نوه أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للأئمة والخطباء بجامعة طيبة الدكتور محمد يحي غيلان بندوة "القرآن الكريم والتقنيات المعاصرة "تقنية المعلومات") التي ينظمها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينةالمنورة خلال الفترة من 24-26/10/1430ه الموافق 13-15/10/2009م . ووصف الدكتور غيلان – في تصريح له – الندوة بأنها درة من عقد البناء المبارك الذي بدأ بتشييده النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - في تعليم الناس القرآن الكريم وتزكيتهم به ، وبيان معانيه وحكمه وأحكامه لهم ، قال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُميِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) ، حيث استمرت الأجيال بعده من علماء الأمة في هذه المسيرة المباركة ، فكانت العناية بالقرآن وعلومه من المهمات التي قاموا عليها خير قيام ، وتظهر تلك الأعمال في العلوم التي قدموها في التفسير وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ وإعراب القرآن ، وفي كل ما يسمى بعلوم القرآن. وأكد الدكتور غيلان أنه من واجب كتاب الله علينا أن نقدم له كل ما نستطيعه من دراسة وأبحاث وندوات ومؤتمرات توضحه وتقربه إلى الناس ، وتسهل عليهم حفظه ومعرفة معانيه وتطبيقه في واقع حياتهم ، لأن الوظيفة الأساسية للقرآن هي إصلاح الناس، قال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا). وقال أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للأئمة والخطباء بجامعة طيبة : إنه في تلك المسيرة العلمية المباركة يأتي الموضوع الرئيس لهذه الندوة – بجميع محاوره – كما يأتي متوافقا مع الثورة التقنية التي يعيشها العالم في شتى مجالات الحياة العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها ، مؤكداً أن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف كان له السبق في استعمال هذه التقنيات في خدمة كتاب الله طباعة وتسجيلا وتفسيرا وضبطا. وأضاف - في ذات السياق - أنه في الندوات السابقة للمجمع إضافة لهذه الندوة المباركة دليل كبير على الجهد الكبير الذي يبذله القائمون على هذا الصرح الشامخ في سبيل الارتقاء بعلوم الوحيين الكتاب والسنة إلى المستوى المنشود والغاية المأمولة، ومن ينظر في البدايات يعلم ما وصل إليه العمل في هذا المجمع. وطالب الدكتور غيلان بمزيد من الندوات والدراسات في تلك الجوانب التي من شأنها المساعدة في الوصول بهذا العمل المبارك إلى أعلى مستويات الجودة ، وبهذا يكون المجمع قد أدى الأمانة الملقاة على عاتق الأمة كما قال تعالى: { وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون } . وأبان أنه يشارك في هذه الندوة ببحث بعنوان : (الأحكام الفقهية المتعلقة بالمقارئ الإلكترونية) ، ووضع له خطة ختمها بكيفية العمل في البحث ثم شرع في بيان نقاط المخطط للبحث الذي اعتمد له في بيان نقاط البحث على أمهات الكتب في الفقه والتفسير والحديث والشروح ، ولطبيعة الموضوع زار كثيرا من المواقع الإلكترونية ، للحصول الحصول على كل ما أمكنه الحصول عليه مما كتب في هذا الجانب ، كما حاول حصر أقوال علماء الأمة في هذه الوسائط واختيار ما يتناسب مع موضع البحث . وأثنى الباحث على جهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وعنايته بكتاب الله وبسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، وهما مصدرا التشريع الأساسيان في دين الإسلام ، مؤكداً أن الدراسات التي قدمها ويقدمها المجمع تنم عن شعور كبير بالمسؤولية الملقاة على عاتقه ، وهي نتاج مبارك لمتابعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ، وعنايته الخاصة بالمجمع ، وللإشراف المباشر لمعالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ، والأمانة الواعية للمجمع، ويعد مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف واسطة العقد وأحسن ما أظهرته الإبداعات البشرية للعناية بعلوم الكتاب والسنة ، وكان للقدرات التي يملكها هذا المجمع المبارك والتي أهلته لإقامة البرامج الضخمة والندوات الكبيرة البناءة دور كبير في هذه الأعمال الخيرة. وطالب الدكتور غيلان بزيادة عمل هذه الدراسات التي تصب كلها في صالح الوحيين، وتزيد من نشر العلم والفضيلة بين المسلمين في شتى بقاع العالم ، كما طالب بتحقيق التوصيات التي يقدمها الباحثون في تلك الدراسات المتخصصة في هذا الجانب العظيم ، ورفع مستوى النتائج التي أبداها الدارسون لأعمال هذا المجمع المبارك ، كما طالب كل من يجد في نفسه القدرة على المساهمة بشيء فيه نفع للكتاب والسنة ، ويؤدي إلى تقريبهما للمسلمين وتيسير العمل بهما ألا يتأخر عن المشاركة برأيه وتوجيهاته