يخجل القلب عندما يرى حُسن تدبير ربه لامور ويتلمس خفايا لطفه وينتشي عندما يُبصر بذرة الانس بربه بدأت تكبر وتمتد جذورها في ارضه عندها فقط يذوب خجلاً من ربه لو باح بمكنون قلبه لغيره او التفت لزينةٍ زائفة تزوول بل إنه وبكل فخر واعتزاز ينفض كلتا يديه من كل امر دنيوي يرى غيره يتنافس فيه -ولو كان مباحاً - هذه وربي هي أُنس تلك المضغة التي منّ عليها بارئها وعرفها طريقه واذاقها قربه من يراها يظن انها قاسية متحجرة لا تدرك من معنى الحياة الا اسمها فقط والحقيقة انها تحيا الحياة الصحيحه وتعيش الغربة عن ملهيات الدنيا وزينتها ، لكن طعم هذه الغربة إن مزجته بالقرب من الله ومرضاته طغت عليها هذه المشاعر ولا ابالغ إن قلت ان الغربة ازداد طعمها لذةً وحلاوة سرت في عروق القلب فأنبتت اطيب الثمر و ذلك القلب الذي هو اعظم مافي الانسان وهو ايضاً محل نظر المولى - جل وعلا - فكيف ستكون تلك النظرة ! لقلبٍ سعى لها واستشعرها ! وكيف سيكون أثرها عليه ! هل ستمر عليه النعمه من دون ان يقف عليها متأملاً منّة مولاه عليه ؟! ام تراه لا يبالي بغفلته عن ذكر ربه ! وكيف حاله عندما يتلقى تنبيهاً من ربه - سبحانه - هل سيسخط ! او يتجزع ويقنط من رحمة ربه ام تراه ثبت واحسن بربه الظن و ابصر بعينه وعلم يقيناً أن عطى ربه كرم وتفضل وحرمانه رحمة منه به ! فيزداد لربه حُباً ورضاً وتسليماً ويقيناً بأنه سائر الى ربه وأنه كلما غفل رده الرحيم لحماه ،، وكلما تلطخ بذنب جاءه ماء التكفير سريعاً باذن ربه فيُطهره به في الدنيا ليمشى على الارض كما لو انها خطواته الاولى عليها نقياً من كل ذنب وخطيئة وكله يقيناً بما ادخره ربه له من خير سيفرح به ويأمن ! والله يا أحبه إنها لنعمة عظيمة أن نُرزق الأنس بربنا - تبارك وتعالى - وأن نتذوق ما ذاقه سلفنا الصالح من حلاوة هذا الانس فكيف السبيل لها والقلوب قد ران عليها ذنبها ! وتراكم ! سبيلها الوحيد هو العودة والإنابة ل خالقها سبحانه ومداومة الاستغفار فهو كما يقال ( صابون المذنبين ) حتى يزول رجسها وتعود كما كانت فإن الاستغفار مفتاحاً عظيماً لخزائن الكريم الوهاب ولنا في نبينا صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يستغفر في مجلسه الواحد ما بين السبعين الى المئة مرة ! هذا وهو الذي غفر له ذنبه كله ! وختاماً علينا ان نلهج للكريم سبحانه ان يهب لنا قلوباً حيه مؤمنة به وأن يكرمنا جميعاً بالأنس به والحياة الطيبه التي يرضاها لنا.