدى إلى نفخ الروح فيه وإحياء قيمته الإنسانية وتنشيط التفاعل بين مكوناته، فالحركة الثقافية في الإمارات والمتمثلة بمؤسسات ثقافية كبيرة لها أنشطتها الحاضنة للإبداع والمبدعين من المحيط إلى الخليج كانت وما زالت لها صداها الكبير في وطننا العربي بما تقيمه من مواسم ثقافية ومسابقات ومهرجانات أدبية تشد لها الرحال وتستحق العدة والاستعداد الأمر الذي يشكل دافعًا قويًا وحافزًا مهمًا للمبدعين العرب للمشاركة في هذه التظاهرات الثقافية الكبرى والمنافسة على ما تمنحه من حضور إعلامي وتعزيز معنوي وتفاعل كبير مع جمهور مهتم ومتابع ناهيك عن الدعم المادي وتبني الإبداعات ونشرها وتسليط الضوء عليها. لا أريد أن أتطرق إلى تفاصيل أوسع فأغلب ظني أنه لا يوجد في جمهورنا الأدبي العربي من لم يشاهد أو يسمع عن أمير الشعراء وشاعر المليون ومهرجان الشارقة وإصدارات دبي الثقافية والاهتمام بالترجمة والطباعة والنشر، أورد ما سبق على سبيل المثال لا الحصر .. والأهم من هذا أن قائمة طويلة من المبدعين من مختلف البلدان العربية بل ومن المهجر لم نعرفهم أو نتعرف على نتاجهم الفكري والثقافي والأدبي إلا من خلال هذه المواسم والفعاليات الثقافية المقامة في الإمارات ، ناهيك أن هذه المواسم والفعاليات خلقت فضاءًا واسعًا للتلاقي والتعارف بين الأدباء والمثقفين العرب وهو الأمر الذي أتاح فرصًا لا تعوض للإطلاع على التجارب الإبداعية المختلفة عن كثب وتبادل الرؤى والأفكار وتعزيز العلاقات بين المؤسسات الثقافية ببعضها وتعميق الأواصر الإنسانية والثقافية بين المبدعين ولكوني حاضرة هذه الأيام في مهرجان الشارقة للشعر الشعبي والذي تشرفت بحضوره العام الماضي كذلك، والذي يقام سنويًا برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ولكوني وجدت في هذا المهرجان أنموذجًا عظيمًا لمدى الاهتمام بالثقافة والأدب في الأمارات ككل وفي الشارقة على وجه الخصوص فقد حاولت التطرق لهذا الأمر بكتابة هذه السطور التي لن تنفيه حقه، فمهرجان الشارقة للشعر الشعبي يعد من أكبر المهرجانات المتخصصة في هذا الجانب، نبع من رؤية عميقة لأهمية الشعر الشعبي ومدى ارتباطه بالبيئة الخليجية والعربية بشكل عام وبالهوية كذلك ولما لهذا الفن الأدبي من جذور قوية في الذاكرة الشعبية لارتباطه بكثير من الأحداث التي كان له دوره في توثيقها ونقلها من جيل إلى جيل ومن مكان إلى آخر فلغته ومفرداته القريبة من اللغة اليومية المتداولة في مجتمعاتنا جعله جزءًا لا يتجزأ من موروثنا وحاضرنا الثقافي يتناقل بالرواية أكثر من الكتابة وتردده الألسن استشهادًا في مختلف الأحداث اليومية فهو الأقرب إلى الذاكرة العامة منقولًا عن الأجداد وحاضرًا في قرائح الأحفاد، وانطلاقًا من هذه الرؤية جاء هذا المهرجان العظيم والذي يعد تظاهرة ثقافية كبرى فمن خلال فعالياته المختلفة يذكر ويخلد هذا التراث الأدبي ورواده الأوائل ويكرم من لهم باع فيه حاضر ًا ويسلط الضوء على الكثير من المواهب الإبداعية الجديدة ويمنحها فرصة للظهور ويتبنى الكثير من الأعمال الإبداعية بنشرها والاحتفاء بتوقيع ما أنجز في هذا الجانب.. وعلى كل فهذا غيض من فيض ما هو حاصل وواقع وليس غريبًا على الشارقة كل هذا الإنجاز والعطاء فهي المشرقة دائمًا في قلوب محبيها. نستنتج من مجمل ما ذكرت أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت وما زالت السباقة والرائدة في كافة المجالات ومنها هذا الاهتمام والدعم اللامحدود للأدب والثقافة والذي يعد تعزيزًا للهوية العربية وللوحدة الثقافية العربية الأمر الذي يعزز مكانتها في قلب كل عربي ويجعلها قبلة العرب الثقافية وبيت الأدب العربي.