المضللون هم الذين ما زالوا يستغفلون الدهماء من الناس في زمن الفضاء المفتوح ، وهم الذين ما برحوا يتباكون على الموضوعية والمناقشة الهادئة المزعومة أمام آلاف القراء بعد تلبيسها بمصطلحات ( الدغدغة الصحفية ) كي يوهموا الناس أنهم منطقيون في كتاباتهم ، متجردون عن كل شيء إلا الحقيقة ، وهذا - وربي - محض افتراء تكذبه مضامين المقالات ذاتها ، وقد حاولتُ الوقوف على أسباب هذا الذي يحدث من بعض كتَّابنا فلم أجد له تفسيرا إلا الكره المبيت والحسد المقيت لكل مظاهر التدين في بلادنا . وهذا أحد رموز الكتابة المتحيزة ضد علمائنا ودعاتنا ومؤسساتنا الشرعية يدعو فضيلة الدكتور محمد العريفي إلى مناقشة هادئة حول خطبته ( الشهابية الحارقة ) التي عرَّى فيها المتفرجين على وطننا وقت الأزمات من جوقة ( الخَبَالَى المتلبرلين ) بلغة إحصائية ماحقة شردت بهم مَن خلفَهم لعلهم يحذرون . لقد كنت أظن أن الكاتب سيناقش الشيخ فيما قال مناقشة هادئة حول لغته الإحصائية التي أيد بها كلامه ، حتى إذا ما أتممتُ قراءة المقال وجدتها مناقشةً عاطفيةً صحفية ًإنشائيةً ( على نار هادئة ) صحيح أنها كانت (مناقشة .. لكنها كانت إنشائيةً من جهة ، وعلى نارٍ هادئة من جهة أخرى فاستوت معها الطبخة ) التي لم تزد مسالك اللبرلة إلا افتضاحاً ، سيما وقد استخدم الكاتب في هذه الطبخة العاطفية ( بهارات ) السخرية والإسقاط ، كقوله عن الشيخ : معضلة محمد العريفي – يعيش معارك مرحلة الكاسيت – يظن أن المجتمع رهين معلومة الشريط - التحريض الرخيص – جهاد البشت على الحد الجنوبي – خطبة استهداف – الحشو الأممي – وطن ضاع في ثنايا الأدبيات الأممية – الخ ... متناسيا أن الدكتور محمد العريفي قد جاوز القنطرة وأن شهرته في الحق فوق شهرة كتَّاب الباطل مجتمعين .. هكذا نحسبه . ثم إن ( البشت والكاسيت والخطبة والحشو الأممي يا سعادة الكاتب ) قد أخرجت أجيالا – من البنين والبنات - لم تستعص على الاختراق فقط ، بل حملت راية المبادرات المشاريعية المحلية والعالمية في نقل رسالة الإسلام إلى العالم فطورت معلومة الكاسيت إلى محطات فضائية ومواقع إلكترونية وألَّفت الكتب والصحف والمجلات العلمية وأشرفت على المراكز الإسلامية وفتحت الجامعات وأنشأت المراكز البحثية وقدمت من النتاج العلمي في كثير من التخصصات ما جعل العالم يتنادى إلى قيمها العقدية والاقتصادية والاجتماعية , ولك – أيا الكاتب - أن تستنطق دوائر المعارف العالمية عن هذه الجهود ، ولو أردت مثالا فاستنطق محطات التلفزة الأمريكية عبر ( سايبرك الفضائي ) عن تصريح ( جورج بوش الابن ) بعد أن وقع في يده نسخة من البحث المسحي الميداني الذي أجراه فريق من جامعة هارفارد على الأسر المسلمة الملتزمة بدينها في الغرب .. ليقول بعد قراءة نتائج البحث وبكل صراحة : ( إذا أردنا لمجتمعاتنا الأمريكية التماسك الأسري والاجتماعي والانضباط الأخلاقي والنجاة من الإيدز فعلي نسائنا أن يقلدن النساء المسلمات في حجابهن وبعدهن عن الرجال ) . المهم ، نعود لموضوعنا : وها أنت- أيها الكاتب - تتباكى - بدموع التماسيح - على وطن ضاع في ثنايا الأدبيات الأممية .. قلت : ثكلتك أمك يا علي : كيف يضيع وطن حسم فيه العلماء المعركة لصالحه في ( جمعة حنين ) فتوجها ولي الأمر – شكر الله مسعاه - بأوامره المباركة التي أعادت الفكر الليبرالي إلى الوراء عشرين عاما كما يقول أحد سدنته . لقد تساءلت كما تساءل غيري من قبل ، هل وزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية قد منحت الكاتب هذه الزاوية الصحفية ليستهدف بها الدعاة إلى الله ومؤسساتهم وتخصصاتهم الشرعيىة التي ينتمون إليها فيمزق بهذه