مشهد الحج ومنظر الحجاج في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة بليغ تقصر عن تصويره العبارات وتعجز عن وصفه المعاني والكلمات لمدى التلاحم الإيماني الظاهر كالسجد الواحد في مشعر منى الثامن من ذي الحجة استجابة لنداء الرحمن. ففي كل عام يجتمع ملايين المسلمين في نفس المكان والزمان .. ولو دعوا لمناسبة أخرى في أي يوم من العام لما تجمعوا بهذه الكثافة والصورة الإيمانية النادرة. جموع غفيرة تجتمع في مكان واحد وزمان محدد يدعون إلهًا واحدًا ، أولئك هم ضيوف الرحمن قدموا إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج من كل فج عميق. حركتهم مشاعرهم الإيمانية إبتغاء رضوان الله ، وهفت قلوبهم إلى ملامسة البقاع الطاهرة وحنّت أفئدتهم شغفا للكعبة المشرفة وتقبيل الحجر والطواف والسعي والوقوف بعرفة أسفل جبل الرحمة والرمي والحلق .. وبين كل ذلك مصافحة أخوة الدين والعقيدة والاتزار بثوب واحد والنوم على ثرى واحدة والشعور بهم الأمة. إن الناظر لمشهد الحج يتملكه العجب لأناسٍ جاءوا من أقاصي الأرض ملبين مجيبين دعوة رب السماء والأرض .. يهرولون على أقدامهم لنداء الحج يصيبهم التعب ويأخذ منهم النصب ومع ذلك يواصلون مسيرة حجهم حتى يودعوا كعبة ربهم . الملايين من المسلمين يذرفون الدموع في عرفة ويجمعون الحصى في مزدلفة ويرمون الجمرات في منى ويطوفون حول الكعبة في مكة ، وسط عجب من هذه الطاقة الإيجابية التي تسري بين أجنتهم وتحركهم في نشاط وفيهم الكبير يُرى مدفوعا على كرسي متحرك ، وشيخ هرم حمله ابنه على ظهره . هذا المشهد العظيم يجبر من شاهده على أن يقف مهللًا للواحد الأحد مكبرًا للفرد الصمد الذي أجاب هؤلاء دعوته فضخ في دواخلهم طاقةً إيمانيةً ضخمةً ساعدتهم في تكوين أعظم مشهد في الدنيا ، وهل هناك أعظم من مشهد الحج في مكة أو تنظيم بشري أدق من انتظام ملايين الحجاج في عرفة في بقعة صغيرة من الأرض.