أبدى أطباء جراحة القولون والمستقيم في المملكة العربية السعودية مخاوفهم من ارتفاع معدل الإصابة بسرطان القولون والمستقيم عند الرجال السعوديين، بسبب انتشار أمراض السمنة المفرطة، والتدخين، مطالبين بحملة توعوية وطنية تسهم في تثقيف المجتمع للحد من الإصابة به، حيث أظهرت آخر الإحصائيات الصادرة عن السجل الوطني للأورام في المملكة لعام 2009م وجود 1106 مصاب ومصابة بسرطان القولون والمستقيم، وبارتفاع سنوي قدّر بنسبة 10%. وأوضح رئيس الجمعية السعودية لجراحة القولون والمستقيم الدكتور ناصر بن عبدالله الصانع، أن القولون هو الجزء الأخير من الجهاز الهضمي الذي يأتي مباشرة فوق المستقيم وفتحة الشرج، ويختص بعملية امتصاص الماء والأملاح من الغذاء، موضحًا أن جلوس الفضلات داخل القولون لفترة طويلة تؤدي لجفاف البراز والإحساس بالإمساك، وعندما يفشل القولون في امتصاص الماء نتيجة لتلوث الأكل بجرثومة، فإن ذلك يؤدي للإسهال. وقال في حديث لوكالة الأنباء السعودية على هامش المؤتمر السعودي العالمي لجراحة القولون والمستقيم الذي اختتم مساء أمس، إن معظم حالات سرطان القولون التي تسجل لدى السعوديين هي في المراحل المتأخرة منه، مبينًا أنه إذا تم اكتشافه ومعالجته في مراحله المبكرة سيتمكن المريض بحول الله تعالى من الشفاء بنسبة عالية، بينما الحالات المتأخرة تستدعي إجراء جراحات متعددة لبتر اللحميات المتواجدة على جدار القولون التي قد تتحول في غضون سبع إلى عشر سنوات لأورام سرطانية تنتقل لأعضاء أخرى في الجسم. ولفت النظر إلى أهمية الوقاية من أمراض سرطان القولون والمستقيم قبل الإصابة بها، من خلال الرفع من اكتشاف الحالات المبكرة لهذه الأمراض وتلافي تفاقمها، إلى جانب تثقيف المجتمع بأهمية إجراء تنظير دوري للقولون والمستقيم خاصة لدى المصابين به، وإتباع نمط حياة صحي سليم بشكل يومي. ومن جانبه قال رئيس قسم الجراحة العامة في مستشفى الملك خالد للحرس الوطني في جدة الدكتور خالد الرسيني، إن المستشفى يستقبل سنويًا ما يقارب 300 حالة من المصابين بأمراض سرطان القولون والمستقيم 25 % منها يصيب المستقيم، مبينًا أنه يتم علاج المرضى في المستشفى وفق نوع كل حالة، سواء كانت مبكرة أو متقدمة. ودعا الدكتور خالد الرسيني في حديث مماثل ل "واس"، من تجاوز سن الخمسين إلى إجراء فحص مبكر للقولون والمستقيم بواسطة المنظار، للوقاية من أي أعراض قد تتطور لا سمح الله في المستقبل وتصبح أورام سرطانية خطيرة، مشيرًا إلى أن من أصيب أحد أقاربه بسرطان القولون والمستقيم قبل سن الخمسين، فإنه يُفضّل إجراء فحص مبكر له قبل العمر المكتشف فيه السرطان لدى قريبه، بنحو عشر سنوات. كما دعا إلى أهمية الالتفات العالمي إلى هذا المرض الخطير، من خلال تنظيم برامج دورية مكثفة لتوعية أفراد المجتمع حول أهمية المحافظة على صحة الجهاز الهضمي وإجراء الفحوصات المبكرة للكشف عن سرطان القولون، والإعلان عن أيام عالمية وليس يوم عالمي يهتم بهذا النوع من السرطانات، كون المصابين به يزدادون سنويًا في العالم. وفي جولة داخل مجسم القولون البشري الذي شيده المؤتمر السعودي العالمي لجراحة القولون والمستقيم بالرياض من أجل توعية الناس حول ماهيّته وخطورته، التقت "واس" بأحد مرضى سرطان القولون وهو المواطن أحمد السعيد (45 عامًا) الذي سرد لنا قصة معاناته مع التهاب القولون التقرحي طيلة سنوات عديدة، تردد خلالها على عدة دول أوروبية