تعرض مجتمعنا السعودي لموجة عنف إرهابية منكرة خلال السنوات القريبة الماضية ، ذهب فيها أبرياء من الأطفال والنساء والرجال المدنيين منهم والعسكريين ، وأشغل مجتمعنا بمواجهتها عن برامج تنميته الحقيقية ، وقد تنادى الناس جميعا للوقوف صفا واحدا ضد هذا العدوان السافر . ولعل من الطرق المقترحة لمعالجة تلك الأزمة ( الغابرة ) ما تنادت به الاستراتيجيات الفكرية والأمنية ألاَّ تقف الجهود عند مجرد مطاردة المنفذين للعمليات الإرهابية .. بل لا بد من الوصول إلى تلك الجهات المشبوهة التي تقف وراءها .. فما هؤلاء المنفذون - مغسولو الأدمغة - إلا مجرد أدوات تنفيذ لتلك الجهات القابعة خلف الكواليس ، بدءاً من مخططي الإرهاب ، مرورا بمموليه ، وانتهاء بمنفذيه .. ولقد كانت تلك المطالبات حقاً لا مرية فيه ، وواجباً اضطلعت بها الدولة وحققت فيه مكاسب كبيرة ولله الحمد . وإذا كان هذا النوع من الإرهاب قد اتخذ من طرفي النقيض مكانا قصيَّا ، فإن تطرفا إرهابياً مضاداً قد اتخذ من الطرف الآخر مكانا قصيَّا أيضا ، ألا وهو إرهاب الخيانة لله ولرسوله وللمؤمنين ومفارقة الجماعة وشق عصا الطاعة والخروج على سياسة البلد وأنظمته المرعية المعلنة ومن صور ذلك ( الإرهاب النسوي ) الذي حاول فرض الأجندة الغربية لِقَدِّ قميص الوطن من دبر ، متعللا بقيادة المرأة للسيارة . هذا الإرهاب الناعم فيما يبدو للغافلين نفذه عدد من ( المراهقات مراهقة اجتماعية ) بعد أن غسلت أدمغتهن غسلاً قبيحاً فخرجن في الشوارع على ولي الأمر ونسق المجتمع يحملن أسلحة السيارات لزعزعة الأمن الداخلي وفتح أبواب المظاهرات على مصاريعها ، في تحدٍ خطير معلن للأنظمة السياسية والأمنية وفتاوى هيئة كبار العلماء في البلاد ، ووثقن ذلك بالصوت والصورة ونشرنه عالمياً على شبكة التواصل الاجتماعي ، في الوقت الذي ما يزال فيه عالمنا العربي يغلي بالمظاهرات والاعتصامات ، وتستنزف فيه الدماء وتذهب معها المقدرات . وليت الأمر وقف بهؤلاء النسوة ومن وراءهن عند مجرد التحدي للمجتمع ونظامه ، لقلنا عقوق سافل من بعض السفيهات يكفي له من ( الحبس ) عشرة أيام على ذمة التحقيق لمعرفة بواطن الأمور .. ولكنه تجاوز ذلك كله إلى ( الاستقواء ) السافل الحقير بالأجنبي ومطالبة ( أوباما ) قبلاً ثم ( هيلاري ) بعداً بالتدخل ( العلني ) لتفرض ( أمريكا ) مرادها على ( دولة سعودية مسلمة ذات سيادة ، لها ثقلها الديني والقيمي بين شعوب العالمين ) كل ذلك بمعاونة ( جوقة الشر ) من مدعي الوطنية الكاذبة ، الذين يكرهون أن تقوم هذه الدولة على الشريعة الإسلامية عقيدة وعبادة ومنهج حياة ، ففتحوا لهن الأبواب بالمناصرات الإعلامية المختلفة المكتوبة والمسموعة والمقروءة ووجدن منهم الدعم والمساندة ( اللوجستية ) وصفقوا لهن : والغواني يغرهن الثناء . إن هذا الشعب الأبي يؤمن إيمانا عميقا أن الأمور حين تصل إلى التدخلات الأجنبية في بلاده فلن يقف مكتوف الأيدي مهما كانت التضحيات ، لأنه يؤمن بأن قيادة المرأة للسيارة شأن داخلي للسعوديين فقط ، يصطلحون فيه أو يختصمون ، تقر فيه القيادة أو لا تقر .. هذا شأن داخلي صرف مرده إلى أولياء الأمور من العلماء والأمراء وأهل الحل والعقد في البلاد .. لكن أن يصل الأمر بهؤلاء ( الخونة ) إلى المطالبة بالتدخل الأجنبي السافر ، فهذه جريمة نكراء من أكبر الجرائم المصنفة تحت خيانة الأوطان .. وإلا فقولوا لي بربكم : لو خرج فريق من عشاق الخمور والمخدرات وطالبوا ( أمريكا ) بالتدخل العاجل لفرض شرب الخمور وبيعها في أسواقنا ، وخرج فريق ثالث يفترض وجود الشاذين ويطالب بإقامة حقوقهم ، وثالث ... ورابع ... وكلهم يستقوي بالأجنبي .. فما الفارق بين التدخلين ؟ ستقولون : كلاهما واحد ولا شك .. إلا إن خرج فقيه ليبرالي متحرر مكشوف السوءة الذهنية وقال : ذاك تدخل في المباح وهذا تدخل في الحرام .. حينها سيقول كل من لديه مسكة من عقل : آن لأبي حنيفة أن يمد رجليه منتعلتين .. وما أحسن تقوى الليبراليين حين يفرقون في هذا الموطن بين الحلال والحرام !!! . إن المتتبع لتوقيت أصحاب هذه المشاريع يجد أنها لا تتم إلا في أوقات الأزمات والزنقات حين تكون البلاد أحوج ما تكون إلى اجتماع الكلمة ووحدة الصف .. وهذه لها دلالاتها الكبرى في عالم الخيانة الماكرة ، الطاعنة في خاصرة الأوطان وساكنيها . المضحك في الأمر أن اللعبة حين تعقدت وظهرت تداعياتها السياسية والأمنية والاجتماعية وأخذت بُعدها العالمي واحتقن بها مجتمعنا السعودي وتبين للخائنين أن الأمر ( فضيحة بجلاجل ) وأنها تستوجب – على أقل تقدير - الحبس المؤبد ، برَّر المنفذات فعلتهن بأنها حاجة ماسة ، كان منطقها الهلامي ( ما حصَّلت أحد يودي أولادي للمدارس واتصلت على اخي فما رد علي ) . ( يا حليلكم !!! ) حملة مفبركة مفسبكة ، وإعلان للخروج ، ودعوة عامة ، وتحديد موعد يوافق إحياء مناسبة دينية للشيعة الروافض ، وتمهيدٌ أخرق بفعل ( بنت بني هاشم ) ويا للأسف ، وتوثيق مصور من الحويدرة ، واستنجاد بالخارج الذي ذبحنا من الوريد إلى الوريد .. ثم يقال بلهجة عامية مخجلة : ( لا مظاهرة ولا شيء كل ما في الامر اني خرجت اسوق السيارة بتصرف فردي لأني ما حصلت احد يوديني واخاف من تحرشات السواق ) يا للبراءة !! قطعتوا قلبي !! . إنه إرهاب نسائي منظم بدعم خارجي مكشوف يؤازره متنفذون وإعلاميون محليون ، حصرنا منهم للتاريخ عددا لا بأس به بلغة كمية وكيفية قبل الحدث وأثناءه وبعده ، عرفنا من خلاله المنفذات وتم اعتقالهن ولله الحمد ، وها نحن نطالب بمحاكمة من يقف وراءه من غاسلي الأدمغة ، مثيري الشغب ، محرجي الدولة في أوقات الأزمات ، أرباب الدعم ( اللوجستي ) من خلف الكواليس تخطيطا وتمويلا وإعلاما ، كي لا يتكرر مثل هذا المشهد في عشرات المطالبات التي تتحدى سياسة البلد وأنظمته ، وقبل هذا وذاك دينه وقيمه التي هي أغلى ما يملك . إننا نطالب باتخاذ تلك التدابير الوقائية والعلاجية التي نجحت في محاصرة العمليات الإرهابية فوأدتها في مهدها ولله الحمد ، لنكرر السيناريو ذاته عبر الأقلام النزيهة والمنابر الحرة والأبحاث الميدانية والدراسات العلمية والاستراتيجيات الفكرية والأمنية لوقف هذه المشاريع التغريبية التي تريد فرض أجنداتها المخالفة لسياسة الدولة وأنظمتها المعلنة ، تلك المشاريع التي تمد بكل خسة ( يد الشحاذة ) للعدو المتربص وتستعديه علينا جهارا نهارا ، ونطالب أيضا أن تشكل لجان مناصحة لأصحاب هذا النوع من الإرهاب الاجتماعي - من كان منهم خلف الكواليس ومن كان أمامها ومن كان في أحشائها - لنوقف هذا النوع من إرهاب النساء وأشباه الرجال قبل أن يفتح الباب على مصراعيه فيصعب علينا قفله . تذكرة : تقول إحدى الداعمات - غير المظفرات - لمثل هذا العدوان السافر على سياسة بلادنا وأنظمتها في لقاء فضائي موثق : الكتَّاب يلفون ويدورون بغية تمرير ما يريدون ، وأنا أخش دغري ما أعرف اللف والدوران .. قلت : اسمع يا سامع .. هذا هو المعلن وما خفي كان أخبث . أما صحيفة ( عكاظ ) فهذه كذبتها التي بلغت الآفاق حين أوردت قصة المرأة التي اغتصبها سائقها زاعمة أن قضيتها منظورة في الدوائر الأمنية ، ثم ما لبثت أن كذبتها هيئة التحقيق والادعاء العام وتم نشر التكذيب في بعض وسائل الإعلام .. قلت : أعوذ بالله من سوء النية وخبث الطوية .. شيء من الحياء يا إعلام الأراجيف ، ولو على أقل تقدير في أوقات الأزمات ومواطن الزنقات . د . خليل بن عبدالله الحدري