منذ ثمانية عشر عاما ونيف, ومجتمعنا السعودي الكريم, بعلمائه وشرفاءه وأحراره ونبلائه..في سجال وحوار ووعظ وإرشاد مع جماعة مسلسل طاش ماطاش التي ما فتأت تطعن في الثوابت الدينية والقيم الإسلامية الرفيعة, والعادات العربية الآصيلة باسم(حرية النقد)! فكثيرا ما أُجري مع قطبيها السدحان والقصبي لقاءات ولقاءات وتبين لهما كما تبين (للفرقة الطاشية جميعا) أن المجتمع السعودي غاضب مستاء من هذا المسلسل المتطرف بأفكاره وأسلوبه إلى أقصى اليسار,وكان عليهم حينئذ الإقلاع عن تكرار الخطأ الفادح,لكنهم استمروا في غيهم المشين, وفي كل عام يزداد الآمر سوءا,حتى صدرت في رمضان عام 1421ه فتوى هيئة كبار العلماء في حكم مشاهدة هذاالمسلسل (طاش ماطاش) وحكم تمثيله وإخراجه وإنتاجه وعرضه ..لكن هذا لم يُوقِف المسلسل ولم يثن الممثلين والمنتجين والمخرج..بل ازدادوا مكابرة وعنادا,وإن كان يُشكر التلفزيون السعودي القناة الاولى لعدم بث هذا المسلسل مؤخرا..لكنه لازال يُبث على قنوات أخرى,يمتلكها سعوديون! وكان الآولى بأبناء هذا البلد من المشاركين في هذا المسلسل من ذوي الاصول العقدية السليمة, التوقف والاتعاظ بأقوال العلماء,لكنهم اتبعوا من لايُعوّل عليهم ولا يُرجى منهم خيرا من اهل العقائد المخالفة لآهل السنة والجماعة في هذا المسلسل النتن, فهم الذين يرون أنهم يقومون بخدمة أفكارهم وإيديولوجياتهم,التي كثيرا ماتتناغم مع التغريب بشتى صوره وأشكاله,ومع كل بدعة ضالة فهي تتقاطع في اهدافها لتذويب المجتمع واستمراءه على مشاهدة الاتجاهات المعاكسة والمخالفة لثوابته الدينية وقيمه السامية النبيلة وعاداته الاصيلة, الضاربة في جذور الفضيلة والشهامة والشمم! لقد تجرأت هذه الفرقة الطاشية (والتي أنسبها لمسلسلها المثير للجدل)..تجرأت على نقد القضاء والقضاة في المملكة العربية السعودية,وأنهم متشددون في أحكامهم وتصرفاتهم,وأنهم لايحكمون إلا بالهوى والمزاج,وأنهم غير موضوعيين ولا منطقيين,فقد صوروا القاضي الذي سرعان ما يحكم بالتفريق بين الزوجين لعدم تكافؤ النسب, وجعلوا من هذه القضية بين العامة أحاديث ومرويات بين معارض لها وبين مؤيد,وهذا يدل على جهلهم المطبق وعدم معرفتهم بالقضايا الشرعية والاحكام الفقهية,والقواعد الاصولية التي ما غفل عنها الشرع الحنيف,فتكافؤ النسب بين الزوجين من الضرورات التي لم تُهمل ابدا,فمراعاتها من باب درء المفاسد في المجتمع,إذ أنه مقدمٌ على جلب المصلحة,فالقاضي الحاذق حين يرى أن أقارب أحد الزوجين عارضوا الزواج لعدم التكافؤ النسبي فإنه قد يشرع في الغاء المصلحة(الزواج)لدرء مفسدة الإعتداء والقطيعة,وربما التقاتل بين العائلتين,فالمجتمع لم يصل بعد إلى درجة عالية من التقى والصلاح,كمجتمع الصحابة فيطبق قوله(إن أكرمكم عند الله أتقاكم)تماما كما ينبغي! وكثيرا ماأظهر هذا المسلسل القاضي السعودي,الذي يُعد أحد رموز التشريع السلفي في هذا العصر ولله الحمد,أنه يتخذ قراراته ارتجاليا وبما يمليه عليه جلساؤه,وأنها ليست مستمدة من قانون معتبر أوتشريع ,مثلما صوروا القاضي الذي احتار في حلّ مشكلة المتخاصمَين لديه على قطعة أرض وأرتبك وتلعثم,فأشار عليه العامل السوداني, أن يقسم أمتار الآرض ويعرضُها بسعر السوق,فيجدُ القاضي أن العامل السوداني قد أنقذه من حرجه! وجعلوا القاضي السعودي,يستحلف العامل الهندي(الهندوسي)ويقْبل قَسَمه بالله العظيم ثلاث مرات, أنه لم يقم بقتل ناقة جاره,ولم يعلم عن من قَتلَها,وفي هذا إشارة إلى ضعف القضاء حسب زعمهم! ولم يقف هذا المسلسل عند حد,فكم تجنّى ويتجنى على هيئة الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر,ويصور أعضائها بالتخلف والجهل ومطاردة الناس والتلصص عليهم,والآمثلة في هذا كثيرة ومعروفة! وما عَلِم الفريق الطاشي أن رجال الهيئة في هذه البلاد هم حراس الفضيلة برعاية ولي أمرهم خادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة,وأن