أكد الداعية الإسلامي المعروف الشيخ الدكتور محمد العريفي أن الحرب في العراق وأفغانستان جعلت الناس يبحثون عن الإسلام، منتقداً تقاعس المسلمين عن نشر الدعوة، وعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وطالبهم بحمل هَم الدعوة إلى الله بكل ما يملكون، فلا يتوقفون عند قلة البضاعة في العلم، أو استصغار العمل الذي يقومون به، فهذه امرأة تنظف المسجد ثم تموت ولا يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم ثم يذهب إلى قبرها ويصلي عليها فإن عملها البسيط له قدره في الإسلام وأهميته، وكم من طالب علم الآن وليس له بصمة في الإسلام. وقد تناول في محاضرته "دلوني على قبرها" خلال الملتقى الرمضاني السابع الذي تنظمه دائرة السياحة والتسويق التجاري في دبي تحت شعار "غرس الإسلام" بخيمة الطوار، واجب المسلمين نحو الإسلام وأهمية الدعوة إليه، وذكر ثلاثة أساليب للقيام بواجب الدعوة هي سبيل غرس الإسلام. استهل الدكتور العريفي محاضرته بأن الله عز وجل بعث نبيه صلى الله عليه وسلم رجلاً واحدًا إلى جميع البشر المختلفين في عبادة الأشياء من الحجر والشجر والتمر، فهذا إله من الحجر يوضع تحت القِدر عندما عز الحجر وتأخذه الرياح ويطلبه أصحابه فلا يجدونه، وبين أن مهمة الرسول كانت قلب هذه العقائد كلها ليوجهها كلها إلى عبادة الله وحده فيمر على عمار يعذب وبلال يجر بالحبال وخباب يشتد به العذاب فيقول ألا تستنصر لنا يا رسول الله، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان واثقًا بنصر الله ويقول "والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت والذئب على غنمه لا يخاف إلا الله". وقد حث الدكتور العريفي على بذل كل ما يستطيع الإنسان في سبيل الدعوة، فالنتائج ليست مسؤولية الأفراد وإنما هي توفيق من الله، فهذا أحد الصحابة يرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى واد بين مكة والطائف ليدعو أهله لكنهم قابلوه بالصد والتكذيب فعاد إلى المدينة، لكن واحدًا من أهل هذا الوادي قال لنفسه لم لايكون الأمر كما قال فقد يكون كلامه صحيحًا؟ وسار إلى المدينة وجعل يتلفت ويصيح ويقول أين ابن عبدالمطلب؟ أين ابن عبدالمطلب؟ فنداه الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال الرجل: إني سائلك فأشدد عليك في المسألة فلا تلمني، وقال من رفع السماء، من بسط الأرض، من نصب الجبال، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول الله. فقال الرجل: آلله بعثك نبيًّا، آلله أمرك أن بالصلاة، آلله أمرك بزكاة تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء، آلله أمرك بصوم رمضان..، والرسول في كل يقول له اللهم نعم، فقال له إني ضمام بن ثعلبة وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، أأدخل الجنة أم لا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: نعم. وأضاف أن هذا الرجل انطلق إلى قومه، وهنا واجب الدعوة الذي يجب على مسلم، فقابله أبوه فقال إليك عني، فقال له لم؟ فرد عليه لقد غيرت ديني فقال وإني أغير ديني كما غيرت، وكذا أمه وزوجته التي قالت له ألا تخشى يا ضمام الضرر من معبودنا فقال لها إنه صنم لا يضر ولا ينفع، وانطلق إلى قومه فما غابت الشمس وفي قومه أحد كافر. وشدد على أن هذا ما يجب أن يلتفت إليه الغرس الإسلامي فهذا الرجل لم يقرأ الصحيحين ولا كتابًا ولا حصل على شهادة، لكنه استشعر أمانة الدعوة فانطلق ودعا قومه. وقال الدكتور العريفي إننا مطالبون بأن نحمل هَم الدعوة إلى الله بكل ما نملك، فلا نتوقف عند قلة البضاعة في العلم، أو استصغار العمل الذي نقوم به، وهذه امرأة تنظف المسجد ثم تغيب أيامًا، ويسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فيقولون له إنها ماتت، فقال كيف لا تخبروني، فقالوا إنها ماتت بليل فلم نشأ أن نوقظك، فقال: دلوني على قبرها، وذهب وصلى عليها وصلى خلفه المسلمون، فلماذا حدث هذا؟ إنما حدث لأن هذه المرأة رغم عملها البسيط فله في الإسلام قدره وأهميته، وكم من طالب علم الآن وليس له بصمة في الإسلام. وأضاف إن العمل للإسلام مهما كان فإن الله يقبله ويثيب عليه، فهذا رجل يبني مسجدًا لله ويكتب عليه اسمه، وقد منع أي شخص من المشاركة في تكاليفه، فيرى في نومه أن ملكًا من السماء نزل ومسح اسمه وكتب اسم امرأة أخرى، وتكررت هذه الرؤيا ثلاث ليالٍ فحفظ اسم المرأة، وأتى بها فقال لها أسألك بالله ماذا قدمت للمسجد؟ فقالت لا شيء، وكرر وهي تجيب الإجابة نفسها، ثم قالت يومًا وجدت دابة مربوطة وتحاول الشرب ولكنها لا تصل إلى الماء فحملت القربة ووضعتها للدابة، فقال أنت فعلت هذا لله، وأمر أن يكتب المسجد باسمها. وهذه المرأة البغي من بني إسرائيل التي سقت كلبًا اشتد به العطش بخفها فغفر الله لها، والرسول صلى الله عليه وسلم يرى رجلاً يتقلب في الجنة بغصن شوك أزاحه عن طريق المسلمين. وانتقل الدكتور العريفي إلى بيان ما يجعل المسلم على استعداد دائم لتقديم كل ما عنده للدعوة إلى الله، وقرر ذلك بأن يعتقد أنه على عقيدة سليمة وأن الإسلام أقوى وأوسع انتشارًا من أي دين آخر، وقال إن أحد النصارى دخل الإسلام لأنه كان يشعر أنه يعبد أصنامًا، وأن القساوسة يجمعون الأموال لأنفسهم لا لطبع الكتب أو نشر المسيحية، وأضاف إنه لما قل المال في أيدي القساوسة اجتمعوا وقال أحدهم نبيع أراضي في الجنة فتهافت الناس يشترون فمر أحد الفقراء فقال إن الجنة عند الله، ثم لبس كأنه تاجر غني ودخل وقال إني أريد أن أشتري النار هل تستطيعون بيعها لي قالوا نبيعها لك، وخرج إلى الناس وقال لهم لا حاجة بكم إلى أن تشتروا الجنة فقد اشتريت النار ولن أدخل أحدًا النار. ولفت إلى أن الإسلام ينتشر بسرعة كبيرة ففي 2006 كان الذين أسلموا في ألمانيا حسب الإحصاءات الرسمية 4 آلاف شخص أي كل ساعتين يدخل شخص الإسلام، وأسلم على يد شخص واحد يقوم بالدعوة إلى الله في الأسبوع ما بين 13 15 شخصًا، كما أن الكنائس تعرض للبيع بنسبة كبيرة ففي منطقة واحدة بيعت 20 كنيسة، فعندما تتعامل مع الدين على أنه أوسع انتشارًَا يشتد حماسك للدعوة إليه. وقرر الدكتور العريفي أن الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب يصعب جدًّا الانخلاع عنه، فهذا فرنسي متردد بين الإسلام والنصرانية سأله الدكتور هل تذكر أن قسيسًا تحول إلى الإسلام؟ قال نعم. ثم سأله هل تذكر أن شيخًا تحول إلى النصرانية؟ قال لا، وكذا الصلاة في النصرانية واحدة في الأسبوع ولا يحافظون عليها وعند المسلمين خمس مرات ويحافظون عليها، فما الذي يجذبهم إلى المساجد؟ وأجاب: لأن الإسلام هو الشمس المشرقة، وقد نُصر 60 شخصًا من المسلمين الأفارقة ثم حضر البابا لتكريمهم لأنهم سيصيرون قساوسة، فقال إنني سعيد جدًّا بكم وأثنى عليهم ثم قال ماذا تريدون، أي شيء تطلبون مني أنفذه لكم؟ فقالوا: "مكة.. مكة .. حج"، فتعجب وقال سنة كاملة نعلمكم ولا تنسون. وأكد الدكتور العريفي أن الحرب التي يقودها الغرب تجاه الإسلام هي في مصلحة الإسلام، كما كانت قريش تفعل مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذ الطفيل بن عمرو الدوسي يدخل مكة فيقابله مجموعة من كفارها فيحذرونه من الدين الجديد ومحمد صلى الله عليه وسلم، ونسبوه صلى الله عليه وسلم إلى السحر والجنون، فما كان منه إلا أن دفعته هذه الحملة الشديدة إلى البحث عن محمد صلى الله عليه وسلم ودينه إلى أن رأى النبي صلى الله عليه وسلم وناقشه ودخل الإسلام، فما نحسبه شرًّا قد يكون فيه خير كثير وإن خفي علينا؛ لأن الله لا يقدر شرًّا محضًا على الإسلام. ولفت إلى أن الحرب في العراق وأفغانستان جعلت الناس يبحثون عن الإسلام، فهذان شابان أمريكيان يسلمان، ويسألهما ما الذي أدخلكما الإسلام فقالا له: بوش، فتعجب وقال لهما كيف؟! فقالا بعد أحداث 11 سبتمبر استمعنا لخطبة بوش وفهمناها كلها إلا كلمة ترددت مرتين هي "الإسلام" ولم نفهم معناها، هل أكلة أو ماركة سيارة أو ...؟ فدخلنا على الإنترنت فإذا هي اسم دين، فقرأنا عنه فأعجبنا به ودخلناه. فالإسلام ينتصر دائمًا فلو لقي دين حربًا وتشويهًا نصف ما لقي الإسلام لمات منذ أمد بعيد، لكن الناس يحتاجون إلى تعريفهم بالدين، فأين نحن؟ وختم الدكتور العريفي محاضرته بمنهج عمل طالَب كل مسلم بالقيام به وتلخص في ثلاثة محاور: الأول يجب إعطاء صورة طيبة عن الإسلام فكل مسلم على ثغر، فليحذر أن يؤتى الإسلام من جهته، فلا بد أن يتقن عمله ولا يغش ولايسرق أحدًا ولو كان كافرًا، فهذا إمام يختبره سائق إنجليزي ليرى أمانته ويرد الشيخ إليه المال الذي أعطاه زيادة، ويقول له ممتاز لقد نجحت في الاختبار، كما أن الابتسامة لها دور كبير في تحبيب الناس في الإسلام. والمحور الثاني يأتي في الحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس المراد ألا تقع أخطاء، فكل ابن آدم خطاء ولكن خير الخطائين التوابون، ولتنظر إلى بني إسرائيل لماذا لعنوا؟ لقد لعنوا بأمرين العصيان، والاعتداء، وما معنى الاعتداء؟ معناه أنهم "كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه" إنه استمراء للمنكر وعدم إنكار له، فهذا هو سبب اللعنة التي تنزل بالمسلمين إذا لم يقوموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، باليد أو القول أو القلب. أما المحور الثالث فقال الدكتور العريفي إنه عن طريق المشاركة في حلقات العلم أو حثهم على التعلم. وبهذا نتجنب أن يسألنا الله عن الإسلام ماذا فعلنا له؟ ويكون الغرس الإسلامي على طريقه الصحيح مستقيمًا في ذاته مقيمًا لمن تعثر في الطريق، آخذًا بيد الآخرين إلى الإسلام. -