يأخذ التشريع في دولة الإمارات معظم أحكامه من الشريعة الإسلامية، ومنها القاعدة التي تقول: "إن البينة على من ادعى واليمين على من أنكر"، فإذا عجز المدعي عن إثبات حقه يستطيع ان يطلب من خصمه حلف اليمين، ولكن تراثنا الشعبي يجنح في هذه الحالة نحو مقولة مغايرة تماماً، فنجد من يقول: "قالوا للحرامي احلف فقال: جاء الفرج"!. وهنا يبرز التساؤل حول الحكمة من تشريع اليمين، فإذا كانت مخرجاً للص أن ينجو بغنيمته، فكيف يمكن أن تكون ضمن التشريع الإسلامي الذي أثبت عبر أكثر من 14 قرناً عبقرية تتكشف تفاصيلها جيلاً بعد جيل. وفيما يلي سنورد قصصا جمعناها لكم من قضاة ومحامين حول هذه النقطة، تقشعر من بعضها الأبدان. أحد المختصين القضائيين أوضح أن طلب حلف اليمين هو أن تجعل الله كفيلك في ما تقوله، وفي هذا معنى كبير أن تجعل الله عز وجل هو الضامن لصدقك وأنت تكذب، فأي عاقل يمكن أن يفعل ذلك، فلقد كان الصحابة رضي الله عنهم وحتى أجدادنا وإلى عهد قريب، يمتنعون عن حلف اليمين حتى لو كانوا على حق، ويتنازلون عن حقهم ومالهم حتى لا يعرضوا الله سبحانه وتعالى لأيمانهم تبجيلاً له سبحانه وتعالى وخوفاً أن يتضمن الكلام ومن دون قصد تفصيلاً ولو صغيراً بعيداً عن الصدق، أما الآن فأصبحت للناس جرأة غريبة على حلف اليمين تجعل القضاة يرهبون ما يجدونه من هذه الجرأة ويخشونه. تراجع عن اليمين أحد القضاة حدثنا أن أحدهم كان يتقاضى أمامه حول مبلغ مالي لأحد عماله قال إنه سبق ودفعه، بينما يؤكد العامل أنه وقع الاستلام لتسريع الإجراءات بينما لم يقبض شيئاً، فطلبه العامل لليمين، وقال هو: حسناً سأحلف أنا أعطيته المال، فشعر القاضي أن الرجل مستهين بحلف اليمين، وبعد أن طلب منهما الذهاب للوضوء، قال له: ضع يدك على كتاب الله وقل: "أقسم بالله الذي لا إله إلا هو المنتقم الجبار العدل أنني أعطيته ماله، وينتقم الله مني إن كنت كاذباً"، وهذه الصيغة في حلف اليمين ليست المعتمدة شرعاً والتي تنص حرفياً على جملة "أقسم بالله العظيم أنه كذا وكذا..." ولكن القاضي شعر أن الحالف كاذب وأنه يحلف مستهيناً باليمين. فأراد أن يخوفه، وبالفعل ما إن سمع الرجل هذه الصيغة حتى انقبضت ملامح وجهه وسأل القاضي: كم هو المبلغ الذي يدعي به، ثم قام بتسديده في نفس الجلسة بعد أن طلب من أحد عماله موافاته به إلى المحكمة. وفي قصة أخرى رواها أحد القضاة قال: إن أحدهم طلب لليمين من قبل شخص يخاصمه على مبلغ مالي فوافق، وكان مستهيناً باليمين جريئاً عليه، وحلفه بكل صلف وجرأة، وبعد أن خرج بلحظات سمع أمام الدائرة ضجة كبيرة، تبين فيما بعد أن هذا الرجل الذي حلف اليمين وبعد أن صعد بسيارته وقبل أن يتحرك بها جاءت شاحنة كبيرة وسارت فوق سيارته فهرسته وهو بداخلها. محام روى لنا قصة أحد الأشخاص الذي حلف يميناً على ملكيته لمزرعة يخاصم بها أرملة وأيتام، وفي اليوم التالي للحكم له بملكية المزرعة وجد ميتاً بعد أن سقط في إحدى حفر المزرعة، كما روى قصة أخرى عن سيدة كانت عائدة من أبوظبي قادمة من أم القيوين بعد أن حلفت يميناً كاذبة أكدت فيها ملكيتها قطعة أرض، وفي الطريق وقعت ضحية لحادث مروري كبير ذهب بحياتها وحياة كل أبنائها الذين كانوا يرافقونها في السيارة. فقد بصره ومن أصعب القصص حكاية حدثنا عنها محام حدثت قبل سنوات قليلة في محكمة بني ياس، حيث كان أحدهم يدعي على إحدى النساء بفعل الفاحشة، فطلب القاضي منه حلف اليمين للإدلاء بشهادته، وقبل أن يتم جملة اليمين، فقد الشاهد بصره وصار يصيح بأنه لم يعد يرى شيئاً وهو يبكي ويرجو المرأة أن تغفر له ذنبه بحقها ويطلب من القاضي أن يسامحه وأنه لا يعلم عن المرأة سوءًا، وبقي على هذه الحالة إلى أن جاءت سيارة الإسعاف وأخذته إلى المستشفى تاركاً كل من حضروا الواقعة في ذهول شديد. أشهر إسلامه وفي قصة قديمة شهدتها المحكمة، كان هناك نزاع بين رجل مسلم وآخر من غير المسلمين، وكان المسلم يطالب خصمه بمبلغ مالي، إذ قال خصمه إنه سدده له، فطلبه لليمين ولم يمانع الرجل وأقسم أن الرجل لم يعطه المال فسجن لعدم قدرته على الدفع، وبينما هو في السجن تقدم للمحكمة بطلب إعادة اليمين، واستجابت المحكمة، وعندما جيء بالرجل من سجن لحضور حلف اليمين، شاهد الحالف وقد شحب لونه وقد حضر متكئا على أبنائه وكان قد شاهده آخر مرة بصحة وعافية، وحلف الرجل ثانية. وبعد فترة طلب الرجل ثانية إعادة اليمين فجاء الرجل الحالف وهو على كرسي متحرك لا يشبه الرجل الذي كان قبل أشهر بأي شيء وكأنه رجل آخر، فلما شاهده على هذه الحالة قال للمحكمة إنه لم يعد يريده أن يحلف اليمين، ونطق بالشهادة مشهراً إسلامه بعد أن رأى ما فعله الله سبحانه وتعالى بمن جعله كفيله وضامنه ثم كذب، فقام أحد الحاضرين باستبدال ملابسه مع المتهم ونزعوا قيوده لأن إعلان الإسلام يجب أن يكون من شخص حر، وملابس السجن والقيود توحي بحجز الحرية، ثم أعلن إسلامه رسمياً راضياً بالسجن وقد علم أن الله أخذ حقه.