لا تبتعد دروب كرة القدم عن السياسة كثيراً، فمثلما قاد العقيد الليبي معمر القذافي بلاده إلى حرب أهلية تدور رحاها الآن، كاد «الفيفا» أن يدخل النفق ذاته ولكن على طريقته الخاصة، بعد تشبّث السويسري جوزيف سيب بلاتر بمنصبه وتحريكه كل «الدمى» والقوات في آن واحد، للفوز بولاية رابعة. ومثلما يفعل السينمائيون حينما تتوقف عدسة الكاميرا عن الدوران في لحظة الذروة الدرامية، اختار القطري محمد بن همام إيقاف «دراما الفضائح» قبيل ساعات من مثوله برفقة بلاتر أمام لجنة الأخلاق التي كانت تنذر ب «تسونامي» يهز أركان الاتحاد الدولي لكرة القدم، على حد تعبير أحد أبطال القصة التريندادي جاك ورنر. وفي الوقت الذي كان فيه الجميع يراقبون الجانب القانوني و«غير القانوني» من الأطراف كافة، جاءت صافرة رئيس الاتحاد الآسيوي لتوقف «المباراة» وتعلن نهايتها باكراً دونما إثارة قصوى أو قرارات ساخنة، إثر سلسلة من قذائف الاتهامات التي طاولت حتى نهائي دوري أبطال أوروبا، بسبب دعوة الاتحاد الإنكليزي 150 عضواً لحضور النهائي. وعلى رغم تأكيدات الأمين العام ل«الفيفا» جيروم فالكه (المحسوب على بلاتر) بأن بن همام لم ينسحب من سباق الترشح قبل أيام، إلا أن المؤشرات كانت تشي بما يدور في هذا الفلك، ومنها تراجع قناة «الجزيرة الرياضية» عن بث مباشر من زوريخ، والاكتفاء بتغطية الحدث من الدوحة، بحجة عدم توافر «موقع ملائم» لبث المتابعة الإخبارية المباشرة من سويسرا. ابن همام الذي قضى أعوامه الأخيرة في كوالالمبور رئيساً للاتحاد الآسيوي استمر على وفائه لهذه المدينة التي ضبط ساعته «البيولوجية» على توقيتها، إذ إنه اختار إعلان الانسحاب من سباق الترشّح لكرسي «الفيفا» بتوقيت بدء الدوام الرسمي في ماليزيا، على رغم أنه لم يكن وقتاً مناسباً للأوروبيين، فيما كان العرب يغطون في سبات عميق. وأذيع مساء ان لجنة القيم في الاتحاد الدولي برأت ساحة بلاتر من تهمة تقديم رشى، لكنها اوقفت بن همام وجاك وارنر نائب رئيس «الفيفا» بشكل موقت. وقالت اللجنة انها على قناعة بأن بن همام ووارنر سيتعين عليهما الاجابة على تساؤلات بتهم الرشى، لكنها أكدت انهما بريئان الى أن يثبت العكس.