تقرير نشرته صحيفة الحياة اللندنية بقلم خالد الخالد، يحكي قصص سعوديين شباب، اختاروا عدم العودة إلى وطنهم، بعضهم من أجل حبيبة أصبح حبها مقدماً على حبّ الديار، وآخر كان خطئه أنه تجاوز حدود الطموح، وحاز الماجستير بعد البكالريوس ولكن دون التنسيق مع الملحقية، فما اعترفوا (بهذه) الماجستير، فيما آخر يحكي قصة البيئة التي تمنح الفرصة، وكل عوامل النجاح .. فلمَ يعود. قبّله على رأسه وسأله مبتسماً "ماذا ستفعل عندما تكبر يا فهد؟" فردّ الصبي الذي لم يتجاوز عمره التسع سنوات "سأذهب إلى أميركا، عند عمي وأخي الأكبر". حلم فهد لم يعد غريباً، فعشرات آلاف السعوديين الذين ابتعثوا (للدراسة في الخارج) على نفقة برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، أثّروا في مجتمعاتهم في شكل كبير، خصوصاً في الأجيال التي تصغرهم، عندما يروي العائدون منهم قصصهم وتجاربهم. طموح كبير للوصول إلى مراتب علمية عُليا، يتحول رغبة في إكمال الطريق إلى الأمام... واللاعودة، وبدء حياة أخرى، في (وطن العلم). هل هي مغريات الحياة الجديدة، أم هو تأثير صدمة يتعرّض لها مبتعثون سعوديون يحملون همّ الشهادة، ليمسوا حالمين بحياة جديدة. "الفرصة الوظيفية كانت دافعي الأول"، يقول المبتعث ماجد علي مبرراً سبب اختياره الاستقرار في بلد الابتعاث. و(عدم التقدير) كان ما دفعه للبحث عن فرصة خارج الوطن. ويقول "حزتُ الماجستير في الهندسة من جامعة أميركية، بعد أن حصّلتُ بكالوريوس في وقت قياسي. ولكنني صُدمت عندما رفضت الملحقية تصديق شهادة الماجستير بحجة أنني مبتعث لدرجة البكالوريوس فقط". ثم يضيف "رحت أبحث عن فرصة للعمل في أميركا للاستفادة من درجتي العلمية، وحصلت على عرض مغرٍ، ما شجعني على البقاء" "الفرص الوظيفية والمعيشة السهلة والجميلة"، هذا ما تغنّى به صلاح محمد وهو يسطر أسباب اختياره "عدم الرجوع". ويوضّح "عندما ترغب في الإنتاج والتطوير وتجد البيئة التي تحتضنك وتوفر لك كل عوامل النجاح، يصبح السؤال الملحّ لِمَ الرجوع؟". ويعزو ياسر عبدالعزيز رغبة بعض المبتعثين في الاستقرار خارج الوطن إلى بحثهم عن سبل أفضل لبناء حياة كريمة لأنفسهم ولأبنائهم مستقبلاً، وهو يرى الوطن مكان الرزق، لا الحدود الجغرافية التي ينتمي إليها. العلاقات العاطفية وقصص الزواج تشكل نسبة لا بأس بها من أسباب الهجرة، حيث يرتبط المبتعث بفتاة ويضحّي بالعودة إلى الوطن. وهذا ما يؤكده خالد فهد وهو يردد بيت قيس بن الملوح "وما حُب الديار سكن قلبي / ولكن حب من سكن الديارَ". فتعلّق المبتعث بزميلة دراسة أمر وارد. وقد يصل الأمر إلى الزواج، ما يزيد المسؤوليات على الطالب ويجبره على الرضوخ لضمان استمرار العيش مع شريكة حياته، فتصعب عليه العودة معها، لأنه يكون خالف قوانين الابتعاث والدولة في الزواج بأجنبية. يشار إلى أن وزارة التعليم العالي التي تشرف على برنامج الابتعاث في السعودية تقاضي كل طالب سعودي يحاول المكوث في بلد الابتعاث بعد التخرج أو الحصول على جنسيته والعمل فيه.