الحرية من أكثر المفاهيم طرحاً على الساحة الإعلامية ويهتم بها الكبار والشباب، الرجال والنساء، بالإضافة إلى أنّها من أكثر المواضيع التي تواجه الفكر الإنساني في وقتنا الحاضرصعوبةً وتعقيداً . فالإنسان بطبيعته الفطرية اجتماعياً لا يمكن له العيش منعزلاً عن الناس، لذلك يجب أن يعي جيداً حدود حريته؛ سواءً العامة أو الخاصة، حتى يتسنى له إشباع حاجاته الفكرية بدون مخالفة أو تعدٍّ على حريات الآخرين، خاصةً وأنّ التعدي على بعضها من شأنّه أن يُصنّف اختراقاً للقوانين. لذلك يجب التركيز على معرفة مفهوم الحريات العامة وهي التي تتدّخل الدولة فيها لتنظيم ممارسة الأفراد لحرياتهم فيما بينهم. ولكل مجتمع تنظيم معين للحريات يتوافق مع عاداته وأعرافه وتقاليده الاجتماعية، فمجتمع بدون حريات يُصبح مجتمعاً تعسفيّاً، كما أنّ حريةً بدون ضوابط قانونية ينتج عنها مجتمع فوضوي. هناك أشكال عديدة تتمثل بالحرية العامة، منها حرية الفكر بحيث لا يتعدى التفكير حدود ما ميّزنا به الدين الإسلامي وهو بأن نملك عقلاً مفكراً لديه القدرة على موازنة الأمور والحكم عليها وإدراك كل ما له علاقة بالأوامر والنواهي. فالتفكير يُناط عليه المبادئ والأخلاقيات التي يتحلى بها الإنسان، بحيث يعكس مدى رقي تعاملاته أو ما عكس ذلك. وهناك أيضاً حرية التعبير والتي تندرج من ضمنها حرية الصحافة والكتابة والنشر، وجميعها مربوطة بقواعد قانونية يجب ألّا يتعداها الفرد كي لا تنتقل من حق له إلى حقٍ عليه، مما يستدعي إيقاع العقوبات والجزاءات بحقه، فحرية المرء تنتهي عندما تمس وتتعدى على حريات الغير. احترامنا للقوانين صمام أمان لمجتمعنا بأكمله، ففي الوقت الذي نُطالب الناس باحترامنا يجب علينا أولاً أن نبادلهم ذات الأمر، ولكي نحقق مطلبنا المرجو من الحرية وحقوق الإنسان يتوّجب علينا أن نتعامل مع الآخرين من هذا المنطلق أيضاً. فعلى سبيل المثال، إرسال رسالة نصيّة أو كتابة تعليق على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي لشخص صَدَر منه تصرّف سيىء تجاهك يحتوي على عبارات سب وقذف قد يُعرضك للعقوبة حسب أحكام نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، ولا يلغي ذلك التحجج بالغضب أو الجهل بالأنظمة أو غيرها من الأسباب الواهية الأخرى، فالقوانين وجدت لتحمي كل فرد من التعدي على حرياته وحقوقه. أخيراً، أتمنى أن يكون هنالك ضوابط صريحة وواضحة تقنن المفاهيم التي تفتقر لذلك للمساهمة ببناء منظومة متكاملة ذات وعي قانوني، مما يحد من التجاوزات ويُطبّق الجزاءات بما فيها من عدل وإنصاف.