قرأت هذه القصة في كتاب الدكتور علي النملة الذي أصدرته المجلة العربية مؤخراً ، وهي قصة لرجل أمريكي يهودي مع جاره المسلم ، حيث لم يكن يفصل بينهما سوى جدار واحد ، والباب يحاذي الباب ، لكنهما لا يتلاقيان إلا نادراً ، أو على الأصح ؛ يتعمدان ذلك ، اليهودي مذ أن علم بديانة جاره وهو يبحث عن مسكن جديد ، لكن دون جدوى ، بينما المسلم لم يعبأ بالأمر كثيراً ... يقول الدكتور النملة أن اليهودي اضطر للسفر وترك منزله في مهمة عمل تنتهي بعد عشرة أيام ، شعر معها بالارتياح نوعاً ما ، كونه سيبتعد عن كابوس يدعى ( جاري المسلم ) لكن سرعان ما انقضت ليعود لداره وفزعه ، وما أن أغلق على نفسه بابه حين عودته حتى صعق برنين الجرس يهز أضلاعه ، من ؟ كان جاره !! بشحمه ولحمه !! ، وفي يده كيس كبير مملوء بكل الصحف التي صدرت طيلة الأيام العشرة التي قضاها اليهودي بعيداً عن منزله ، فأعطاه إياها بعد أن ألقى عليه التحية وهم بالانصراف . لكن اليهودي أوقفه : مهلاً .. ما الذي حملك على جمع هذه الصحف ؟ فأنا لا أقرأ الصحيفة إلا في يوم صدورها فقط ، ومثل هذه الرزمة سألقي بها حتماً في مكب النفايات ؟ فقال : أعلم يا جاري العزيز أنها صحف عديمة الفائدة ، ولكني خشيت إن تركتها علم اللصوص بأمر غيابك ما يشجعهم لاقتحام منزلك والسطو عليه . انتهت قصة اليهودي في كتاب الدكتور علي النملة ، لكنها حتماً لم تنته عند هذا الحد ، والله وحده الذي يعلم ما أحدثت هذه القصة في نفوس أبطالها ، وبالأخص اليهودي الذي كره جاره لأنه مسلم ، لعله دخل في الإسلام ، ولعله بقي على دينه ، لكن من المؤكد أنه أصبح يعي أن الإسلام ليس كاليهودية التي تدفع للحقد والكراهية والبغض بمجرد عدم الانتماء لليهودية ، كما في شريعة ( اللاويين ) التي رسمت ملامح اليهودية في عصرنا الحالي سيما في أذهان الدولة الفاجرة ( إسرائيل ) التي تتبنى هذه التعليمات بكل إخلاص ، ومنها ( أن المطلب الرئيسي لإله اليهود \" يهوه \" هو إبادة كل من ليس يهودي ، وأن الله اختار اليهود دوناً عن بقية الأعراق لشرف هذا الدور ) مجلة الفيصل 309 ، بل لعله أيقن أن الإسلام هو النور الذي أتى ليصون الأخلاق الحسنة ويتمم مكارمها ، ويصون السلوكيات البشرية الجيدة ويهذبها ، ليس بين المسلم والمسلم وحسب ، بل بين المسلم وجميع الناس . عبدالرحمن ظافر الشهري