قال "عادل المالكي" وهو كاتب سابق بصحيفة الشرق ومدون. يحمل ماجستير في علوم الحاسب، ومصمم لعدة مواقع. أنه كتب مقالا في مطلع العام 2012 و آخر كتبه في منتصف 2014، لم يكن مفاجئاً حول الاعتراف أن الخط الالحادي يسير في تصاعد مطّرد ويزداد دون توقف. مؤكدا الكاتب عبر مقاله إلى أن الأسباب ما تزال قائمة، والخطاب الديني التقليدي أصبحت شعبيته تتراجع بطريقة رهيبة في مقابل ارتفاع نسبة الملحدين، لا سيما في دولة محافظة كالسعودية. وقال المالكي في المقال الذي نشره موقع ال"سي إن إن": كنت قد كتبت في فترة سابقة مقالاً بعنوان (الإلحاد.. فعل أم ردة فعل؟) تحدثت فيه عن الإلحاد الذي هو آخذٌ في الانتشار في عالمنا العربي بصورة كبيرة وخصوصاً بين أوساط الشباب والفئات العمرية الصغيرة التي تود الانطلاق بحرية دون خطوط حمراء كثيرة تحد من انطلاقتها، وشرحت آنذاك أهم الأسباب التي تدفع أولئك الشباب لسلوك هذا المسلك متجاهلين آلاف الخطب الدينية والخطابات التوعوية والتحذيرات الحكومية التي تربّوا عليها منذ نشأتهم. وبين مقالي السابق في مطلع العام 2012 ومقالي هذا في منتصف 2014، لن يكون مفاجئاً الاعتراف بأن هذا الخط الإلحادي يسير في تصاعد مطّرد ويزداد دون توقف، فالأسباب ما تزال قائمة، والخطاب الديني التقليدي أصبحت شعبيته تتراجع بطريقة رهيبة، والنتيجة واحدة، ارتفاع نسبة الملحدين، لا سيما في دولة محافظة كالسعودية التي أعلنت مؤخراً تصنيف الدعوة للفكر الإلحادي كعمل إرهابي، حيث برزت بحسب تقرير مفاجىء لمعهد غالوب الدولي كدولة تحتوي على أعلى نسبة من الملحدين عربياً! وفي الحقيقة، هناك تباين شديد بين الطريقة التي يفكر بها الملحد العربي ونظيره الغربي ، ففي حين يستمر الملحد الغربي في البحث والتنقيب في أسرار الحياة لزيادة (إيمانه) الإلحادي بالطبيعة والاستفادة من الحرية غير المحدودة التي يوفرها له معتقده، يظل الملحد العربي متعلقاً بمحاربة الأفكار الدينية التي من المفترض أن يكون قد تخلص منها تماماً كما يزعم. الملحد العربي يسعى في الغالب لهدف وحيد من إلحاده وهو الانتقاص من دينه الأصلي ومحاربته وإظهار عيوبه التي لا تنتهي حسب زعمه، لذا تجده في الغالب في وسائل التواصل الاجتماعي متشبثاً بالأوسمة التي تتهكم بالأديان أو رجال الدين، ولا تجده في تلك النقاشات العلمية حول أطروحات فرويد وماركس وريتشارد دوكنز لأنه غير مهتم فعلياً بنظريات الإلحاد وفلسفته الحقيقية، مع أن كثيراً من ملحدي الغرب كتبوا مراراً حول ضرورة أن يهتم الملحد بالبحث العلمي بدلاً من مهاجمة الأديان وعدم احترامها. وعند الحديث بشكل خاص حول الإلحاد في السعودية، تبرز خواص تميزه عن الإلحاد العربي من ناحية كونه أكثر حدة في الطرح ومهاجمة الأفكار والرموز الإسلامية ، وازدراء الدين الإسلامي بشكل عنيف دوناً عن الأديان الأخرى، وتبني فكر دوغماتي في كثير من الأحايين، وهذا برأيي أمر متوقع حيث أن الملحد السعودي نشأ في بيئة دينية صرفة غير منفتحة وهذا ما تسبب عكسياً في وقت لاحق بنغمة إلحاد متشنجة نافرة، معادية، ومتوجسة أيضاً. ومن المثير للانتباه مثلاً كثرة الأطروحات التي تتهكم بشهر رمضان أو تقدح في شعيرة الصيام التي يؤمن بها جميع المسلمين، بالرغم من احتفاء أصحاب تلك الأطروحات بالمناسبات الدينية والأعياد للأديان الأخرى ك "الكريسمس" و "الفالنتاين" وغيرها، وهذا ما يؤكد طغيان البراغماتية وفقدان البوصلة لدى الملحد العربي والسعودي بشكل خاص وعدم استناده على أرضية صلبة كما عند الملحد الغربي، مع اعتقاده حين يفعل ذلك بأنه سيركب الموجة ويصبح ملحداً حقيقياً. ولا بد من الإشارة في هذا الصدد والحديث يعود لكاتب المقال : إلى أن الذين يفعلون ذلك يقومون به في معظم الأحيان مستخدمين أسماء مستعارة أو عبر وسائل تواصل اجتماعية مغلقة، ويعود ذلك في رأيي -بالإضافة إلى الخوف الطبيعي من الوقوع تحت طائلة القانون- إلى أن مقدرتهم على مواجهة مجتمعاتهم بأفكارهم الجديدة ضعيفة، إما لأن أفكارهم أصلاً مشوشة وغير ناضجة ولا يستطيعون دعمها بنظريات مساندة كما يفعل الغربي، أو لأن تلك الأفكار مجرد تنفيس لا أكثر. واقع الحال يقول أن الشاب اليافع المندفع للحياة والمتشرب بتناقضات دينية عديدة يجد نفسه أحياناً أمام مسارين: إما التطرف أو الإلحاد. ولنكون أكثر دقة، إما التطرف مع الدين أو ضده. ولأنه لم يستطع التأقلم مع الدعوات الدينية المتشددة المتواصلة ليلاً ونهاراً فقد يختار الدرب الآخر ، ولذا فإن كثيراً ممن يسمون أنفسهم ملحدين لدينا ما هم إلا ملحدون اسماً ومتدينون ضمناً بشكل أو بآخر، ويسعون من خلال استعارة الأفكار الإلحادية إلى إثبات ذواتهم لا إلى الإلحاد فعلاً، باستخدام نفس أدوات الخطاب الديني التقليدي. ومن الطريف أنه وفي اليوم الأخير قبل رمضان، وحين كان أذان الفجر سيعلن مولد أول يوم صيام، وجدت بعض هؤلاء يسارعون لشرب الماء استعداداً للصيام!