قبل أربعة أسابيع فقط، تنفست الجماهير السعودية الصعداء وشعرت ببعض الاطمئنان على منتخبها في بطولة كأس آسيا 2015 لكرة القدم بأستراليا عندما أعلن الاتحاد الآسيوي للعبة عن عقوبة اللاعب ناصر الشمراني مهاجم فريق الهلال والمنتخب السعودي. وعلى مدار أسابيع، ساور القلق الجماهير السعودية خشية غياب المهاجم الخطير عن صفوف الأخضر في البطولة التي تستضيفها أستراليا من التاسع إلى 31 يناير الحالي، بسبب الهفوة التي صدرت من اللاعب في نهائي دوري أبطال آسيا عندما "بصق" على ماتيو سبيرانوفيتش مدافع فريق ويسترن سيدني الأسترالي. غير أن عقوبة الاتحاد الآسيوي للعبة كانت رؤوفة بالجماهير السعودية وبالأخضر، حيث اقتصرت على إيقاف اللاعب ثماني مباريات في دوري أبطال آسيا، بينما منحته الحق في قيادة الهجوم السعودي بكأس آسيا، ولم تحرم الأخضر من أحد عناصر تفوقه. واكتملت سعادة اللاعب بتأكيد مشاركته في البطولة الآسيوية بعد أيام قليلة من تتويجه بلقب أفضل لاعب آسيوي لعام 2014، متفوقا على الإماراتي إسماعيل أحمد، والقطري خلفان إبراهيم خلفان. وبرغم وجود العديد من النجوم أصحاب الخبرة والمهارات في صفوف المنتخب السعودي، يحظى الشمراني الملقب إعلاميًّا وجماهيريًّا ب"الزلزال" بمكانة خاصة لما لديه من مهارات وقدرات تهديفية عالية قد لا تبرز في إحصاءاته مع الأخضر، ولكنها تظهر بوضوح في مسيرته مع الأندية، علمًا بأن عطاء اللاعب مع المنتخب السعودي تحسن كثيرا في السنوات الأخيرة. وعلى مدار نحو عشر سنوات شارك فيها الشمراني مع المنتخب السعودي، سجل اللاعب 16 هدفًا فقط في 70 مباراة دولية، ولكن 14 من هذه الأهداف جاء في السنوات الخمس الأخيرة، وكان منها هدفان في بطولة كأس الخليج الثانية والعشرين التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض في نوفمبر الماضي. ولكن الشمراني الذي بدأ مسيرته في العشرين من عمره بفريق الوحدة السعودي، ترك بصمة واضحة مع الأندية التي لعب لها، كما امتلك خبرة رائعة من مشاركته مع الشباب والهلال في بطولة دوري أبطال آسيا، وهو ما سيفيد الأخضر كثيرًا في رحلته بالكأس القارية بأستراليا. وبرغم عدم فوز الشمراني مع الوحدة بأي ألقاب، فقد كانت فترة الإعارة القصيرة التي قضاها في الشباب لمدة شهرين كافية ليترك بصمة مميزة. فخلال هذين الشهرين سجل الشمراني أربعة أهداف للشباب في دوري أبطال آسيا، وقاده إلى دور الثمانية، كما سجل للفريق ثلاثة أهداف في الدوري السعودي، وساهم في فوزه باللقب، حيث كان هدفه الثالث مع الفريق في المباراة النهائية للدوري والتي فاز فيها الشباب على الهلال 3/صفر. وبعد انتهاء موسم 2005/2006، حاول الشباب ضمه من الوحدة، لكن الأخير رفض وتمسك ببقاء اللاعب معه، وكان الشمراني عند حسن الظن به، حيث تألق مع الوحدة في موسم 2006/2007 وقاده لاحتلال المركز الثالث في الدوري السعودي قبل أن يرحل في نهاية الموسم لفريق الشباب بسبب الضائقة المالية التي مر بها نادي الوحدة ودفعته إلى ترك اللاعب الشباب بعقد يمتد خمسة مواسم مقابل 13 مليون ريال سعودي. وفي فريق الشباب، قدم اللاعب ستة مواسم رائعة سجل خلالها أكثر من مائة هدف في نحو 170 مباراة خاضها مع الفريق، وتوج معه بعدة ألقاب أبرزها الدوري السعودي في موسم 2011/2012 . لكن النجاح الأكبر في مسيرته الكروية كان مع انتقاله للهلال في عام 2013، حيث قدم اللاعب عروضًا رائعة، وسجل 30 هدفًا في 37 مباراة خاضها مع الفريق في مختلف البطولات بأول موسم له مع الزعيم، وقاده للفوز بالمركز الثاني في كل من الدوري السعودي بعد صراع محتدم مع النصر، وكذلك في كأس ولي العهد وفي دوري أبطال آسيا. كما ساهم الشمراني بقدر رائع في بلوغ المنتخب السعودي المباراة النهائية لخليجي 22 بالرياض. لكن الشمراني البالغ من العمر 31 عامًا يدرك الآن حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه بصفته أفضل لاعب آسيوي في 2014، وهو ما سيجعل الأضواء كلها مركزة عليه في كأس آسيا 2015 والتي قد تكون المشاركة الأخيرة له في هذه البطولة، حيث بدأ مشاركاته في بطولات كأس آسيا عام 2007 التي وصل فيها الفريق إلى المباراة النهائية للبطولة قبل أن يخسر أمام نظيره العراقي.