انشغل الشارع البريطاني طوال الساعات الماضية بالبحث عن تفاصيل الهجوم الذي استهدف جندياً بريطانياً في أحد شوارع لندن بعد عصر الأربعاء، وهو الهجوم الذي وصفته الحكومة البريطانية بأنه "عمل إرهابي" واستنفرت للتحقيق فيه، فيما انشغل البريطانيون ووسائل إعلامهم بالاستماع لشهود العيان والروايات التي يتداولونها عن الحادث. وعنونت كافة الصحف الصادرة في لندن بلا استثناء، الخميس، حول الهجوم، فيما تشابهت عناوين العديد من الصحف، مثل "ديلي تلغراف" و"ديلي ميل" و"ذا صن"، التي عنونت جميعها بالعبارة التي قالها القاتل بعد ارتكاب الجريمة: "العين بالعين والسن بالسن". وتبين أن منفذي الهجوم بريطانيان مسلمان من أصول نيجيرية، أما القاتل الذي قام بقطع رأس الجندي بسكين كبيرة فهو – بحسب "ديلي تلغراف" - نيجيري يدعى "مايكل أديبولاجو" اعتنق الإسلام في العام 2003، ويشتبه في أنه انضم لاحقاً إلى مجموعة إسلامية متطرفة تطلق على نفسها اسم (المهاجرون)، وتتواجد في شرق وجنوب مدينة لندن، وهي مجموعة تعتبرها وزارة الداخلية البريطانية "منظمة إرهابية" وتلاحق عناصرها. وتقول تقارير بريطانية إن أديبولاجو أطلق على نفسه اسم "مجاهد" بعد أن اعتنق الإسلام، واشتهر في منطقة "وولش" حيث كان كثيراً ما يقف في الشارع ليعظ الناس ويدعو لاعتناق الإسلام، كما أنه كان كثيراً ما يوزع المنشورات ويلقي المحاضرات التي تدين الاحتلال الأميركي والبريطاني لكل من أفغانستان والعراق. وانتشرت حالة من الغضب الشديد والانتقادات الواسعة للشرطة البريطانية عبر وسائل الإعلام المحلية بعد أن تم تداول روايات لشهود عيان في المنطقة تقول إن منفذي الهجوم كانوا يحملون سكاكينهم الكبيرة التي تستخدم في تقطيع اللحم، وظلوا ينتظرون الضحية لأكثر من 40 دقيقة، ومن ثم انهالوا عليه تقطيعاً، بغياب كامل لرجال الأمن. تقاعس الشرطة ويقول شهود العيان إن الشرطة وصلت إلى مكان الحادث بعد عشرين دقيقة من ارتكاب الجريمة، وهو ما يفسر تسجيل الفيديو الذي ظهر فيه القاتل متحدثاً عما فعله وعن رسالته إلى الشعب البريطاني، حيث كان زميله يقوم بعملية التصوير عبر جهاز الهاتف النقال بعد الانتهاء من ارتكاب الجريمة، وظلوا في المكان نفسه حتى وصلت الشرطة. ويقول أحد الشهود إنه اتصل بالشرطة وأبلغهم بوجود أشخاص مشبوهين يحملون سكاكين في المكان، إلا أن أياً من أجهزة الأمن لم يأبه بهذا البلاغ، وهو ما أثار الكثير من غضب البريطانيين الذين اتصلوا بإذاعات محلية للتعليق على الحادث أو كتبوا على الإنترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي. ونقلت جريدة "التايمز" عن مصدر أمني ترجيحه بأن الذين نفذوا الهجوم لا علاقة لهم بأي تنظيم إرهابي خارج بريطانيا، بما في ذلك مجموعة "بوكو حرام" النيجيرية التي تواجه حملة في بلادها من قبل القوات الحكومية. الثأر من بريطانيا وفي هذا الصدد، قال مصدر مطلع على التحقيقات التي تجري في أعقاب مقتل جندي بريطاني بطريقة وحشية: إن السلطات البريطانية تعتقد أن الرجلين اللذين قتلا جندياً في أحد شوارع لندن، ثأراً من بريطانيا بسبب الحروب التي خاضتها في دول إسلامية، هما بريطانيان من أصل نيجيري. واحتجز أديبولاجو وشريكه - الذي ربما ولد بالخارج - في المستشفى بعد تعرضهما لإطلاق النار من رجال الشرطة، وهذا هو أول هجوم يسفر عن قتلى تشهده بريطانيا منذ أن قتل إسلاميون محليون عشرات الأشخاص في لندن عام 2005. في الأثناء، عقد رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، اجتماعاً طارئاً لرؤساء أجهزة المخابرات لتحديد الرد المناسب على ما وصفه بهجوم "إرهابي". وقال كاميرون أمام مقر رئاسة الوزراء: "لن نستسلم أبداً للإرهاب بجميع أشكاله". وأضاف كاميرون أن هذا الهجوم الدامي لم يكن مجرد هجوم على بريطانيا وعلى نمط الحياة البريطانية، بل كان أيضاً خيانة للإسلام والمجتمعات الإسلامية التي أعطت الكثير لبلادنا، وليس في الإسلام ما يبرر هذ العمل المروع حقاً. وأشار إلى أن هناك مصادر أمنية قالت إن المشتبه بهما معروفان لأجهزة المخابرات، مضيفاً أنه سيكون هناك في الوقت المناسب مراجعة لكيفية عمل أجهزة الاستخبارات. وفي ذات السياق، صرح مصدر قريب من التحقيق بأنه من الصعب منع مثل هذه الحوادث بسبب بساطة الهجوم والخلفية المحلية للمشتبه بهما في مدينة متعددة الثقافات، حيث إن حوالي 40% من سكان لندن ولدوا بالخارج. وأمس الأربعاء، قتل جندي بريطاني وأصيب آخران في هجوم وصفته الحكومة البريطانية بأنه "عمل إرهابي نفذه إسلاميون متشددون"، حيث قام المنفذون المسلحون بالسكاكين فقط بقطع رأس الجندي بعد قتله في أحد شوارع جنوب شرق العاصمة لندن.