منذ أن وُجدت للعرب قضايا مصيرية كقضية فلسطينالمحتلة التي اغتصبها الصهاينة بمعاونة من الغرب والاتحاد السوفييتي آنذاك، وتشريع الاحتلال بصدور وعد بلفور الشهير في سنة 1917م الذي أعطى أرض العرب/ فلسطين لمن لا يملك ولو شبراً واحداً فيها، بينما كان اليهود لا يمثل وجودهم في فلسطين آنذاك أكثر من 5%؛ والعرب كل العرب من الخليج إلى المحيط، يعلمون حق العلم حجم (الانحياز) الأمريكي لإسرائيل، وهو انحياز فاضح ومكشوف، الأمر الذي جعل العاقل من العرب لا يتوقع يوماً ما أن أمريكا ستعمل على كبح «بربرية إسرائيل» في المنطقة، أو ستكون حكماً عادلاً، بل ترى في كل هجمات بني صهيون المتكررة وعدوانها الهمجي على أهلنا في فلسطين منذ احتلالها في عام 1948م إلى اليوم، وخاصة في غزة تحديداً، حقاً مشروعاً لإسرائيل للدفاع عن نفسها، وما يقوم به أهل فلسطين من رد وصد للعدوان هو إرهاب مرفوض ومدان! وما يجري الآن من صب الصواريخ صباً على رؤوس الفلسطينيين ليس إلا جزءاً من دواعي الانتخابات الإسرائيلية التي يسعى نتنياهو إلى الفوز بها، وكأن الدم الفلسطيني يجب أن يكون حاضراً عند كل معركة انتخابات إسرائيلية، وكلنا نذكر عام 2008م و2009م وعدوان الرصاص المسكوب، وما حدث لأهلنا في غزة، غزة هاشم، بينما لم يكن للعرب من مواقف آنذاك سوى الاجتماعات للتوقيع على بيانات إدانات جاهزة، وجمع الأموال التي لم يتم الالتزام بها لإصلاح ما تهدمه إسرائيل، سوى ما تم دفعه من المملكة العربية السعودية وهي تفي دوماً بما تلزمه نفسها تجاه إخوتها في فلسطين، وكأن القدر على العرب قد كُتب أن يدفعوا ثمن إصلاح ما يتم هدمه بآلة الحرب الصهيوينة، وها هم الإسرائيليون يعيدون العدوان من جديد 2012م تحت مسمى عملية عمود الدخان دون حساب ردات فعل العرب؛ لأنهم يعرفونها مسبقاً، بل يحفظونها عن ظهر قلب، رغم أن آثار الاعتداءات السابقة لم تتم إزالتها بعد، بينما نعلم أن أمريكا ترفع شعار (أمن إسرائيل خط أحمر) فكيف تطلب العدالة أو النزاهة من البيت الأبيض، وهو من أخذ على عاتقه (61 قرار فيتو) ينقض فيها كل قرار يدين العدو الإسرائيلي في مجلس الأمن، رغم وضوح عدوان هذا الكيان الذي زُرع في قلب العرب على شعب أعزل ينادي بحريته، الأكثر مرارة أن العرب لم يعد لهم من دور سوى ترديد أسطوانة «الإدانات والشجب» التي كنا قد افتقدناها في خضم اليأس الذي بلغ العرب في ظل تشرذمهم، وتفرغ بعضهم للتآمر على بعض، وليت بعض العرب الذين لم تدفعهم الأحداث المؤلمة لإخوتهم في قطاع غزة في أن يتعاطفوا ولو بالكلام مع فلسطين وأهل غزة تحديداً، ليتهم تركوا أهل غزة يدفعون بأجسادهم وما أوتوا من قوة عدوان الصهاينة، بدلاً من أن يشاركوا في حصار غزة، ومن الإبقاء على عقد اللقاءات والاجتماعات مع حكومة إسرائيل، وهي تدك شعب فلسطين بالقنابل المحرمة دولياً، وبالصواريخ وطائرات F15 وF16، وإن كان العرب في قضية فلسطين لم يجيدوا شيئاً أفضل من ترديدهم الكلام أو كما قال نزار قباني: سقوا فلسطين أحلاماً ملونة .. وأطعموها سخيف القول والخطبا وخلفوا القدس فوق الوحل عارية .. تبيح نهديها لمن رغبا فالله معكم يا أهلنا في فلسطين؛ فليس لكم إلا الصمود، والتوكل على الله. [email protected]