وإبداعاته ، مشيراً إلى أنه رأى في المجمع وسائل كثيرة أنتجتها الدراسات ، وجادت بها قرائح المتخصصين في علوم الكتاب والسنة وعلوم التقنية الحديثة أحدثت تغييرات كبيرة في تقدم علوم الكتاب والسنة وتقريبها للأمة عموما وللدارسين على وجه الخصوص. ولفت الباحث النظر إلى أن ما وضعه المجمع من ضوابط ولجان علمية لتسجيل القرآن الكريم يعتبر توفيقا من الله وتصديقا لقوله عز وجل: { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } ، وأيضا في هذا دليل على الرعاية والاهتمام الذي يوليه ولاة أمر هذه البلاد المباركة للقرآن الكريم فجزاهم الله على ذلك خير الجزاء ، مبيناً أن التفسير المصور ولقطات التعليم المصورة لبعض معاني القرآن الكريم فهذا يعتبر فنا من فنون التفسير يتماشى مع عصر النهضة والتقنية ، وقد رأيت بعض المواقع التي تهتم بهذا النوع من التفسير وتدعيم الآيات بالصور الموضحة لمعنى الآية، من ذلك ما رأيته في موقع الدكتور المسند ، وما رأيته في موقع قناة الحافظ من دعاية للتفسير المصور للأطفال . وبحسب ما زاوله في البحث التقليدي والبحث عبر المكتبات الإلكترونية،رأى الباحث- مع الإيجابيات الكبيرة- سلبيات تؤثر كثيرا على طالب العلم ومستقبل كتب التراث من حيث البحث والقراءة فيها،فالبحث الإلكتروني يختلف عن تقليب فهارس الكتب والنظر في العناوين،كما أنه يبعد طالب العلم عن كتب التراث والنظر إلى حجم الجهود التي بذلها أئمتنا في رعاية العلوم وتهذيبها،وكما أورثت طريقة البحث الإلكتروني خمولا في الفكر أورثت أيضا خمولا في الجسم حيث لا قيام ولا حركة،بل جلوس وركود يؤدي إلى الثبات والجمود، وأذكِّر بأمر مهم وهوأن هذه الأجهزة ترسل إشعاعات تؤثر على البصر،وقد رأيت بعض الذين أثرت عليهم هذه الأجهزة . وبين الدكتور غيلان أنه من خلال الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة المدينةالمنورة كتب عددا من البحوث في مجال حلقات التحفيظ ، وله كتاب مطبوع بعنوان : ( دور الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في تحقيق الأمن الاجتماعي في المجتمع) ، وهو الآن على وشك إعداد الطبعة الثانية ، كما شارك في الملتقيات التي تقيمها وزارة الشؤون الإسلامية المشرفة على هذه الجمعيات المباركة ، فقد شارك بورقة عمل في الملتقى الثاني للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة بعنوان: ( صناعة المعلم والمشرف على حلقات التحفيظ واستقرارهما)، وبورقة في الملتقى الثالث بمنطقة الرياض بعنوان : (حلقات التحفيظ وأثرها في المجتمع الأثر الإيماني) ، وبورقة في الملتقى الرابع في المنطقة الشرقية بعنوان : ( تعزيز دور الوالدين في تحقيق الأمن). وحذر أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للأئمة والخطباء بجامعة طيبة وأستاذ الفقه المقارن بجامعة المدينة العالمية من الكثير من المواقع المناهضة للقرآن الكريم ، وهدفها التشكيك فيه ، ومحاولة النيل منه ، وكان من أشد الابتلاءات تلك الموابقع التي تتناول المقدسات ، مثل: التعديات المختلفة على جلال لله سبحانه وتعالى ، أو التعدي على مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، أو النيل من القرآن الكريم بالسخرية والاستهزاء ، وهذه الأمور مع أنها قديمة إلا أنها في هذه الأيام أشد بأسا وأكثر شيوعا ، وقد أعان على انتشارها وسائل الإعلام المتعددة ، وبخاصة تلك الوسائل التي لا يمكن مراقبتها وعلى رأسها الإنترنت . وشدد على أنه لزاما على الأمة أن يكون منها مدافع عن مقدسات المسلمين في نفس الوسائل التي يكون منها الهجوم ، وقال : لقد رأينا مواقع لا تحصى بحمد الله تعالى إما شخصية أو مؤسسية متسلحة بكل وسائل العلم والمعرفة للرد على تلك الفرى والأكاذيب ، وقام علماء الأمة بواجب الدفاع والنصرة على الوجه الأكمل ، فجزاهم الله خير الجزاء ، كما قامت بعض المواقع برصد الكثير من الاعتداءات والأكاذيب التي تثار حول مقدسات الأمة، وقامت بفضحها والتعريف بها فأخذت حظها من التفنيد والرد ، مؤكداً أنه مع كل الجهود المبذولة فإننا نحتاج لمتابعات أكثر ولحجج أقوى ولبيان أوفى ، فالباطل وأهله لا يزالون يخترعون - في غيهم وعدوانهم – من الطرق والأساليب ما يحسبون أنه أشد نكاية في المسلمين ومقدساتهم، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. واختتم الدكتور غيلان تصريحه برفع شكره لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ، ولسمو ولي عهده الأمين ، ولسمو النائب الثاني على الجهود المباركة التي يقدمونها لعناية كتب الله العزيز في مجالات شتى وأعظمها هذا المجمع المبارك لطباعة المصحف الشريف ، ورحم الله من قام على إنشائه ، وجعله في ميزان حسناته ، فقد عم نفعه وانتشر أثره .