طبقا لمنظمة العمل الدولية فإن العاطل هو كل قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى.\" هذا التعريف اقتبسته من مقالة البطالة في موسوعة ويكي بيديا الحرة ليكون مدخلا للحديث عن مشكلة تهدد شبابنا وبلادنا هذه الأيام. عندما تمر دولة من الدول بأزمة اقتصادية فإنه من الطبيعي أن تفقد الشركات والموسسات القدرة على تحمل أعباء الموظفين مما يظطرها إلى تسريحهم والاستنغناء عنهم لكي تخفف من خسائرها في مواجهة الأزمة مما يخلف عددا كبيرا من العاطلين عن العمل. وعندما تمر بدولة من الدول مجاعة شديدة وأمراض تفقد أفرادها القدرة على العمل فإن هذا أيضا يخلف عدد كبير من العاطلين عن العمل. وعندما يحتاج سوق العمل إلى الكفاءات والكوادر ثم يكون غالب الشباب ليس لديهم التعليم المناسب والتدريب الكافي فإن هذا ايضا يخلف عدد كبير من العاطلين عن العمل. وما سبق ذكره من الأسباب لكثرة العاطلين هي قطعا ليست ما يزيد من نسبة العاطلين في السعودية مع أن نسبة البطالة في السعودية تزيد سنة عن سنة كلما زاد عدد الخريجين من الجامعات والكليات والثانويات. عندما تفتح إحدى صحف الإعلانات وتبحث عن قسم الوظائف المطلوبة فإنك ستجد ما يندرج تحت ( مطلوب مندوبة مبيعات ) يزيد يوما عن يوم كلما تابعت الجرائد. وقد ظننت في يوما أنها نكتة من النكت إذ كيف للفتيات أن يعملن مندوبات بينما الشباب القادر لم يجد الوظيفة أصلا. لكن تبين لي أمر آخر. في إحدى الشركات في السعودية نشر الإعلان الذي تصدره ( مطلوب مندوبين ومندوبات مبيعات ... ) وهذا يعني أنه يمكن للجنسين التقديم على الوظيفة مما يعني أنه سيطلب نفس الشيء من كليهما. إلا أنني لما دخلت الشركة وجدت طريقة الإختبار متفاوتة والمتطلبات أيضا متفاوتة. فعندما يكون المتقدم شاب سعودي يطلب منه دبلوم أو بكالوريوس في مجال الإدارة ومع ذلك أيضا مطلوب خبرة عدد من السنوات. فإذا كان المتقدم غير سعودي يطلب منه فقط خبرة وإن كانت أقل مما يطلب من السعودي. وعندما يكون المتقدم فتاة سعودية يطلب منها شهادة ثانوية أو معهد تدريب في مجال الإدارة أو خبرة. وإن كانت غير سعودية فالخبرة والشهادة لا حاجة لها عندما يكون المظهر مثيرا. هذا ما شهدته عيانا. لكن ما دخل هذا بالبطالة؟ لنرجع بالتاريخ للوراء ولنشهد حادثة تاريخية حدثت لدولة من الدول تعتبر من كبريات الدول الصناعية اليوم وهي التي تصدر منجاتها وتكسب ثقة الزبائن بقوة في كل مكان من العالم . إنها ألمانيا. فقبل أن تصبح دولة صناعية كانت تعاني أزمات اقتصادية خطيرة وعانت البطالة ردحا من الزمان بل وأصبحت نهبا للدول المجاورة تتلاعب بخيراتها ومقدراتها. وعندما وصل هتلر إلى السلطة بدأ يغير سياسات الدولة الداخلية قبل الخارجية ليضمن تماسك الشعب وتنمسة الدولة. وإلى يومنا هذا لم تحض ألمانيا بنسبة بطالة أقل مما كانت عليه في عهد هتلر. وقد كان يشجع مكوث المرأة في البيت وتربية الأبناء وكان قد وضع جائزة تشريفية لمن تلد أربعة من الأطفال فاكثر. وكان يقول : \"لا بد أن يتركز عالمها حول زوجها وعائلتها وأطفالها وبيتها\". وقد ساد في ذلك العصر بأن الإقتصاد الألماني وصل إلى العمالة الكاملة. وهذا يعتبر إنجاز كبير تحلم به أي دولة من الدول. ماذا عن بطالتنا اليوم؟ لقد جرّت المادية والطمع القطاع الخاص إلى الإهتمام بالمصالح الشخصية على حساب المصالح العامة. وهذا طبيعي جدا لأن أهداف الشركات والمؤسسات هو تحقيق الربح سواء كان برشوة موظفي الدوائر الحكومية أو بتوظيف النساء وخلطهم مع الرجال أو بالاستعانة بالجهات الخارجية وتسويق المنتجات المسرطنة والضارة صحيا أو بتقليد المنتجات وغيرها الكثير. وإذا استمرت هذه السيساسة في البلد فسأخمن لكم ما ذا سيحصل في السنين القادمة. سيضطر شباب السعودية للهجرة إلى البلدان المجاورة للحصول على فرص العمل أو لإنشاء مؤسسات خارج البلد بما يسمح لهم العمل هناك بسهولة بعيدا عن التعقيدات الروتينية التي يواجهونها في الدوائر الحكومية. وسيخرج للعمل ربات الخدور والعذارى من بيوتهن ليرزحن تحت وطأة أهل الطمع والشجع ليتحكموا بهن ويستغلوا أنوثتهن لمصالحهم الشخصية بدلا من العفة والشرف في بيوتهن. وسنجد الوزارات والمناصب العليا في الدولة تشغل من قبل الأجانب أو النساء ولا أستبعد أن يكون هناك وزيرة دفاع أو داخلية أو خارجية. يقول الله عز وجل: { وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى }. وهذا الأمر الرباني واضح تمام الوضوح ولكن المغريات جعلت بعض النساء يتركن بيوتهن لكي تستغل لتنفيذ أغراض وضيعة تنقص من شرفها وعفتها. وعدم تطبيق هذا الأمر الرباني هو نسبيا خطأ من الفتيات اللواتي يرضين بالخروج. ولكنه أيضا خطأ من النظام واللوائح التنفيذية التي تركت الباب مفتوحا على مصراعيه لكل شركة بأن توظف المرأة باي طريقة حتى ولو مندوبة مبيعات تتنقل بين الشركات والعملاء لتعرض المنتجات والسلع بعد عرض ماء وجهها. مهما حاولنا علاج مشكلة خروج المرأة للعمل غير المناسب لها بتوعيتها فإنه لن يجدي نفعا ما لم تقوم الدولة بإجبار - وأنا اقول إجبار - شركات القطاع الخاص التي توظف الفتيات بالإلتزام بتوفير العمل المناسب لطبيعة المرأة وبيئتها وكذلك أن يوفر لها البيئة المناسبة دون اختلاط ولا استغلال. ولو حصل ذلك فإني أجزم أن الإعلانات ستقل ولن تجد بعد ذلك مندوبة مبيعات أصلا ولا حتى موظفة استقبال. وهذا سيحل جزءا كبيرا من البطالة الموجودة اليوم بل سيعود بالنفع عليها. فمتى ما وجد الشاب الوظيفة فإنه يسهل عليه الزواج وتكوين العائلة. وهذه الفتاة التي كانت ستعمل مندوبة مبيعات تحت تعمل بكد تحت تجبر وطمع اصحاب الشركات ستصبح سيدة مكرمة في منزل زوجها تهم بشؤونها الخاصة دون استغلال أو إراقة ماء وجه. وليس هذا حل كامل للبطالة لأن هناك مشكلة أخرى وهي العمالة الأجنبية ومشاكل أخرى لكن هذه أهم وأعظم عسى الله أن يعين على دفعها بحوله وقدرته. بقلم : م. عوض العمري