رجل الهيئة يقوم بما أوجبه الله عليه طاعة لله ولرسوله ولولي أمره,وأنه بشر وليس معصوم من الخطأ,ومن كثُر عمله ودأبه, ظهرَ خطأه وإن كان يُعد منه اجتهادا فهو للحق أقرب! وما أكثر ما ينعتُ هذا المسلسلُ المتدينَ بأنه متخلف وقذر في لباسه ومظهره,وأنه بخيل وطماع,ولا يؤدي حقوق الناس لاصحابها,فقد رأينا في احدى حلقاته صنفين من الناس,صنفٌ يحرص على اداء الصلاة في المسجد جماعة,ويحرص على أن يكون ابنه من المصلين,وصنف متفتح يسأل عن ابنته فيقال له أنها تنام أكثر من 20 ساعة ولاتستيقظ إلا بمزاجها! فالمتدين هنا يوقظ ابنه بالماء البارد والحار,وهذا الابن منحل سلوكيا ويلبس ملابس فاضحة وهو بعيد عن التدين والخلق الحسن والقيم الرفيعة,بعكس تلك الفتاة التي يبدو عليها البر والطاعة لوالديها, مع تحررها من القيود فهي تطالب عريسها ابن المتدين أن يوافق على عملها وإن كان فيه اختلاط بالرجال,لكنه يمنعها من العمل لالدينه بل لعادات بالية ورثها من دينه! وصوروا ذلك الآب المتدين على أنه معتوه ساذج,يردد الكلام مرات ومرات,كما كانت تفعل السينما المصرية في تشوية صور المتدينين كالمأذون الشرعي ومعلم اللغة العربية,خصوصا اذا كانت من كتابات الهالك احسان عبدالقدوس وأسامة أنور عكاشة ونجيب محفوظ,وغيرهم ممن أساء للدين,كفانا الله شر من يقتدي بهم! ليس هذا المسلسل هو السيء الوحيد,لكنه هو الاسوأ والاشد خطرا وفتكا في أوساط مجتمعنا السعودي النبيل,وذلك لعدة أسباب منها: 1- قد عُملَ هذا المسلسل وخُطط له منذ نشأته,لكنه لم يكن بالطريقة التي تُرضي الفريق الطاشي,لعدم مسايرة المخرج الآول للمسلسل عامر الحمود, وقلِّة جرأته على بسط كل الآفكار التغريبية,مما أل إلى استبداله بعبدالخالق الغانم السيهاتي,الآكثر جرأة وألآقوى قفزا على الحواجز والحدود! 2- تمَكُنُ القصبي والسدحان من أداء اللهجات السعودية,وشهرتهما بأداء الادوار الكوميدية والدرامية على حد سواء,فالممثل الكوميدي أقرب لكسب قلوب العامة والمراهقين والبسطاء من الناس,فهو يضحكهم كثيرا,والممثل الدرامي يستطيع ايضا أن يبكي هؤلاء مثلما يضحكهم ! 3-استقطاب الكثير من التغريبيين المشهورين,من الكتاب المعروفين في الصحافة الورقية السعودية,ليكتبوا حلقات طاش ماطاش(ولو شئت لذكرت اسمائهم)غير أن الناس تعرفهم من كتاباتهم! 4-استعمال نظرية الكرّ والفرّ في عرض المسلسل,وهي عملية تكتيكية دراماتيكية,قد تخضع للاستشارات العلمية النفسية,فهم حين يعرضون حلقة عن إزدراء المتدينين مثلا,يعلمون وقْعها في أنفس الناس,فيجعلون الحلقة التي تليها أهون منها,وذلك لإمتصاص الغضب وتذويبه,كحلقة الآب المخمور مع ابنه الصالح,وإن كان فيها مافيها من السؤ,فقد أتتْ بعد ازدراء المسلسل للقضاة,وهذا هو الهدؤ الذي يسبق العاصفة,وهذا هو(كرّهم وفرّهم)! 5-التهوين من شأن أحد أهم ألآركان الرئيسية لحفظ الآمن لهذا البلد,وهم رجال الآمن العام,فقد أظهرهم هذا المسلسل أغبياء جهلاء رعاع متخلفين,ينفذون الآوامر والتعليمات بعدم اتزان! 6- قد يصنع هذا المسلسل إرهابا بين الجهلاء والمغالين في أقصى اليمين,يكون ردة فعل لهذا الإرهاب التغريبي الذي يمتد إلى أقصى اليسار,وهذا ما لايتمناه أحد من المخلصين من أبناء هذا الشعب الكريم لدينهم ومليكهم ووطنهم العظيم! إن مسلسل طاش ماطاش يعد إمتدادا لتلك الآفلام العربية القديمة التي كانت شرّا وبلاء على ألامة الاسلامية قاطبة في مشارق الارض ومغاربها,وكانت خنجرا مسموما في خاصرة الفضيلة التي تُسقى من منهل الاسلام الصافي,وكانت حواجز في طريق النصر والتقدم والازدهار, لآنها غزت القلوب والعقول بالفكر التغريبي المتحلل فرقّدتْ الشعوب وجنحتْ بهم في مراتع الذل والهوان! إنه أحد روافد الفكر اللبرالي,وأشد خصوم السلفية المعتدلة,إنه أشد تأثيرا على الآمن الفكري مما يكتبه التغريبيون عبر الصحف! رافع علي الشهري [email protected]