يُعتبرُ الخَبر مُترجماً لأي حَدث .. مُنذ بدايةِ لُغةِ الإنسان وكم مِن الأخبار استكشفتْ ما خُفيّ مِن حالِ المُجتمعاتِ والعوالِم .. وبِما أن اللغة أفضلُ أداةٍ للتعبير ؛ مُتسايرة مَع المعايير التي آلتْ إليه عجلة التّطور على مَرّ العصور .. لذا فقد صارَ نسجِها مُعتمداً على عُمقِ ما تَحملهُ ذاكرةِ الكاتِب ناهيكَ عَن ذلِكَ ما تَحتويه لُغتهُ مِن مِصداقية .. حيثُ أن الخَبر هو أساس جذريةِ المَعرفة ونوعيتها .. بطريقةٍ تُشّوقُ الإنسان للقضاءِ على الجهل عَن طريقِ شُعاعُ الصِّدق الذي يأتي بِهِ الخبر .. وفي تاريخُنا العربي كانَ الخبر مُلازماً لإنسانِ الصحراء مُنذ تنفسَ الهجير ولسعةِ الرِّمال .. وقبلَ تطوّرَ وسائِلَ الإعلامِ كانَ الرّسُل الشخصيون هم مَن يُمثلُ ظاهرة وسائلُ الإعلام .. بِما يقومون بِه مِن نقلِ الرسائِل والإتفاقيات والأوامر بينَ زعماءِ القبائِل والثغور .. وقد تتعدى ذلك إلى نقل رسائِل عامةِ الناس .. ومنذُ ذلك الحين كانَ الإعلامُ محدوداً بمصداقيته مهما حاولنا تبرأتهِ .. فحتى هؤلاءِ الرّسل طالما شكى مِنهم العامّة عدم نقل الحقائِق بِدقةِ كاملة .. وكُلنا يذكرُ شكوى الشاعِر الشريفُ الرّضي يوم قال .. ( هُم نقلوا عَنّي الذي لم أفه بهِ ** وما آفة َ الأخبار إلاّ رواتَها ) أما الشاعِر النابغة الذبياني فقد أقض الخَبر مضجعهُ وأدمى مقلتيه .. حيث خاطب النعمان بن المنذر ( أتاني أبيتُ العن أنك لُمتني ** وتلكَ التي تَصطكُ مِنها المسامِعُ فَبِّتُ كأني ساورني رَهيبة ً ** مِن القشِ في أنيابِها السّم نافِعُ ) والأحاديثُ كثيرةٌ حولَ ماهيةِ الخَبر وتناولهُ بين الناس .. فَكم هي رِسالةٌ شريفة تلكَ التي يجب حملها في خاصية التّعاطي مع الخبر سواء أكان ذلكَ عن طريق الكتّاب أو الصَحفيين .. ومع تسارع نقل الأخبار والكتابات نتيجة التطور التقني ؛ الذي تعكسهُ الفضائيات والشبكة العنكبوتية حيثُ أننا نعيشُ ثورةَ معلوماتٍ واتصالات .. ويكأنَ العالم يُختصرُ \" رُغمَ سِعتهِ \" في شاشةٍ فضيةٍ صغيرة لا تحتاجُ مِنّا إلا لِكبسةِ زرّ .. ! فلنجعلَ مِن هذا العالم روضةٌ مُتراميةِ الأطراف وارفةُ الظلال باسِقةُ الأشجار .. تفوحُ مِن زواياها عطور الصّدق لإخفاءِ التُّهم الموجهة إليه ؛ على أنهُ المارق الأكبر والكاذب الأشّر \" أقصدُ عالم الصحافة أو السلطة الرابعة \" ولنجعلَ فسائِل تلكَ الروضة .. ( اللغة ؛ الثقافة ؛ المعرفة ) كي يَكونَ للخبرِ وقعاً في القلوبِ قبلَ العينينِ والأذنينْ .. لأجلِ التّعايشَ مع الحوار الحِضاري تحاشياً لِما ينتسبَ لكلِ شيءٍ لاإخلاقي وبالتالي نُنقيهِ مِن كلِ قذارةٍ تخرجُ مِن داخلَ القَمامة ( أعزَّكم الله )