نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، افتتح صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، اليوم الثلاثاء (6 يناير 2015) أعمال السنة الثالثة من الدورة السادسة لمجلس الشورى؛ وذلك بمقر المجلس بالرياض. ووجه خادم الحرمين الشريفين خطابًا إلى مجلس الشورى، تلاه نيابةً عنه ولي العهد، وقال فيه إن السعودية ستتعامل مع تحديات سوق النفط بإرادة صلبة، مؤكدًا أن المملكة تعمل على المحافظة على ثرواتها ومقدراتها للأجيال الحالية والمستقبلية. وفيما يلي نص خطاب خادم الحرمين الشريفين: بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، نبينَا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين. أيُّها الإخوةُ والأخواتُ أعضاءُ مجلسِ الشورى.. السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته: في مُستهلِّ هذا اللقاءِ السنوي، الذي يجمعُنَا بهذهِ النُخبةِ الطيبةِ من أبناءِ وبناتِ هذا الوطنِ الغالي، يسرنِي أنْ أُقدمَ لكمُ الشكرَ على ما قامَ بهِ مجلسكُم من أعمالٍ, وما اتخذهُ من قراراتٍ، أسهمتْ في ترشيدِ خياراتِ وقراراتِ الحكومةِ، وفقَ ما تقتضيهِ مصلحةُ الوطنِ والمواطن. لقدْ أثمرتْ جهودُ مؤسسِ هذهِ الدولةِ -طيَّبَ اللهُ ثراه- عن قيامِ هذا الكيانِ العظيم، الذي أصبحَ من مسؤوليتِنا جميعًا -حكومةً وشعبًا- الحفاظُ عليهِ وعلى مُكتسباتهِ ومكانتهِ بينَ الأممِ، وعلى رسالتهِ السامية؛ تلكَ الرسالةُ المُستمدةُ من قيمِ الإسلامِ السمحة, ومن رغبةٍ في الحوارِ والتفاعلِ معَ الأُممِ الأُخرى، بُغيةَ تحقيقِ الغاياتِ الإنسانيةِ المُشتركة. يُجسِّدُ مجلسُكمْ في تشكيلِه وحدةَ الوطن, وفي أعمالهِ المشاركةَ في صُنعِ القرار؛ فأنتمْ من قادةِ الرأي الذينَ تعتمدُ عليهمُ الدولةُ في صياغةِ حاضرِ ومستقبلِ الوطن.. وهذا يُلقي عليكُم مسؤوليةً كبرى في مواجهةِ التحدياتِ التي تتعرَّضُ لها بلادكُم, وفي الدَّفعِ بمسارِ التنميةِ الوطنيةِ في أبعادِها المُختلفةِ، لتحقيقِ تطلُّعاتِ المواطن. إنَّ بلدُكم يعيشُ في منطقةٍ تشهدُ العديدَ من الأزماتِ، التي أَفْرزَت تحدياتٍ كبيرة. وبفضلِ اللهِ ثمَّ بتعاونِ مجلسِكم وتضافُرِ جهودِ حكومتكم، تمكَنَّا منَ التعاملِ معَ هذهِ الأزماتِ، والاستجابةِ لهذهِ التحديِّات؛ ما جعلَ بلادَكُم واحةَ أمانٍ في مُحيطٍ مُضطرب. واليومَ -وكما تعلمونَ- يواجهُ وطنكُم تحدياتٍ إقليميةً غيرَ مسبوقة؛ نتيجةً لما حلَّ بدولٍ مجاورةٍ أو قريبةٍ من أَزَماتٍ حادَّةٍ عَصَفتْ بواقِعها، ودفَعتْها إلى مُسْتنقعِ الحروبِ الأهليةِ والصراعاتِ الطائفية؛ ما يَتطلَّبُ منَّا اليقظةَ والحذر. وأُؤكِّدُ لكم أنَّ قيادَتكُم مُدركةٌ لهذهِ التحدياتِ وتداعيَاتِها, وبعوْنِ اللهِ وتوفيقه, ستبقَى بلادُكم تَتمتَّعُ بما حبَاهَا اللهُ من نِعَمٍ عديدةٍ، وفي مُقدِّمتِها نعمةُ الأمنِ والاستقرار. أيُّها الأعزاءُ الكرام لا يخفى عليكُم ما يحدثُ في سوقِ البترولِ العالميةِ من تطوراتٍ طارئةٍ، سبَّبتهَا عواملُ عديدة، يأتي في مُقدِّمتهَا ضَعفُ النموِّ في الاقتصادِ العالمي. وإنَّ هذهِ التطوراتِ ليستْ جديدةً في سوقِ البترول. وقدْ تعاملتْ معها حكومةُ بلادِكُم في الماضي بإرادةٍ صلبة, وبحكمةٍ وحنكة, وسوفَ تتعاملُ مع المُستجدَّاتِ الحاليةِ في سوقِ البترولِ العالميِّة بذاتِ النهج. نَّ المملكةَ ستبقى مُدافعةً عن مصالِحهَا الاقتصاديةِ, ومكانَتِها العالميةِ ضمنَ منْظُورٍ وطني، يُراعي مُتطلَّبات رفاهيَةِ المواطن, والتنميةِ المُستدامةِ, ومصالحِ أجيالِ الحاضرِ والمُستقبل. ونُؤكِّدُ أنَّ التَطوُّرَ الحقيقي هوَ الذي يتمُّ وِفْقَ خُطى موزونةٍ، تُراعِي مُتطلَّباتِ الإصلاحِ, والقراراتُ الرشيدةُ يتمُّ اتخاذُها بعيدًا عنِ العواطف, وتَصُبُّ في صَميمِ مصلحةِ الوطنِ والمواطنِ. ومسؤوليَّتكُم كبيرةٌ أمامَ المواطنِ فيما يُعرضُ عليكُم من موضوعات، وأنا على يقين بأنَّكُم أهلٌ لهذهِ المسؤولية. لقدْ تطرَّقتُ في خطابي هذا إلى بعضِ الموضوعاتِ التي تسْتحْوِذُ على اهتِمامكُم, وفي خطابي المُوزَّعِ عليكم استعراضٌ لما أنجزتْهُ حكومةُ بلادكم خلالَ العامِ الماضي في الشأنين الداخلي والخارجي, سائلًا المولى عزَّ وجلَّ أن يُوفقنَا جميعًا لكلِّ ما فيهِ خدمةُ الدينِ والوطن. والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته". ولدى وصول سمو ولي العهد يرافقه الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار والأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء ورئيس ديوان وسمو ولي العهد والمستشار الخاص لسموه، وصاحب السمو الملكي الأمير بندر بن سلمان بن عبد العزيز- كان في استقباله صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز آل سعود ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء والمستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين، والأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز ووزير الحرس الوطني، والأمير تركي بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض ورئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ، ونائبه الدكتور محمد بن أمين الجفري، وأمين المجلس الدكتور محمد بن عبد الله آل عمرو، ورؤساء اللجان في المجلس. بدوره قال رئيس المجلس الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ: "يسعد اليوم مجلس الشورى بتشريفكم له, لتفتتحوا نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين عامًا جديدًا في مسيرته". وأضاف رئيس مجلس الشورى: "شهدت المملكة خلال الفترة الماضية عددًا من القرارات والأوامر، ومزيدًا من مشاريع النماء والخير التي تصب في مصلحة هذا الوطن، إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين". وبيَّن أنه في قطاع التعليم صدرت الموافقة الكريمة على برنامج عمل تنفيذي لدعم مشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام مدته 5 سنوات بمبلغ (80) مليار ريال، وتشكيل لجنة وزارية لتولي الإشراف العام على تنفيذ البرنامج. وشهد الاقتصاد المحلي نموًّا جيدًا نتيجة السياسة الاقتصادية المتميزة التي تنتهجها الدولة في خططها وبرامجها التنموية؛ حيث حقق الاقتصاد السعودي المركز الثالث كأكبر اقتصاد عالمي في إجمالي الأصول الاحتياطية في شهر رمضان/شوال من عام 1435ه الموافق يوليو من عام 2014م. وقال آل الشيخ: "في العام الماضي، تفضَّل خادم الحرمين الشريفين بافتتاح مدينة الملك عبد الله الرياضية بجدة, وأصدر أمره الكريم بإنشاء (11) استادًا رياضيًّا على أعلى المواصفات والمعايير الدولية في بعض مدن المملكة، دعمًا للشباب والرياضة فيما يعود بالنفع والفائدة لهم ولوطنهم". وبيَّن الدكتور آل الشيخ أنه في ظل ما تشهده بعض الدول العربية من أحداث وظروف عصيبة أثرت في استقرارها؛ فقد واصلت المملكة مساعيها الهادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار, فلم تأل جهدًا في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف نزيف دم الشعب السوري الشقيق ومحاولات إيجاد حل للأزمة السورية، كما رحبت المملكة باتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي وقعته الأطراف السياسية اليمنية، آملةً أن يُمكّن هذا الاتفاق اليمن الشقيق من تجاوز أزمته، امتدادًا لرعاية المملكة المبادرة الخليجية التي أسهمت في تجنيب اليمن الشقيق ويلات النزاع والفتن. وقال رئيس مجلس الشورى: "بذلت المملكة عبر مبادرة خادم الحرمين الشريفين، جهودًا كُللت بالنجاح لرأب الصدع بين جمهورية مصر العربية ودولة قطر الشقيقتين، سعيًا لاجتماع الكلمة ووحدة الصف العربي". وأضاف: "وأنتم تتفضلون اليوم، نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين، بافتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة السادسة لأعمال مجلس الشورى؛ فإن مجلس الشورى ختم عامه الثاني من هذه الدورة بجملة من الإنجازات كانت نتاج (79) جلسة تم خلالها دراسة عدد من مشروعات الأنظمة واللوائح والاتفاقيات والتقارير والخطط، وفقًا لما نصت عليه المادة الخامسة عشرة من نظامه". وأوضح أنه قد بلغ إجمالي القرارات التي صدرت عن المجلس خلال عامه المنصرم (154) قرارًا على النحو الآتي: "(25) قرارًا تتعلق بالأنظمة واللوائح، و(67) قرارًا تتعلق بالتقارير السنوية، و(49) قرارًا تتعلق بالاتفاقيات ومذكرات التفاهم، (5) قرارات تتعلق بتشكيل لجان المجلس المتخصصة واللجان الخاصة، و(4) قرارات تتعلق بالاستراتيجيات والخطط، و(4) قرارات تتعلق بمقترحات الأعضاء عبر المادة (23 من نظام المجلس)". وقال رئيس مجلس الشورى في كلمته: "إن من مشروعات الأنظمة التي درسها المجلس في العام المنصرم: تعديل بعض مواد نظام العمل، ومشروع تنظيم الهيئة العامة للأوقاف، ومشروع نظام وظائف مباشرة الأموال العامة، ومشروع نظام جباية الزكاة في الأنشطة التجارية والمهنية، وتعديل بعض مواد نظام هيئة التحقيق والادعاء العام ولائحة أعضائها والعاملين فيها".