بسم الله الرحمن الرحيم شيوخ شمل القبائل في عمق المجتمع المدني قال تعالى :" لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس " لقد اجتمع مشايخ عسير الأربعة و شيخ شمل شهران و العديد من وجهاء قبيلة بني مغيد و بني نمار وأهالي من خميس مشيط وحضر الاجتماع مندوبين من الديوان الملكي ولجنة الإصلاح في إمارة منطقة عسير وذلك لحضور الصلح بين قبيلتين متجاورتين ،وتعود القضية إلى قبل اثنين و عشرين عاماً عندما كان هناك خلاف أدى إلى قتل أحد أفراد القبيلتين، ولكن لم يتم الوصول إلى القاتل وأطلق القضاء المتهمين لعدم كفاية الأدلة، ولقد بذل شيخ شمل بني مغيد وبني نمار الشيخ علي بن مفرح و شيخ شمل شهران الشيخ حسين بن مشيط جهود كبيرة للصلح و تقريب وجهة النظر، والحمد لله رب العالمين وجزا الله خيراً من تدخل بالخير للإصلاح بين الناس ،ورحم الله الميت الذي أعتبر أنه ضحية للتنمية، حيث توفي بسبب قيامه بفتح طريق لقبيلته وهو يعلم أن هناك اتفاق بعدم فتح الطريق من أي القبيلتين. وهذا شيء طبيعي أن يقوم مشايخ شمل القبائل بعمل الإصلاح و لهم أدوار كثيرة في مجالات شتى تخدم السلطة من ناحية وأفراد قبائلهم من ناحية أخرى ، و يتم دائماً الاستناد عليهم في إدارة الأزمات و حل الخلافات و متابعة التنمية . و لكن لوحظ في السنوات الأخيرة حرب إعلامية بكثير من وسائل الإعلام على القبيلة ووصفها بالتخلف والعصبية والعنصرية والجمود وعدم مواكبة الحياة والعصر. وأعتقد أن ذلك ظلم كبير لمفهوم القبيلة الحديث ،فالقبائل تستخدم قوانين وأعراف لكل ما من شأنه تحقيق النظام والتوافق الاجتماعي ولا تتعارض مع الشريعة ، واليوم ومع التغيير الكبير الذي يواجه القبيلة والمتمثل باختفاء التحديات القديمة وظهور تحديات جديدة تهدد المجتمع مثل المخدرات والبطالة وسلبية بعض الشباب ... إلخ. فإن القبيلة أعادت قيمها الحميدة ووضعت المعايير الصالحة لهذا الزمان و تخلصت من سلبيات الماضي وأهمها التعصب القبلي الذي ألصقه البعض بالقبيلة ،ولكنه أغفل باقي أنواع التعصب وهي لا تقل خطورة عنه ،والتعصب درجات ولعل أخطرها وأشدها على الوطن التعصب الديني والأيدلوجي المتمثل بظاهرة الإرهاب، ومع ذلك فالتعصب مهما كان نوعه ودرجته فهو مرفوض من الجميع و الحمد لله بدأت القاعدة الشعبية تعي بأضرار التعصب ،فهي فكرة متجهة إلى الزوال بإصرار وغيرة المجتمع ،وهذا ما نلمسه في قبائل منطقة عسير وهو ما يقود القبيلة في المنطقة لتكون مؤسسة مجتمع مدني ومؤهلة لذلك إذا قامت الدولة بدعم وتعزيز دور شيوخ شمل القبائل مادياً و معنوياً ،فالمجتمع المدني يتمثل فيه كل أنواع الأنشطة التطوعية التي تنظمها الجماعة حول مصالح و قيم وأهداف مشتركة وهي تخفف جزء من الأعباء عن الدولة ،وتحمل المواطن جزء من المسؤولية ،وهي ضمان للمجتمع من الوقوع في هوة التطرف و العنف و الانحلال الأخلاقي وتضمن لأفرادها التعبير عن أنفسهم ومواهبهم وإبداعاتهم في جو صحي ،وقد قال الشيخ سلمان العودة "إن القبيلة يمكن أن تكون مؤسسة اجتماعية في التواصل والإيثار والدعم والإسناد والتعارف بين أفراد القبيلة في الملمات والمشاريع التنموية والبناء والإصلاح " ،مشيراً إلى أن هناك مبرات الآن موجودة بالكويت لعدد من القبائل مثل "الرشايدة" و "العوازم" و "مطير" ،وغيرها لمساعدة الفقير والمحتاج وتزويج الشباب. كانت هذه الالتفاتة البسيطة إلى موضوع من المواضيع الهامة و العالقة ،وقد انتشر من البعض في المجتمع الاستغلال السيئ لمفهوم القبيلة ،وإنني على يقين بأنه لوتم إعطاء صلاحيات لشيوخ الشمل مقابل المسؤوليات التي على عاتقهم، لرأينا الكثير من الإيجابيات التي تنعكس على المجتمع، وبالمناسبة فقد سمعنا بأن مجلس الشورى يناقش منح الجواز السياسي لبعض الفئات فأرجو أن يكون مشايخ شمل القبائل لمنطقة عسير من أول الفئات التي يجب إعطاؤهم. د/ مصطفى عبد الله محمد عزيز