فرنسا متهمة بغض الطرف عن تهريب 1800 سبيكة ذهبية، نقلها جوًا الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وزوجته ليلى طرابلسي، لتمويل حياتهما المترفة في المنفى، على حساب الشعب التونسي الذي يواجه الفقر والبطالة. حيث قال ضباط في الجمارك التونسية أن سبائك الذهب، التي تبلغ قيمتها 72 مليون دولار، نُقلت عبر مطارات فرنسية بالرغم من تعهد الاتحاد الاوروبي بتجميد أرصدة الحكام المخلوعين في ثورات الربيع العربي. وأكدت مصادر في الجمارك الفرنسية اشتباهها بأن الذهب نُقل في عملية اشرفت على تنظيمها ليلى طرابلسي، التي كانت تُعرف بلقب ملكة قرطاج. لكن المسؤولين في باريس غضوا الطرف عن الاتهامات بتواطؤ السلطات مع عملية تهريب الذهب عبر مطارات فرنسية، ولم يُفتح أي تحقيق في هذه الاتهامات. إلى دبي أولًا كشفت صحيفة نيس ماتان المحلية عن عملية تهريب الذهب عن طريق فرنسا، لتضيف فصلا آخر إلى قصة العلاقة المشبوهة بين فرنسا وحاكم تونس، التي كانت مستعمرة فرنسية حتى نيلها الاستقلال في العام 1956. وكانت علاقة وثيقة تربط بن علي بالرئيسين السابقين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي. وحين اندلعت ثورة الياسمين، أفادت التقارير أن ليلى طرابلسي أمرت محافظ البنك المركزي بتسليمها سبائك الذهب، إذ اعتبرتها ملكية شخصية. وتردد أنها وضعت الذهب على متن طائرة خاصة، نقلتها مع زوجها إلى الرياض، حين أصبح بن علي أول حاكم يطيح به الربيع العربي. لكن هذه الأنباء نُفيت لاحقًا. ونقلت صحيفة تايمز البريطانية عن مصدر قريب من الحكومة الفرنسية قوله إن ليلى طرابلسي أرسلت الذهب قبل ذلك إلى دبي. حمّالو الذهب قالت مصادر جمركية فرنسية لنيس ماتان إن تونسيين بدأوا يتوافدون على المطارات الفرنسية بعد الثورة بفترة وجيزة، حاملين معهم 10 إلى 40 كلغم من الذهب. وكانوا يهبطون في مارسيليا أو نيس أو باريس، حيث يعلنون انهم يحملون ذهبًا في أمتعتهم، ثم يغادرون إلى دبي أو اسطنبول. وقال ضابط في الجمارك إن الذهب كان عائدًا إلى بن علي. كما قال ضابط في مطار نيس: "نحن عادة لا نرى ذهبًا يمر عبر مطارنا، وعندما تقدم التونسي الثالث ليعلن حمولته من الذهب أدركنا أن ثمة مشكلة تواجهنا، وحين اكتشفنا أن الأمر نفسه يحدث في مارسيليا وباريس أبلغنا مسؤولينا، لكن لم يُطلب منا قط أن نتدخل". وكان حمالو الذهب يسافرون عن طريق فرنسا بمعدل خمسة أشخاص في الاسبوع، ابتداء من كانون الثاني (يناير) وحتى نيسان (ابريل) 2012، اي قبل شهر على الانتخابات الرئاسية الفرنسية. لكن حمالًا آخر وصل قبل أيام إلى نيس، قادمًا من جزيرة جربة، حاملا 12 كلغم من الذهب في حقيبة سفر. وكانت وحدة مكافحة الارهاب في مديرية الاستخبارات والتحقيقات الجمركية الفرنسية تتابع حركة الذهب. ونقلت صحيفة تايمز عن مصدر في الحكومة الفرنسية قوله: "يبدو واضحا أن حركة من نوع ما كانت تجري ولكن لم يتأكد إن كانت ليلى طرابلسي تنظمها، ومن الجائز أن يديرها اشخاص قريبون من أسرة بن علي، يتولون بأنفسهم إخراج الذهب. وليس هناك ما هو غير قانوني في حمل الذهب في الاتحاد الاوروبي". غض طرف فرنسي تسري تكهنات في باريس حول غض المسؤولين الطرف آنذاك عن حركة نقل الذهب، تفاديًا لخطر رفع الغطاء عن الوجه الكالح من علاقة فرنسا بنظام بن علي. وقال المصدر: "من الجائز إلى حد بعيد أن تكون إدارة ساركوزي قد أغمضت عينها عن ذلك". وكان هذه العلاقة المريبة تبدت بشكل ساطع عندما عرضت ميشيل إليو ماري، وزيرة الخارجية الفرنسية وقت اندلاع ثورة الياسمين، مساعدة فرنسا في قمع الانتفاضة. واستقالت بعد فترة قصيرة على ذلك، عندما اتضح أنها تمتعت بثلاث إجازات مجانية في تونس، موَّلها أشخاص قريبون من بن علي. وقال وليام بوردون، رئيس منظمة "شيربا" لمكافحة تبييض الأموال، إن الذهب الذي هُرب مرّ من خلال استغلال ثغرة في القانون الفرنسي. ونقلت صحيفة تايمز عن بوردون قوله: "نعرف أن الذهب وسيلة لتبييض الأموال، يلجأ اليها من يريدون الفرار من العقوبة والإفلات من التحقيق، وذلك بتقسيم الذهب وتهريبه شيئًا فشيئًا من تونس إلى أماكن أكثر تساهلًا، مثل دبي المتسامحة جدًا في هذه المسائل"..بحسب إيلاف