تأخذ قضايا المراة حيزا كبيرا واسعا في كافة المجتمعات البشرية,ومنذ القرون الآولى,وحتى عصرنا الحاضر الممتليء بالطروحات المتباينة والجدل والنقاش الهاديء والحاد حول هذه المرأة التي هي الآم والآخت والبنت والزوجة! وكم أشغلتْ من الآمم والشعوب حتى بات البعض منهم يراها لغزا محيرا لايفقهه,وظلت هذه الرؤية القاصرة وإلى وقت قريب لدى الكثير من الذين لم ينعموا بنعمة الإسلام العظيم الذي أكرمها وأعزها وأعطاها حقوقها كاملة غير منقوصة,وبيّن دورها الحقيقي الفعال والمتألق في المجتمعات الإنسانية وعلى حدٍ سواء! اعتبرتها الحضارة الرومانية رجس لايستحق أن يرث شيئا من الحياة الآخروية,وأقرت بيعها وشرائها وأنها لاتعد أن تكون إلا من سقط المتاع,وهي في نظرهم من عمل الشيطان! وأما الشرائع الهندية القديمة فقد حكمتْ عليها بالموت بمجرد موت زوجها لآنها في نظرهم لاتستحق الحياة من بعده, ويجب عليها القاء نفسها في النار مع جثته التي تُحرق حسب طقوسهم ومعتقداتهم! ولم تكن المرأة أحسن حالا لدى العرب قبل الاسلام,فقد كانت من ضمن التركة التي يخلفها زوجها عند موته,وكانوا يرونها سبة ومذلة وعارا,حتى قد يصل الآمر ببعضهم إلى وأدها في التراب عند ولادتها..سيما إذا لم يعلم بمجيئها أحد من الناس لآن مجرد أنثويتها فضيحة وخزي لآهلها وذويها,بخلاف الذكر الذي به يفخرون ويستبشرون,وقد يكون كله شر ووبال! وما أسوأ ما تنعتُ به الديانة اليهودية المرأة فهي تطلق عليها اللعنة-الخطيئة-القيد--النجس,وغير ذلك من الاوصاف القبيحة! وإذا ولدتْ المرأة أنثى هجروها ثمانين يوما,وإذا ولدت ذكرا هجروها أربعين يوما,وتعتبر المرأة التي ليست من بني اسرائيل أقل من منزلة البهيمة ولامانع لديهم من الزنا بها وظلمهاوهضم حقها,وتعد شهادة مائة امرأة بشهادة رجل واحد! ولعل النصرانية أشد ظلما وهضما وانتقاصا للمراة من غيرها,فهي خطيئة ادم وهي أخت الشيطان,وهي مهلكة الرجل التي لابد منها وهي خادمة الرجل التي خُلقت من أجله فقد خُلقتْ منه ولم يخلق منها,غير أنها نجس ورجس,ولم تكن المرأة لتعد من المواطنين في جميع أنحاء أوروبا حتى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي,بل هي سلعة للمتعة فقط ولا قيمة لها ولا وزن ولا معيار! غير أن الثورة العلمانية الفرنسية,حين أدّعتْ تحرير المرأة من براثن الكنيسة والدين الذي حُرِّف ولم يعطها حقها ولم يأخذ بشيء من الاسلام أوقعتها في بلاء عظيم وألصقت بها صور الذل والعار! فقد سلختها من أنوثتها التي جُبلت عليها وأوهمتها أنها ِمثلُ الرجل في الحقوق ودعتها للخروج إلى ميادين الكد والعمل,وأخذتْ تستغل هذه المرأة للدعاية والاعلان,حتى وصل الآمر إلى تفسيخها من جُلّ ملابسها لتكون معروضة أمام الرجل الذي قرر أن تكون كما يشاء وكيف يشاء لآجل الاستمتاع بها.. ومحاولة هتك عرضها..طوعاأوكرها...وحين تمرض أوتكبر تُهجرُ وتُنسى وُتذمُ! بيد أن الإسلام العظيم الذي ارتضاه الله للناس كافة,قد جعل لها من الحقوق ما يكفل لها السعادة والهناء والإحترام,في مجتمعها فقد نالت هذا حين تكون أماً,لقول رب العالمين لإبناءها(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا . وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا . رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا } {الإسراء.