باشر الشاب اليمني نشوان (19 سنة) عمله في متجر لبيع الملابس يملكه أحد أبناء منطقته حيث درج بعض أصحاب المحال التجارية على استخدام الشبان خلال شهر رمضان الذي يشهد إقبالاً على شراء الملابس والأحذية. بيد أن عمل نشوان هذا العام لن يكون عملاً بما تعنيه الكلمة بل هو أقرب إلى السخرة. فما سيحصل عليه، بحسب روايته، لا يتعدى وجبتي عشاء وسحور وبعض القات إضافة إلى بذلة جديدة سيستلمها عشية العيد ومبلغ مالي صغير عبارة عن إجرة مواصلات للعودة الى قريته. وجاء في تقرير من صنعاء أنه على رغم الظلم الواضح، يعد نشوان محظوظاً كونه حصل على هذه الفرصة على الأقل، فهناك العشرات من الشبان المستعدين لقبول هذا العرض في حال رفض نشوان. وتؤدي الأوضاع الاقتصادية المتردية التي بلغت حداً غير مسبوق من حيث ارتفاع نسبة البطالة والفقر، إلى إجبار شباب كثيرين على القبول بأي عمل وبأي أجر لسد الرمق. وقال نشوان أن عمله في رمضان يبدأ في الثالثة عصراً وينتهي عند الرابعة من فجر اليوم التالي, وأحياناً يكلف بالقيام بمهام اضافية مثل الذهاب إلى السوق لشراء خضار ولحوم وقات وإيصالها إلى منزل رب العمل. ولا يقتصر استغلال الظروف الاقتصادية الصعبة للشباب اليمني على المجال التجاري والصناعي فحسب بل يمتد إلى المؤسسات الحزبية وحتى المنظمات الإرهابية. وأكدت مصادر محلية متطابقة في محافظة أبين الجنوبية أن عشرات الشبان الذين انخرطوا للقتال في صفوف جماعة «أنصار الشريعة» التي توصف بأنها الفرع اليمني لتنظيم «القاعدة»، فعلوا ذلك بدافع الحاجة إلى المال والغذاء لهم ولأسرهم. وتنبهت للأمر على ما يبدو السلطات اليمنية والأميركية حين شرعت أخيراً بتجنيد الآلاف من أبناء القبائل في حربها ضد الجماعة حتى تمكنت من دحرها من المدن الرئيسية. وكانت جماعة أنصار الشريعة غايرت تنظيم القاعدة الأم في كثير من الأساليب ومنها الشروط المفروضة لتجنيد عناصر جدد. فخلافاً لتنظيم القاعدة الذي عرفت عنه الصرامة في التجنيد مثل شرط التدين الصارم وعدم التدخين وعدم مضغ القات، قبلت جماعة أنصار الشريعة بانضمام كثيرين من غير الملتزمين دينياً. ومع شلل عجلة الاقتصاد اليمني أو تعطلها، تبدو الصراعات السياسية والمذهبية ساحة مثالية وسوقاً متاحة لكسب العيش في بلد تصفه منظمات دولية بأنه على شفا كارثة إنسانية. ووفقاً لبيان صدر الخميس الماضي عن منظمة «أوكسفام» وهيئة الاغاثة الإسلامية، فإن 44 في المئة من سكان اليمن ليس لديهم ما يكفيهم من طعام، فيما تفيد تقديرات محلية أن نسبة الفقراء تجاوزت 70 في المئة من السكان. وعلى رغم تواتر التحذيرات بشأن الوضع الإنساني، ما زالت السلطات اليمنية تتعامل بأذن من طين وأخرى من عجين يجاريها في ذلك المجتمع الدولي الذي يزعم أنه يسعى إلى معالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية للتطرف. في السنوات الماضية كان شبان اليمن يلجأون للعمل خلال الإجازة لأغراض ترفيهية مثل شراء ملابس أكثر أو دراجة هوائية أو مستلزمات خاصة، أما الآن فانهم يكدون للحصول على عمل لتوفير وجبة لهم ولأفراد أسرهم. وهناك من ترك الدراسة نهائياً ليبحث عن عمل لم يجده حتى الآن.