المسالك الشينة أوصال مجتمعنا في استفزاز ظالم غاشم استنصر فيه ( سايبره الفضائي ) فقلب له ظهر المجن وكشف أوراقه أمام العالمين . أما المحصلة النهائية لمقال الكاتب فمختصرها : يكمن في محاولة بائسة سعى الكاتب من خلالها إلى ترقيع غشاء الفكر الليبرالي المتهتك ، حين وقف أربابه متفرجين على الوطن ينتظرون الفتنة خلف شاشات ما سماه ملالي الرفض ب ( جمعة حنين ) وكانت المفاجئة المتوقعة أن سكت الليبراليون عن مناصرة مملكتنا وهي في محك حقيقي مع الأعداء المتربصين .. سكتوا – أخزاهم الله - ينتظرون ما ستؤول إليه الأحداث ، فإن كان للوطن وأهله فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للمجرمين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين ؟ ! . وحين سقط الليبراليون في هذا المستنقع الآسن أراد المضللون أن ينقذوا ما يمكن إنقاذه فانتدبوا أمثلهم طريقة ليقول : وأنتم أيها العلماء والمشائخ وطلبة العلم لم نسمع لكم ركزا حين كان الوطن وجها لوجه أمام ( فتنة الإرهاب ) وكأنه يعترف ضمنا بهذه المواقف المفضوحة لحملة الفكر الليبرالي البائس في ( فقاعة حنين ) . ولا أدري كيف رضي الكاتب لنفسه هذا السقوط حين تجرأ على سَوق هذه ( المقارنة الفضائحية ) في وقت كان يعول فيه على ( السايبر الفضائي والتقنية الإلكترونية ) لتكون شاهدة له على الحقيقة المزعومة ، متناسيا أن التقنية لا يمكن أدلجتها ، ولا يخطر على البال أن تكون يوما من الدهر ( صحافة ورقية ) في أيدي إقصائيين أقحاح ، نجحوا من خلالها في تسلية الجمهور الغفيييير من العوام بالأتان التي ولدت جنيناً برأسين أو البقرة التي حملت رأساً لجنينين . يا علي !! يا مسلم !! يا آدمي !! : إن ولاة أمرنا وفقهم الله وعامة مجتمعنا بل والعالم كله قد شهدوا على دور علمائنا ودعاتنا وأخيارنا ومؤسساتنا الأمنية في التصدي للعمليات الإرهابية مذ وقعت فقاعتها الأولى حتى انحسر هذا الفكر بفضل الله أولا ثم بفضل هذه الجهود العظيمة . لقد حاول الكاتب أن يستر الشمس بغربال فوقف له ( السايبر الفضائي ) فاضحاً الفكر الليبرالي الشهواني المتخبط الذي لا يملك مشروعا حضاريا يمكن أن يقدمه للوطن سوى بريق الدولار ومفاتن المرأة .. أضف إلى ذلك خصوماته الوقحة التي يشنها - عبر المنابر المختلفة - على الفكر السلفي المبارك الذي تحمل الدولة السعودية رايته وتفاخر به في كل محفل . لقد زعم الكاتب في مقارنته الفضائحية تلك أن منابرنا ومحاضراتنا ومخيماتنا ومعسكراتنا الشبابية لم تقف - ولو بجملة واحدة - ضد قنابل الإرهاب التي استهدفت أمننا ومجتمعنا ، فهل صدق فيما قال ؟؟ تعالوا أيها القراء المنصفون إلى ( سايبر علي أكبر الفضائي ) نستنطقه ولعنة الله عليه إن كذَّب الحقيقة . يا سايبر علي .. يا أستاذ قوقل .. يا عم يوتيوب : هل صمت العلماء والدعاة في بلادنا على العمليات الإرهابية ؟ أفتونا مأجورين : جيم جواب : يا ناس استحيوا على وجوهكم ( تروا فيه شيء ينبلع وشي ما ينبلع .. فيه شيء يترقع وشيء ما يترقع ) أصابعكم دليلكم ، وشاشاتكم براهينكم ، ولن أستطيع حصر جهود العلماء والدعاة المؤسسية والفردية ، لكن يكفيكم أن تقوقلوا أو تيوتبوا عبارة ( موقف العلماء من الإرهاب ) ( موقف الدعاة من الإرهاب ) وستظهر لكم الحقيقة .. واحذروا – وما يزال الكلام للسايبر – احذروا أن يصرفكم الكاتب عن فضيحة الليبراليين الحقيقية في صمتهم المطبق عما تعرض له الوطن من فتنة ، فذاك بيت القصيد ومربط الفرس . يا صاحب المناقشة الهادئة : لقد تصفحت المواقع العلمية والإخبارية الفردية والرسمية على الشبكة فرأيت بأم عيني أن شهادة الفضاء الإلكتروني كانت عليك لا لك .. وهو ما جعلني أقول : ( حسبي الله ونعم الوكيل على كل أفَّاك أثيم يقرأ شهادات ( القوقل واليوتيوب ) للعلماء والدعاة في كل موقف تتعين فيه نصرة الوطن والأمة ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا ) . ولكي أكون موضوعيا وأشهد بما رأيت ،، فقد رأيت أن الذين لمزوا الدعاة بمثل ما لمزهم به الكاتب هم الحاقدون على البلد ، المتربصون به الدوائر من اليهود والصليبيين والروافض وأهل الأهواء ،، فقلت متعجبا : سبحان الله !!! كيف رضي بعض المضللين أن يكون جزء من هذه الهجمة الوقحة على الوطن المتمثلة في الهجوم القذر على علمائه ودعاته ؟؟!! وكيف رضي بعض المضللين لنفسه أن يكون في خندق واحد مع أعداء الوطن عَلِم أم لم يعلم !!! وكيف أقحم نفسه في مقارنة فضائحية بين موقف الليبراليين الحقير من ( فقاعة حنين ) وموقف العلماء والدعاة الكبير من ( فقاعة الإرهاب ) وهو يعلم ابتداء أن الشهادة (بكل تجرد وموضوعية ) ستكون ضده ( والسيبرة والقوقلة واليوتبة والتوترة والفسبكة ) لا تَكْذِب أهلها .. وإن كان لا بد من قفلة لهذه الفكرة فبهذا السؤال البريء : بالله عليكم – وأمامكم السايبر الفضائي - هل هذه المقارنة الفضائحية من العقل في شيء ؟؟؟!!! . أما حضور ( الوطن البلد) لا ( الوطن الورق ) في الخطب والمحاضرات فكحضور النفس في حنايا الصدر ، واستنطاق الفطر في حب أوطانها دليل لا يحتاج الإنسان معه إلى كبير جهد ، مثلما أن الدلالة على حياة الإنسان تكون بالنفس الذي يتردد في الصدر ، فهل تريد أيها الكاتب الذكي أن تدلل على أن حياة الإنسان تتحقق بتزاحم الشهيق والزفير في صدره ؟! إنها مسلمة لا تحتاج إلى كبير عقل . أما عيبك على العلماء والدعاة أنهم يحشون خطبهم بالمفردات ( الأممية ) تلك المفردات التي تؤكد على مبدأ عالمية ديننا ، وتوحيد أمتنا ، فهي منك ( شهادة عظمى ودلالة كبرى ) قدمتَها على طبق من ذهب لتؤكد بها على أن الفكر الليبرالي يستهدف محكمات الدين وثوابت الشريعة ، وهذا الاستخفاف منك إنما هو رؤية متطرفة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى ، ووسطيتنا تؤكد على أن حبنا لوطننا فطرة متأصلة في نفوسنا نعيش بها كما نعيش بالأنفاس في صدرونا ، وأن الانتماء لأمتنا والسعي لجمع كلمتها وتوحيد صفها تحت راية واحدة هي الفطرة ذاتها ، غير أنها هنا أوسع مدى من دائرتها الأولى ، وأن الفطرتين تسكنان من قلوبنا في مكان القرارة ، وذلك كله من أعظم مقاصد ديننا الإسلامي الحنيف ، زد على ذلك أن السنة الاجتماعية التي قضى الله تعالى أنها لا تتحول ولا تتبدل - وهي خبر الصادق المصدق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم - تشهد بأن هذه الأمة العالمية الخاتمة ستعيش في مستقبل أمرها حياة اجتماعية مثالية في خلافة راشدة على منهاج النبوة ومن أنكر ذلك فقد أنكر ما عُلم من ديننا بالضرورة ، ومن افتعل التناقض بين فطرة حب الوطن وفطرة حب اجتماع الأمة على منهاج النبوة فهو - ورب البيت - أجهل من حمار أهله . بقي أن تعلم – أصلح الله قلبك - أن السايبر الفضائي والتقنية الإلكترونية - بكل قوقلاتها ويوتباتها وتيوتراتها - لم تعد صديقة لك بعد اليوم فقد خذلتك في أحلك المواقف وجعلتْ من مقارنتك الفضائحية ميداناً للتندر وقدمتْ ميثاقاً غليظاً على أن العلماء والدعاة - بعد توفيق الله ومنته - هم صمام الأمام لبلادنا في كل محنة ، وإن لم تقتنع فاستنطق الأوامر الملكية المباركة ذات البعد الحقيقي في العلاقة بين الدين والوطن والسياسة .. ولا عزاء لمن خرست ألسنتهم عن مناصرة مملكتنا حين انتفخت في طرفها الشرقي ( بالونة حنين ) . د . خليل بن عبدالله الحدري