بخلاف العديد من المجتمعات العربية تحظى المرأة المطلقة في المجتمع الصحراوي في المغرب بالترحيب ضمن طقوس احتفالية تسمى "التحْراش" أو "التعْراظ" باللغة المحلية، حيث تُستقبل المرأة المطلقة بكثير من الفرحة وسط أغانٍ وأهازيج احتفالية عارمة. ويحتفل المجتمع الصحراوي بالمغرب بالمطلقات بهدف تحقيق أمرين: الأول يتجلى في مساعدة المطلقة على تجاوز أزمتها النفسية والاجتماعية بعد تجربة الانفصال، والثاني يكون احتفالاً شخصياً من المطلقة نكاية في الزوج الذي أذاقها الويل في حياتها الزوجية. مكانة المطلقة وقالت البيضة بنت بيه، إحدى الناشطات الصحراويات، في تصريحات ل"العربية.نت" إن "المرأة المطلقة في المناطق الصحراوية عموماً لا تحزن كثيراً في فترة ما بعد الانفصال عن زوجها، باعتبار أنها تجد كل الترحاب وحسن المعاملة من طرف عائلتها ومحيطها القرب والبعيد". وتابعت بنت بيه بأن "الرجل الصحراوي لديه معايير في النظرة إلى المرأة المطلقة تختلف عن رجال باقي مناطق البلاد، ذلك أنه ينظر إلى المطلقة من بنات منطقته على أنها تمتلك تجربة ثرية في الحياة تستحق الاحتفاء بها، ولا ينظر إليها على أنها امرأة فاشلة في حياتها الزوجية". والتقطت سميرة بنحكة (مطلقة صحراوية)، خيط الحديث من سابقتها لتؤكد في تصريحات ل"العربية.نت" أنه بعد طلاقها قبل سنوات قليلة بدأت لديها "حياة جديدة كأنها لم تتزوج ولم تُطَلق من قبل"، مشيرة إلى أن الفضل في ذلك يعود إلى أسرتها التي "رفعت من قدرها أكثر من قبل". وأفادت أن "المرأة المطلقة في المجتمع الصحراوي تعتبر غالباً في مكانة معنوية أكبر من الفتاة البكر، حتى أن مهرها يكون أغلى وأكثر قيمة في الزواج الثاني بغض النظر عن سنها أو مدة زواجها الأول، تقديراً لتجربتها الشخصية في الزواج". طقوس الاحتفال ومن جهته يسرد إبراهيم الحيسن، الخبير في تراث وعادات الصحراء، بعضاً من طقوس الاحتفال بالمرأة المطلقة في المجتمع الصحراوي، منها إطلاق النساء من معارف عائلة السيدة المطلقة للزغاريد والأهازيج الاحتفالية بمجرد عودة المطلقة إلى بيت أسرتها. وتقوم النساء بإنشاد أغنية شعبية يواسين بها المرأة المطلقة من خلال عبارات غنائية تشبه الإعلان العلني لطلاق الزوجة، من قبيل أغنية "يا الكاعدات ويا المشدودات، فلانة منت فلان تخلات"، والمقصود بها "أنصت با جالسات ويا باقيات، فلانة تم تطليقها". وأوضح الباحث أن الاحتفال بالمطلقة في المجتمع الصحراوي يختلف من أسرة إلى أخرى بحسب وضعيتها المادية، فإذا كانت المطلقة تنتمي إلى عائلة غنية يكون الاحتفال كبيراً يكاد يشبه الزفاف أو العرس، بينما الأوساط الفقيرة تقيم حفلاً أسرياً صغيراً. وتمتد الاحتفالات بالمرأة المطلقة إلى نحر جمل أو ناقة أمام بيت أو خيمة أسرة المطلقة، بينما تعمد المطلقة إلى أداء رقصة تشبه رقصة الوداع للحاضرين الذين وفدوا لمواساتها والرفع من معنوياتها، فيما يبدأ الرجال الذين يودون الزواج من المطلقة في التقدم لخطبتها.