نشرت صحيفتنا الجميلة "بيشة اليوم" هذا الخبر : (العلاقات العامة بالبلدية / محمد ربيعان : في بادرة إنسانية قام رئيس بلدية بيشة المهندس محمد آل بشر يوم أمس بمغادرة مكتبه والتوجه لمواقف السيارات للاستماع لشكوى مواطن معاق لم يتمكن من الوصول لمكتبه ، وبناء على هذا الموقف وجه آل بشر جميع موظفي البلدية بخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة )0 هذا الخبر أجده مناسبة للحديث عن جانب من معاناة المعاقين ، ولكونه نموذجا لتصريحات نمطية أعتدنا سماعها ولا نجد لها أفعالا ملموسة على أرض الواقع ، وهنا لا أخص سعادة المهندس محمد آل بشر وأنما هي حالة عامة 0 لذلك أقول : أولا : شكرًا يا سعادة رئيس بلدية بيشة على مغادرتك لمكتبك والتوجه للأستماع لشكوى المواطن المعاق في مكانه حيث "حبسه حابس" ولم يستطع الوصول إلى إليك 0 ولكن عبارة "في بادرة إنسانية" التي أستهل بها هذا الخبر رغم كونها لا تختلف عن "أخواتها" من العبارات المشابهة ذات الإيحاءات العاطفية التي يرددها البعض إلا أنها بدأت الأكثر إلحاحا لطرح المزيد من التساؤلات 0 ولذلك سأتوجه بأسئلتي هنا لكل من له علاقة بالأمر ، وهي أسئلة أرجو ألا تكون مزعجة أو ثقيلة على من تعنيه فأقول : متى كانت الوظيفة الخدمية عمل إنساني ؟! ومتى كانت حقوق المواطن بادرات إنسانية ؟! ولماذا تستغل حاجة المواطن ، وبخاصة المعاقين ، لتصبح مادة دعائية لشخص المسؤول أو جهازه الإداري فتنقلب الواجبات المناط بالموظف أو المدير أو الوزير إنجازها إلى صدقة ، وعمل خيري ، وفضل ، وبادرات إنسانية ! وليبدو (الموظف) وكأنه فاعل خير يكاد يسكب دموعه على صفحات الجرائد تعاطفا مع المعاقين والفقراء والمرضى ؟! ألم يكن هؤلاء مكلفين بإنجاز ما هو جزء من حقوق المواطنين ؟! فلماذا تبدو تصريحات البعض وكأنها إعلان عن تفضل ناتج عن الإحساس بالشفقة على الفئات الاجتماعية المهمشة كالمعاقين والمرضى وكبار السن والمتقاعدين والضعفاء ؟! ثانيا : لماذا لم تنفذ البلديات ( ومنها بلدية بيشة ) الأشتراطات الخاصة بخدمات البلدية المتعلقة بالمعاقين والصادرة من مجلس الوزراء بالتعميم رقم 7/ه/ 1402 في 21 / 1 / 1402 ه ؟! والتي تنص على تهيئة المباني العامة لتكون ملائمة للمعاقين ؟! فكيف بالمرافق الخاصة بالبلدية ؟! ألم يكن ذلك صورة من صور التقصير ( بلاش نقول الفساد! ) ؟! الغريب في الأمر أن مثل هذه "التصريحات"أصبحت شيئا معتادا ، ولم تعد تثير أهتمام المعنيين بها ، بقدر ما تهم بعض الصحف وكثير من المحررين الصحفيين كنوع من العلاقات ، وفرصة لبعض المسؤولين لنشر صورهم ! بينما المحتوى الذي تتم صياغته بطريقة براقة لا يعدو أكثر من كونه مادة إعلامية تلمع صورة المسؤول وإدارته أكثر مما تعكس شيئا مهما على أرض الواقع - في كثير من الأحوال - !! وعودا على بدء أقول لكل من يهمه الأمر : المعاقون لا يريدون بوادر إنسانية ، أو دروسا في الشفقة ، أو تصريحات تسويفية ، بل يريدون أفعالا على أرض الواقع تخدمهم وتعينهم بعد الله على ممارسة حياتهم دون عوائق إضافية كتهيئة الشوارع والأماكن العامة والأسواق والمباني والمرافق العامة ، وهذا جانب واحد فقط من إحتياجاتهم الممكنة وغير المستحيلة ، وهذا الجانب مسؤولية البلديات في المملكة ، على أن كل متطلبات إحتياجات المعاقين ليست أعمالا خيرية بل واجب تفرضه الشريعة الإسلامية ثم المواطنة ثم أوامر ملك البلاد حفظه التي لم تنفذ ! ولن يمارس المعاقون حقوقهم على أرض الواقع إلا بتنفيذها وليس بتصوير مسؤلا على كرسي متحرك ، أو تصريح مستهلك هنا أو هناك ، أو عبارات فيها الكثير من الاستخفاف بالآخرين تردد عبر وسائل الإعلام كقول بعضهم : المعاقون فئة غالية على قلوبنا !! وأقول لهؤلاء : المعاقون لا يريدون القلوب بل يريدون : تنفيذ القرارات وعلى رأسها الهيئة العليا لشؤون المعاقين التي خرجت من القلوب ودخلت الأدراج !! يريدون تنفذ أمر الملك حفظه الله بتوزيع سيارة مجهزة لكل معاق سعودي ولم يقل بشروط أو قيود فلستم أحرص من الملك على المال العام !!0 يريدون تأمينا طبيا شاملا 0 يريدون العلاج دون استجداءه من أحد (كائنا من كان) ! ويريدون تهيئة الشوارع والمرافق والمباني العامة ليسهل عليهم التنقل منها وإليها دون عوائق تضاف لإعاقاتهم 0 وختاما اعتقد أن تنفيذ هذه الإحتياجات دون من هو الفرق بين الفعل وبين الكلام المنمق عبر الصحف والقنوات الفضائية 0