وحين قال الرسول صلى الله عليه وسلم للرجل الذي سأله عن أحق الناس بحسن صحبته من حديث ابي هريرة( قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي قَالَ \" أُمُّكَ \" . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ \" ثُمَّ أُمُّكَ \" . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ \" ثُمَّ أُمُّكَ \" . قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ \" ثُمَّ أَبُوكَ \" وهي تلك الآم التي قال عليه الصلاة والسلام عنها للرجل الذي أراد أن يجاهد هل لك أم قال نعم(قال الزمها فإن الجنة عند قدمها)صححه الالباني! وإن كانت بنتاً فقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها إذ قال(في الحديث الذي رواه مسلم: \" من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه \" ,وفي سنن ابن ماجه وحسنه الألباني قال صلى الله عليه وسلم \" ما من رجل تدرك له ابنتان فيحسن إليهما، ما صحبتاه أو صحبهما، إلا أدخلتاه الجنة \"وإن كانت زوجة فقد بين الله قوة العلاقة بينها وبين الزوج فقد قال (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا)[الروم:وقال((هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)[الأعراف:189وغير ذلك من الايات الدالة على وجوب الاحترام والتفاهم والمعاملة الحسنة بين الزوجين فقد قال (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) وقال عليه الصلاة والسلام(استوصوا بالنساء خيرا)وقال(خيركم خيركم لآهله وأنا خيركم لآهلي)وهناك الكثير من الكتاب والسنة توجب على الرجل إعطاء المرأة حقها كاملا كما أراد الله وأوصى! إذن هذا هو الإسلام الذي يريد أن يرفع قدر المرأة ويحميها ويصونها,هذا هو الدين الذي أمر لها بحقوقها كاملة غير منقوصة وجعل ابنائها يقبلون قدميها طمعا في الجنة والثواب,وجعل أباها يرعاها حق الرعاية ويحسن تأديبها وتربيتها ليكون مع رسول الله في الجنة,وجعل الزوج يحسن اليها ويحتسب اللفمة التي يضعها في فيها,ويهتدي بهدي نبينا محمد الذي حث وأوصى بها خيرا! أما من شذ من المسلمين المتسلطين العصاة عن هذا النهج فلايقاس عليه أبدا,وهو بحاجة إلى النصح والإرشاد والوعي! هذا هو الشرع المطهر الذي جعل من صلة الآرحام سببا لدخول الجنة,والذين يكون منهم العمات والخالات والآخوات والجدات! إن المرأة المسلمة جوهرة مصون لايرضى الله ولا رسوله ولا المؤمنون أن تُخدش أو تُمس أو تتعرض للآعين والآلسن والقلوب المريضة,فاالله الذي قال(وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الآولى)هو العليم بكل شيء وبكل زمان ومكان وما حدث وما سيحدث,وهوالآعرف بخلقه سبحانه! إن المؤمنين والشرفاء والمنصفين,يكرمون المرأة ويحترمونها ويرونها ملكة على عرشها في بيتها,فهي المربية التي تربي الآجيال وتصنع الآفذاذ,وتمد الآمة بالمصلحين والعلماء والآدباء,قال حافظ الآم مدرسة إذا أعددتها***أعددت شعبا طيب الآعراقِ. إنهم يرونها المكرمة المخدومة التي يتسابق أفراد أسرتها في خدمتها ما بين أبٍ عطوفٍ, أوزوجٍ محب محسن,أو أبنٍ بارمؤدب,أو أخٍ مشفقٍ ذي قلبٍ حنون,أو حفيدٍ متعلقٍ بار! وأما دعاة التغريب فلايرونها إلا كما يراها أسيادهم الذين علموهم والذين لايريدون للمرأة إلا أن تكون عارضة معروضة ودعاية لاصقة هنا وهناك,وأن تكون كادحة متبرجة مذمومة غير مخدومة! غير أن من البديهي أن المرأة المسلمة,لن ترضى بأقل مما أعطاها الاسلام,وهو أن تكون ملكة مخدومة لامعروضة مذمومة! رافع علي الشهري [email protected]