كثيرةٌ هي الرِّوايات عن جُرعةِ الموتِ البَطيءِ والرّاحة المُزيّفة ؛ والجريمة المُمَعنة .. أين وكيف ؟ لا يَهُم .. المُهم ( الغاية والوسيلة معاً ) راحَ ضحيةَ تلكَ \" الفاتِنة الفتّاكة \" الكثير مِمن أغواهم الشيطان .. لستُ أولَ مَن تكتبَ عن هذا .. ولم أكُ أعرفَ تلكَ الحالةَ إلا من خلال ما أقرأه ومشاهدتي بعض الأفلام التجارية التي تُرَوّج لذلِك بحجةِ ترجمةِ الموعظةِ والعِبرة ؛ أعودُ لأقولَ لكم كيفَ عرفتها .. نظراً للظروف التي مرّت بيّ الأمر الذي دعاني وأخوتي تركَ منزلنا الحكومي الكبير ؛ وتأجير غرفتين مع أحد العوائِل الصغيرة المُكوّنة من أم وأب وبنت فقط وابنهم مُهاجر في أحد دول الغرب .. فوجأت بتأثير تلكَ الحُقنةِ على الأب حينما ضَربَ الأم البالغة من العُمر 59سنة .. فبينما كُنت مُحتضنة اخواتي النائِمات بسلام وما زلتْ مُبحلقة عيناي في سَقف الغُرفة وأحسب شروخها التي يجب معالجتِها قبل موسِم المطر لأنها ستُحيل الغُرفة إلى مَسبح والحمدُ لله ؛ ومِن بين سَرحاني في عالم الأحلام الرمادية .. طُرق الباب علينا بحالةٍ هجومية .. لا أريدُ الكلامَ عن كثرةِ السيناريوهات والحوار الذي دار في خلدِنا أنا وأخواتي وأخواي قبل استدلالِنا السبيل لفتحِ الباب وبعد معرفتِنا لشخص الطارق فتحت الباب وإلاّ بتلكَ العجوز ترمي بنفسِها عليّ وكأنها طفلة تحتمي بأمها ؛ فاسندتها واجلستها على ( الحصير ) من الغرفة الأخرى .. وخرجتْ مُهَرولة إلى الأب دون خوف ( لله كم أنا شقيّة ) صُدمت لأني رأيت رجلاً آخر لا يَحمل نفس الملامح أين ذهبتْ مسحة السكينة من على وجههِ ؟ التي تعوّدتها منه .. أين تلكَ المَهابة التي كان يفرضها حينما نجتمع ويُحدثنا عن تاريخ أجداده ؟ بفخرٍ ومنفشَ ريش وكأنهُ بونابرتْ عندما يُعاشِر امرأة ويقضي نِصفَ ليله يُغازلها ببطولاته .. كانَ ضعيفاً جداً مخذولاً واهناً بسببِ حُقنةٍ حقيرة .. دخلتُ صِراعاً مع نفسي بينَ أن أشفِقَ عليهِ أم ...........!!! ولم أشعر بشيء سِوى تِلاوةَ كلامٍ عليه .. يا عم ... ! \" سابقاً كنت أناديه يا حاج \" ( تلكَ الحُقنة التي تُنكحُ بها أوعيتِك التي كانت مُمتلئة بطهرِ حليبِ أمك .. كلَ ما تَصنعهُ فيكَ بلادةً أكثر ..وغيابَ الزمان عنكَ دون أن تدري .. تخنِقُ ثغراتَ جسدِك في خدارٍ تحسبهُ لذة .. وشهوةَ حياةٍ آخرة لا تنتمي إلى بشريتِك .. كي تُدخل إلى عالمٍ مِن إسرافِ الضّجيج .. أتريدُ الموت ؟إنهُ سيأتيكَ كسولاً كي تزداد ذنوباً ؛أنت تنضحُ في النهار عرقاً مِن جسدٍ فيه مُتّسع للحياة ؛ ويأتي الليل كي يَكون هذا الجسَدَ إثماً على روحٍ طالما منعتكَ مِما هو موبِق .. يا عم .. ! تلكَ الجُرعة سوفَ لن تُعطي أحقيةٍ لابنتِك وابنك وزوجتك أن يُسرفوا بالدمع عليك بعد عُمرٍ رذيل .. ولا تستحقَ حتى إقامة جنازةٍ في تابوتٍ يُكتبُ عليهِ كلاماً عن فضائِلك .. يا عم .. ! ابتعدْ فما أبقيتْ للشبابِ شيئاً وبريءٌ مِنك ذا الشّباب .. عرّبدّتْ وزبدّت بكلماتي تلك وتركتهُ مُسَّمِراً وَجوماً لا حراكَ بهِ .. لأني على يقين أنهُ لم يفهم مِنّي حرفاً واحِداً فهو مُغيّبٌ \" عَن ذاتهِ \" تَماماً ومِن يومِها \" منذُ أسبوعين \" وأنا أقيم وأخوتي في منزلِ الدّفان \" الحانوتي يعني \" بِمقبرةٍ قريبةٍ أفضلَ لي مِن ذلِكَ السَّكن .. بعد أن قدّمتْ طلباً لمدير البلدية الذي اعتذر عن منحي سكناً حكومياً آخر .. فقلتْ له : يا سيدي لديك ( س7بعةَ ) قصور وهو رقمٌ مُقدّس .. سكنّي وأخوتي في أحد ملحقاتِها .. لكنهُ عبسَ وبسر لولا لطف الله وترديدي سورة التوحيد لطُردت من مكتبهِ الفخم \" كثيراً جداً \" وما كنت حصلتْ على هذا السّكن الذي أشعرُ فيه بهدوءٍ غير طبيعي .. سَكنٌ مع الموتى في بلدٍ كلَ أرضهِ أثداء يرضعُ مِنها الغرب النفط .. تستكينُ نفسي ويهجعُ جسدي وأنا بينَ هؤلاءِ الأموات وأقول : ها هو ذا بيتنا الحقيقي .. إنهم هادئِون جداً حتى بعدم تطفلِهم لاستخدامي النّت .. الأحياء هم الفوضويون فقط .. ! لم أفجّر ثورةً إذ اتخذتْ هذا الموقِف فقط واجهتْ الإغراء الذي يملأ تفاصيلَ حياتِنا .. يقول مارك توين : ( هناك عدة طرق لمقاومة الإغراء ؛ والطريقة المثلى أن تكون جباناً ( وليكُن .. ! الجّبن ولا المعصية بارتكابِ الرذيلة مهما كانتْ أبعادها .. دعوتي تلك موّجهةً إلى الجميع .. أعزّكم الله جلَّ عُلاه ودعوتكم لِمن يستحِقُها .. دُمتم بخير ..