طالب الكاتب أسامة سعيد القحطان في مقاله بصحيفة “الوطن” أن تضع الهيئة نظاما واضحا للناس في العديد من الأمور، كي يكون الأمر واضحا للناس، ولحفظ حقوق المحتسبين ومنع تلك المخالفات بشكل نظامي، وهو أدْعى وأقوى، ولمنع الاجتهادات الخاطئة في تفسير المنكر أو تحديد المنكر من غيره، بالإضافة إلى حفظ كرامة الناس في الأسواق وغيرها، عندما تكثر شكواهم من تصرفات بعض المحتسبين. وأكد أن من واجب الجهات المسؤولة، ومن أهمها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن تضع نظاما واضحا للناس في العديد من الأمور، كي يكون الأمر واضحا للناس، ولحفظ حقوق المحتسبين ومنع تلك المخالفات بشكل نظامي. وقال “الأمر يحتاج إلى نظام مكتوب يُبين واجبات ومسؤوليات المواطنين والمقيمين الذين كثيرا ما يكونون ربما غير مسلمين أيضا بكل وضوح، وعدم ترك الأمر إلى اجتهادات وتصرفات الأفراد، الأمر الذي يُفضي غالبا إلى النزاع والخطأ بطبيعة البشر. وهذا بنظري من أهم الأمور التي يجب على الإخوة في المؤسسات ذات العلاقة وعلى رأسها الهيئات أن يهتموا به، حيث نحن نعيش في عصر الحضارة وسيادة النظام (وفي بلدنا ولله الحمد النظام مستمد من الشريعة بشكل كامل) ولا يتحمل الوضع عدم الوضوح في الواجبات والالتزامات، خاصة فيما يتعلق بالأعراض وعندما يمس كرامة الناس وحرياتهم”. وفيما يلي نص المقال كاملاً: كيف تعمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ يقول الله تعالى (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن..) الآية إلى أن قال (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون). فقد أمر الله تعالى المؤمنات بغض الأبصار عن الحرام وحفظ عوراتهن من أن تقع في الحرام، كما أمر بعدم إبداء النساء للزينة الباطنة كما يقول الفقهاء إلا للبعولة أو المحارم ونحوهم. والشواهد والنصوص في هذا السياق لا تُحصى، في الأمر بعفّة المرأة وستر زينتها وبعدها عن التبرّج والسفور الممنوع أمام الرجال الأجانب. وهذا بلا شك يُظهر حرص الإسلام الشديد على حفظ كرامة وحرمة العورات، والنهي عن الوقوع في الفواحش والآثام. ولكن، ما هو الستر الواجب على المرأة، والذي يجب أن يُؤاخذ عليه النظام ممثلا في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو المؤسسات القضائية؟ ولا أتحدث هنا عن الستر الواجب من حيث التعبّد، والذي يكون بين العبد وربه، وإنما عن الستر الواجب نظاما، والذي يُخوِّل الجهات الرسمية بالمحاسبة أو المعاقبة. كما أنني لا أتحدث عن المناصحة هنا، والتي يكون الأمر فيها واسعا، إلا إذا جاءت على سبيل التوبيخ أو التشهير. ومن المتقرّر لديَّ عِظمُ وأهميةُ الحفاظ على السمت العام وظهور معالم الإسلام، ومحاربة التبرّج والسفور اللذينِ حرمهما الله، إلا أن كون بقاء الأمر فضفاضا دون توضيح؛ قد يُفضي إلى الفوضى، ويُصبح الأمر عائدا تقديرُه إلى ذلك الموظف أو المحتسب الذي قد يكون متعلما وقد لا يكون، وربما يكون لديه أمراض نفسية، وغير ذلك من الاحتمالات التي قد تقع. ولذلك؛ من واجب الجهات المسؤولة، ومن أهمها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن تضع نظاما واضحا للناس في العديد من الأمور، ومن أهمها هذا الأمر، كي يكون الأمر واضحا للناس، ولحفظ حقوق المحتسبين ومنع تلك المخالفات بشكل نظامي، وهو أدْعى وأقوى، ولمنع الاجتهادات الخاطئة في تفسير المنكر أو تحديد المنكر من غيره، بالإضافة إلى حفظ كرامة الناس في الأسواق وغيرها، عندما تكثر شكواهم من تصرفات بعض المحتسبين وأعتقد جازما أنها من تصرفات قلة قليلة التي قد تكون مبنية على اجتهاد خاطئ! كما أن إجراءات الضبط تحتاج إلى الكثير من التبيين والمراجعة، إلا أن هذا موضوع آخر ليس هذا مكانه في هذه العجالة. ولبيان الأمر أكثر؛ في القضايا التي وُجد فيها الخلاف بين العلماء، هل للمُحتسب وليس المُناصح أن يُنكر على الآخرين عندما يأخذون بقولٍ من الأقوال المعتبرة؟ وعلى سبيل المثال؛ كشف الوجه للمرأة. يعلم الجميع أن هذا مما لا يدخل فيه الإنكار، إلا إذا صاحب ذلك عَرَضٌ آخرُ يستوجبه. ومع ذلك، ففي حال الأخذ بأنه منكر ويجب إنكاره، فإن إعلام الآخرين بنظام منشور مكتوب من أبسط حقوقهم الطبيعية، طالما أنهم سوف يُؤاخذون بذلك، بدلا من الوقوع رهينة الإحراج وربما الإهانة أمام الناس! أضف لذلك مثالا آخر، وهو في حال كون الأمر يعود في أصله إلى العرف والعادة، مثل لون العباءة وشكلها أو وضعها، أو حتى لبس العباءة من عدمه في حال كون اللبس ساترا، وما أشبه ذلك من الأمور العائدة إلى العرف. ففي مثل هذه الحالات، ما هو النظام الواجب تجاه تلك الأمور؟ هل للمحتسب الحق في منع من لا يمتثل إلى ذلك؟ وبالتالي معاقبة أو محاسبة مخالفه؟ هذا الأمر يحتاج إلى نظام مكتوب يُبين واجبات ومسؤوليات المواطنين والمقيمين الذين كثيرا ما يكونون ربما غير مسلمين أيضا بكل وضوح، وعدم ترك الأمر إلى اجتهادات وتصرفات الأفراد، الأمر الذي يُفضي غالبا إلى النزاع والخطأ بطبيعة البشر. وهذا بنظري من أهم الأمور التي يجب على الإخوة في المؤسسات ذات العلاقة وعلى رأسها الهيئات أن يهتموا به، حيث نحن نعيش في عصر الحضارة وسيادة النظام (وفي بلدنا ولله الحمد النظام مستمد من الشريعة بشكل كامل) ولا يتحمل الوضع عدم الوضوح في الواجبات والالتزامات، خاصة فيما يتعلق بالأعراض وعندما يمس كرامة الناس وحرياتهم. وختاما؛ أجد من الواجب أن أقدّر جميع إخواني المحتسبين، وأن أدعو لهم بالتوفيق والحفظ والسداد، جزاء لما يقومون به من جهاد وعمل جبار في حفظ العورات والمحافظة على مظاهر الشريعة، جزاهم الله كل خير.