امتازت السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية بالحكمة والرزانة طيلة العقد السابق وما قبله ,الفترة المؤرخة للأزمات الحادة التي عصفت بالمنطقة ابتداء باجتياح النظام العراقي السابق لدولة الكويت وانتهاء بالربيع العربي وأزماته و إرهاصاته وتفاعلاته وغليانه الجاري , بالرغم من المشاركة الفعلية والمؤثرة لمجمل الأحداث والقضايا السياسية والاقتصادية بالمنطقة بيد أنها نأت بنفسها عن التصريحات الهائجة و الشعاراتية ولم يسبق لها العبث أو استغلال التناقض الديني والقومي بتاتاً كما تفعلها أغلب الأنظمة السياسية في المنطقة ,وبعد أن وضعت الأنظمة السياسية المحيطة بالمملكة العربية السعودية المنطقة برمتها على فوهة البركان العصي على السيطرة نتيجة استغلال تلك الأنظمة للتناقضات الفكرية والعقائدية والعرقية .قامت المملكة العربية السعودية بخطوات عملية في غاية الخطورة والشجاعة ,أولها التحالف العربي لمواجهة التغلغل الإيراني ومشاريعه وأطماعه في المنطقة بدءاً من العراق ومروراً بكل من سوريا ولبنان وصولاً لليمن ,المفارقة أن النخب العربية المغرمة بالشعارات الزائفة كالممانعة والمجابهة والصمود في وجه الإمبريالية وقوى الاستبكار العالمي إلى اللحظة لم تعي الدور السعودي المؤثر والفاعل في مجمل القضايا السابقة وبما فيها قضية العرب المحورية – قضية فلسطين ومشروع حل الدولتين – ولعل من الإنصاف والفضيلة التذكير بأن السياسة الخارجية السعودية كانت دوماً تضع الأمن والاستقرار أولوية لها ولم تتدنى إلى مستوى العبث والعنصرية كما يتجلى في تعاملها مع زعماء الكرد في إقليم '' كردستان العراق '' وما زالت تتعامل بالحكمة والاحترام العميق للقيم الإنسانية في معرض تعاطيها مع إقليم كردستان ويبدو ذلك جلياً في استقبال السيد الرئيس ''مسعود البرزاني ''مراراً على أعلى المستويات بصورة تليق بالسياسة الحكيمة للسيد البرزاني الذي بدوره لا يخفي حلمه في استقلال كردستان ولكنه يشدد في الوقت ذاته ألا يكون هذا الاستقلال على حساب الدماء والدموع لشعوب المنطقة بل يجد الأولوية في سياسة احترام حسن الجوار والاحترام المتبادل وتحقيق الرخاء والاستقرار لكل شعوب المنطقة متجاوزا كل التضحيات الجسام والمظالم الشنيعة بحق الكرد على يد الأنظمة العنصرية والشعاراتية في المنطقة وفي مقدمتها عائلته وعشيرته إنما يترفع بكل سمو على جراحاته في سبيل تحقيق الاستقرار , المشروع السعودي الآخر كان التحالف الإسلامي لمواجهة خطر الإرهاب ,هذه الخطوة العملية الجبارة أيضاً لم ترق للكثيرين لأنها مستفيدة بدورها في سياسة صناعة وتصدير الإرهاب .بينما المملكة العربية السعودية جازفت بأمنها واستقرارها وحملت لواء محاربة خطر الإرهاب المتفشي والمتغلغل في المنطقة .إذ نقف عاجزين عن تقديم الشكر والامتنان للمملكة العربية السعودية على خطواتها التي أقدمت عليها في أخطر المراحل التاريخية العاصفة بالمنطقة برمتها , فشكراُ للمملكة *كاتب وحقوقي كردي سوري