فيما يزدحم الملف الفلسطيني بمثير تطوّرات سياسية وميدانية داخلياً ومع الاحتلال، أصدرت الرئاسة الفلسطينية أوامر بتعميم «دولة فلسطين» بدلاً عن «السلطة الفلسطينية» على السفارات حول العالم،مكلّفاً حكومته بالإعداد لإصدار جواز سفر جديد باسم دولة فلسطين وإعداد تعديلات على القوانين والنظم النافذة وإعداد نماذج جديدة في مدّة أقصاها شهران، مع تعليمات صارمة بردع محاولات المساس بالأمن العام في الضفة، تزامناً مع مزاعم إسرائيلية تتهم الرئيس محمود عبّاس بتجاهل محاولات استئناف المفاوضات عبر «شروط تعجيزية»، مع إعلان حزب إسرائيلي أنّ حل الدولتين سيشكّل أساسا للحكومة المقبلة. وأصدر الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس تعليمات لقادة الأجهزة الأمنية، بردع أية محاولة للمساس بالنظام العام في الضفة الغربية. وطالب عباس خلال ترؤسه اجتماعاً لقادة الأجهزة الأمنية، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، بتطبيق القانون وردع أية محاولة للمساس بالنظام العام أو إعادة مظاهر الفوضى والفلتان. من جهته، عرض وزير الداخلية سعيد أبوعلي خلال الاجتماع الأوضاع الأمنية في الضفة والجهود التي تبذلها قوى الأمن لتطبيق سيادة القانون وحفظ النظام. وتأتي الأوامر الرئاسية بعد مواجهات عنيفة قبل أيام بين سكان البلدة القديمة في نابلس وقوى الأمن الفلسطينية، على خلفية احتجاجات على السياسة الاقتصادية للحكومة برئاسة سلام فياض. تعديل مُسمى على صعيد آخر، وجّه الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزارة الخارجية بالتعميم على السفارات حول العالم باستخدام اسم «دولة فلسطين» بدلاً عن «السلطة الفلسطينية». وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية، أنّ «القرار يأتي تماشياً مع قرار الجمعية العامة لرفع مكانة دولة فلسطين إلى عضو مراقب والعمل مع الدول التي لم تعترف بعد بها»، مضيفة أنّ التعليمات تندرج في إطار تجسيد قرار منح فلسطين مكانة الدولة دون الإخلال بالحقوق والمكتسبات الدولية التي حققتها منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. تكليف حكومة على الصعيد ذاته، كلّف الرئيس الفلسطيني محمود عباس حكومته بالإعداد لإصدار جواز سفر جديد باسم دولة فلسطين، فيما أصدر مرسوماً رئاسياً يقضي بتكليف الحكومة في فترة أقصاها شهران بإعداد تعديلات على القوانين والنظم النافذة وإعداد نماذج جديدة مقترحة، إذ تشمل النماذج كل من جواز السفر وبطاقة الهوية والرقم الوطني ومستندات تسجيل السكان والأحوال الشخصية ورخص المركبات ورخص القيادة وطوابع الإيرادات بأنواعها وطوابع البريد لدولة فلسطين. اتهام سلطة في الأثناء، وفي سلوك معتاد اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أنّ الرئيس الفلسطيني محمود عباس تجاهل محاولاته لاستئناف المفاوضات ووضع «شروطاً تعجيزية». وقال نتانياهو في مقابلتين للإذاعة العامة الإسرائيلية وإذاعة الجيش الإسرائيلي أمس، إن «عبّاس تجاهل جميع المحاولات لاستئناف عملية التفاوض الإسرائيلية الفلسطينية ووضع شروطا مسبقة تعجيزية»، داعياً عبّاس إلى الشروع فوراً في مفاوضات من دون شروط مسبقة بهدف التوصّل الى اتفاق تعترف إسرائيل بموجبه بدولة فلسطينية، مقابل اعتراف فلسطيني مقابل ب «يهودية إسرائيل»، مشيراً إلى أنّ «مثل هذا الاتفاق يجب أن يشمل أيضا إعلاناً عن إنهاء النزاع بين الطرفين». ورداً على الانتقادات الموجهة إلى إسرائيل على خلفية البناء في المستوطنات، قال: «الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة نفذت مشاريع بناء في المستوطنات». حل دولتين في السياق، نفى وزير الخارجية الإسرائيلي السابق وزعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، تقارير عن انفصال حزبه عن حزب الليكود في أعقاب الانتخابات، لافتاً إلى أنّه «يدعم تصريحات بنيامين نتانياهو بشأن حل الدولتين، وينحى باللائمة على الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس في تعطل محادثات السلام». ونقلت مصادر صحافية إسرائيلية أمس عن ليبرمان قوله، إنّه «دعم دائما خطاب نتانياهو الذي أعلن فيه قبول حل الدولتين، وأنّ هذا الخطاب سيكون الأساس للحكومة المقبلة»، مشيراً إلى أنّ «إسرائيل تنتظر شريكاً مناسباً في الجانب الفلسطيني. دعوات مُعتقل بالتزامن ومن غياهب الاعتقال، دعا عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي إلى مراجعة شاملة وكاملة لوظائف ومهام وسلوك السلطة الفلسطينية . وأعرب البرغوثي في بيان من معتقل هداريم الإسرائيلي وزّعه محاميه، عن معارضته للدعوات إلى حل السلطة الفلسطينية رغم إقراره بافتقادها السيادة على «متر واحد من أرضنا»، مشيراً إلى أنّه «يتوجب على القيادة اتخاذ قرارات حاسمة وشجاعة لجعل العام القادم حاسما، وعاما لقيام الدولة فعليا على الأرض من خلال إنهاء الاحتلال، والجهد الوطني يجب أن ينصب على هذه المهمة المقدسة لشعبنا». خطوة إلى الأمام واعتبر البرغوثي أنّ إسرائيل تريد للسلطة أن تقوم بوظيفة واحدة هي «حراسة الأمن الإسرائيلي وذلك كسلطة إدارية أمنية وظيفية»، مشدّدا على أنّ «الشعب الفلسطيني يرفض ذلك بشكل مطلق»، لافتاً إلى أنّ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة ترقية مكانة فلسطين إلى صفة دولة مراقب غير عضو «خطوة إلى الأمام»، مشدّداً على وجوب أن تكون حلقة في «استراتيجية فلسطينية». مناشدات مقاطعة ودعا البرغوثي إلى التقدّم الفوري لعضوية كافة وكالات ومؤسسات الأممالمتحدة وكذلك المطالبة بفرض العقوبات والمقاطعة على إسرائيل ومقاطعة شاملة للبضائع الإسرائيلية وتشجيع الإنتاج الوطني الفلسطيني، معتبراً أنّ «الرهان على استئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل عقب انتخابها البرلمانية المقررة في 22 من الشهر الجاري رهانٌ خاسرٌ ومضللٌ ومأساوي، معتقدا أنّ تل أبيب «لا تشعر بالحاجة للسلام لان الأمن متحقق لها مجانا ومن دون أن تدفع أي ثمن سياسي». وشدّد البرغوثي على أنّ التحدي الأهم بالنسبة للفلسطينيين يتمثّل في إنهاء الانقسام والتشرذم الذي أساء لشعبنا ولنضاله العادل، داعيا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية وتوحيد كافة المؤسسات والتحضير الفعلي لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ولعضوية المجلس الوطني.