بحثًا عن الدواء، إلى أن من الله عليه بالذهاب إلى مستشفى الملك خالد الجامعي بجامعة الملك سعود، وأجراء العملية فيه. وقال السعيد، إنه شعر بآلام عديدة في الجهاز الهضمي منذ أكثر من عشر سنوات مضت، لكنه لم يدرك خطورتها إلا مع زيادة وقعها عليه في السنوات الأخيرة التي مضت، فالتقى بأطباء جراحة القولون والمستقيم في مناسبة توعوية خاصة بسرطان القولون قبل نحو أربع سنوات، ليشرح لهم حالته المرضية، ومعاناته مع الآلام الشديدة في أسفل بطانيته، ليبدأ بعدها مرحلة الكشف الطبي في مستشفى الملك خالد الجامعي، فقرّر له الأطباء حينها استئصال كامل للقولون والمستقيم، فأجريت له عملية جراحية استغرقت عدة ساعات، وتكللت ولله الحمد بالنجاح. ولفت إلى أنه يشعر بتحسن كبير في حالته الصحية الآن، ويتابع عبر فترات متفاوتة مراجعاته الطبية، ملتزمًا بالغذاء الصحي المناسب، ويمارس الرياضية، مؤكدًا حرصه على حضور المناسبات التوعوية حول سرطان القولون لنقل تجربته إلى الآخرين. كما التقت "واس" بالمريض محمد باسنبل ( 43 عامًا) الذي تجول داخل مجسم القولون والمستقيم بصحبة طفله الصغير البالغ من العمر تسعة أعوام، ليتحدث إلينا عن معاناته مع سرطان القولون الذي بدأ معه منذ ثلاث سنوات، حينما شاهد ظهور الدم من المستقيم مع شعوره بآلام كبيرة وضعف عام في الجسم، ليتم فيما بعد تشخيص هذه الأعراض في مستشفى الملك خالد الجامعي، بوجود ورم خطير في القولون، نتج عنه إجراء عملية جراحية عن طريق المنظار ليتم استئصال الورم بنجاح ولله الحمد. وفي ذلك السياق، قال استشاري الجراحة العامة وجراحة القولون والمستقيم في مستشفى الملك خالد الجامعي الدكتور خيال بن عبدالملك الخيال الذي أجرى العملية الجراحية للمريض، إن باسنبل كان يُعاني من الإصابة بورم في القولون بمرحلته الأولى، وتم استئصال الجزء الأيمن من القولون عن طريق المنظار، دون الحاجة لاستخدام العلاج الكيماوي، مبينًا أن باسنبل الآن يراجع المستشفى كل ثلاثة أشهر لمتابعة حالته الصحية بعد العملية كإجراء روتيني متبع في مثل هذه الحالات، وبعد خمس سنوات لن يحتاج إلى هذه المراجعة بإذن الله. ودعا الخيال المرضى المصابين بسرطان القولون والمستقيم وغيرهم، إلى تقليل كمية السعرات الحرارية المأخوذة يومياً في الطعام عن طريق تقليل المواد الدهنية وكمية النشويات البيضاء، وزيادة تناول الفواكه والخضراوات، والامتناع عن التدخين، وممارسة الرياضة بشكل دوري. ومن جانبها، حذرت الصيدلانيّة ماجدة العنزي، المصابين بسرطان القولون والمستقيم من التساهل في اقتناء أدوية يروج لها البعض في الصيدليات الخاصة أو محلات العطارة الشعبية، للتخفيف من آلام القولون دون استشارة الطبيب المختص، لكي لا يعرض المريض نفسه للخطر. وقالت في حديث ل"واس" إن تناول بعض الأدوية دون علم الطبيب المتابع للمريض قد تؤدي لا قدر الله إلى حدوث مضاعفات في أجزاء أخرى في الجسم مثل الكبد، والكلى، والقلب، مبينة أن اللجنة الأمريكية لخدمات الوقاية من الأمراض، قد حذرت في دراسة لها مؤخرًا المرضى الذين المصابين بسرطان القولون من زيادة تناول الأدوية المخففة للآلام مثل: الأسبرين، والايبوبروفين، بسبب احتمال حدوث نزيف داخل الجسم، أو وقوع أعراض صحية أخرى، مؤكدة على أهمية إتباع البرنامج العلاجي الذي يقره الطبيب للمريض المصاب من أدوية وغذاء وخلافه. إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل