قرر المجلس الوطني لجمعية القضاة التونسيين بدء إضراب عن العمل لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من الأربعاء المقبل، احتجاجاً على التأخير في سن قانون الهيئة المؤقتة التي ستشرف على القضاء العدلي. وأوضح المجلس في بيان نُشر، الاثنين، أن هذا الإضراب الذي سيتواصل لغاية الخامس عشر من الشهر الجاري، يأتي أيضا احتجاجا على تواصل عمل القضاة في غياب أدنى ضمانات الاستقلالية، ودفاعا عن مطلب الشعب في إرساء قضاء مستقل. ودعا المجلس كافة القضاة التونسيين إلى الاستجابة "لقرار الإضراب عن العمل، والتحصن بالوحدة لما تقتضيه متطلبات المرحلة، ومواصلة كافة أشكال النضال المتاحة للدفاع عن مطلبهم المشروع في إرساء سلطة قضائية مستقلة طبق المعايير الدولية بوصفه أحد استحقاقات الثورة". وحمل القضاة السلطة السياسية "مسؤولية تردي سير العدالة وتأزم وضعية القضاء والقضاة في ظل فراغ مؤسساتي وغياب ضمانات استقلال القضاء، ما أدى إلى التمادي في تكريس وصاية وهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية". ومن جهة أخرى، شدد قضاة تونس على التمسك بموقفهم المبدئي الرافض لاعتماد آلية الإعفاء "كمدخل لغياب الضمانات التي تكفل المواجهة وتضمن كشف الحقيقة ومحاسبة كل من يثبت تورطه في إطار عادل وشفاف وضامن لحقوق الدفاع". وطالبوا في هذا السياق وزارة العدل بالإسراع في إنشاء اللجنة التي تهتم بفتح ملفات القضاة المشمولين بالإعفاءات، وهؤلاء اشتكوا من القرار، وطلبوا تمكينهم من حقوق الدفاع بحضور ممثلين عن جمعية القضاة التونسيين. وكانت وزارة العدل التونسية قد أعلنت في السادس والعشرين من شهر مايو الماضي عن قرار يقضي بإعفاء 82 قاضياً من مهامهم، وذلك في خطوة وُصفت بأنها تندرج في سياق عملية تستهدف تطهير القضاء من الفساد. وأثار هذا القرار في حينه ردود فعل متباينة، فيما سارع القضاة التونسيون إلى رفضه، باعتبار أن "اللجوء إلى آلية إعفاء القضاة يتنافى ومقومات العدالة الانتقالية التي تقتضي كشف الحقيقة للشعب ومحاسبة من انتهك حقه، مع توفير ضمانات المحاكمة العادلة وخاصة حق الدفاع".