كشف رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) محمد الشريف، عن تعرض أشخاص إلى عقوبات من جهات عملهم لأنهم أبلغوا عن مخالفات فيها، مشيراً إلى أن جهات حكومية لا تتعاون مع «الهيئة» في الكشف عن الفساد. وأكد أن بعض موظفي الدولة سيلزمون بأداء القسم قريباً. وقال الشريف خلال استضافته في التلفزيون السعودي ليل أول من أمس: «اشتكى أشخاص من أن جهات عملهم عاقبتهم بالنقل التأديبي لأنهم أبلغوا هيئة مكافحة الفساد عن مخالفات في جهات عملهم، فخاطبنا تلك الجهات لمعرفة سبب نقلهم»، داعياً المواطنين والموظفين إلى التعاون مع «نزاهة» بإبلاغها عما يلاحظونه من فساد، مؤكداً أن لائحة «مكافحة الفساد» تقدّم الحماية لهم في حال تعرّضوا لملاحقة أو مضايقة بسبب بلاغاتهم، وذلك بالتواصل مع الجهات الأمنية المتخصصة، مشيراً إلى أن المُبلّغ له حرية اختيار الإفصاح عن اسمه. وبحسب تقرير أعده الزميل سيف السويلم في صحيفة الحياة الدولية , قال : «هناك جهات لا تتجاوب مع الهيئة في حال طلبت التحقيق في قضية معينة، ولا ترد خلال الفترة المحدّدة بشهر ولا حتى 4 أشهر، علماً أن الجهة لو طلبت من الهيئة مهلة أكثر للرد عليها فإن الهيئة لا تمانع، لكن ذلك لا يحدث، وعرضنا الموضوع على خادم الحرمين الشريفين، فأصدر أمراً بالتأكيد على الفقرة الثالثة من المادة الخامسة، بأن على كل جهة أن تجيب الهيئة خلال المدة المذكورة». واعترف الشريف بأن هناك مجالات وجهات لم تحظَ بالمتابعة من «الهيئة»، عازياً ذلك إلى نقص الموظفين المؤهلين: «نحن لا نزال في البداية، فعدد الموظفين لدينا أكثر من 200 بقليل، 25 في المئة منهم مساعدون، والبقية يباشرون القضايا، ونستهدف بنهاية هذا العام الوصول إلى 320 موظفاً، ولا نعثر على الموظف بسهولة، لذا عملنا على إعطاء الأولوية للمشاريع والجهات الأكثر أهمية، ونقوم بمتابعتها ورصد ما فيها، ثم نرفع عنها إلى خادم الحرمين الشريفين، الذي يحرص على أن تصل جميع الخدمات إلى المواطنين بالمستوى الأمثل، وهذه المتابعة لمسنا نتائجها، إذ بدأت الجهات الحكومية تهتم بعملها أكثر، إدراكاً منها بأن عليها متابعة». ولفت إلى أن من بين الشروط التي يجب أن يتمتع بها موظف هيئة مكافحة الفساد، أن يتحلى بالحكمة والنزاهة والحياد، وألا يكون حُكم عليه حتى وإن كان رُد إليه اعتباره، إضافة إلى أداء قسم منصوص عليه، وإقرار البيانات المالية التي تؤخذ من الموظف عند مباشرته، بحيث تتم متابعتها بعد 3 أعوام ومقارنتها بما سبق، وإذا لوحظ أن هناك ثراء وزيادة في الدخل والممتلكات، فإنه يتعرّض للمساءلة. وأوضح أن «نزاهة» تهدف إلى مكافحة الفساد الإداري والمالي في الدولة بجميع صوره، إضافة إلى القطاع الخاص الذي تسهم فيه الدولة بنسبة 25 في المئة وأكثر، لمتابعة الشأن الخاص بالمواطنين، وتحرّي أوجه الفساد، ومتابعة أداء الخدمات التي تُقدم، للتأكد من تقديمها وفق أفضل المستويات، مثل الخدمات التعليمية والمتعلقة بالمياه والطرق والبلديات. وذكر أن الفساد في المملكة موجود مثل أية دولة أخرى، ويعكس هذا ميزان الشفافية الذي تعلنه منظمة الشفافية الدولية كل عام، مشيراً إلى أن «الهيئة» تقدّر حجم الفساد وأين يكمن وأين يتركز وما هي أسبابه، وذلك من خلال إجراء الأبحاث والدراسات الميدانية، بهدف البدء في معالجته ومكافحته، «فالفساد يقع عند عدم تنفيذ الخدمات بالمستوى المطلوب، مثل المشاريع في المدن ومستوى الطرق ومدى تنفيذ الخدمات البلدية، إذ لا بد أن يكون بالشكل المنصوص عليه في العقود، وفي حال عدم تنفيذ ذلك تتم محاسبة المقصرين سواء كانوا من منسوبي الجهة أم المقاول أم الاستشاري، فالفساد نشأ في عقود، ومن الصعب أن ينتهي في أعوام قليلة، لكن يمكن التعرّف على أوجه الفساد ومسبباته ثم القضاء عليه تدريجياً». وأضاف الشريف أن هناك من يبالغ في مدح المسؤول وإسماعه ما ليس فيه، إضافة إلى إخفاء العيوب عنه، لافتاً إلى أن ذلك يدخل ضمن النفاق، و«الهيئة» صنّفته بأنه فساد، ورصدت حالات يتم فيها تعبيد الطرق حينما يقوم المسؤول بزيارة مشروع معيّن، بحيث يرى كل شيء في صورة جيدة، فيما تخفى عنه العيوب ويغيّب الوضع على حقيقته، وهيئة مكافحة الفساد تحاول أن تزيد وعي الجميع بضرورة الكشف عن الأخطاء للعمل على علاجها.