اعتبر كثيرون أن حركة "حماس" وجناحها العسكري "كتائب عز الدين القسام" في غزة فجرا مفاجأة كبيرة بإعلان الكتائب عن تصنيعها بندقية قنص من طراز "غول". ولم يقتصر الأمر على التفاخر بصناعة قناصة، بل بالتأكيد أنها تتفوق على كثير من غيرها- أيضا- في مدى الإصابة القاتل (2 كلم) وفي عيار رصاصها (14.5)، وأكدت حركة "كتائب القسام" أن هذه القناصة دليل على تميز قسم الصناعات العسكرية لديها. وفيما احتفل كثيرون بهذا "الإنجاز"، بدأ خبراء السلاح في البحث عن حقيقة نجاح كتائب عز الدين القسام لهذه القناصة ليتضح أن القناصة التي عرضتها الكتائب تتشابه بشكل يكاد يكون متطابقا مع قناصة نمساوية التصنيع من نوع "شتاير HS.50" والتي تعد من أفضل أسلحة القنص في العالم. وفيما تعد قناصة "شتاير HS.50" اختراعا نمساويا مسجلا إلا أن الشركة المصنعة أعلنت بوضوح أنها أعطت عدة دول في العالم حقوق تصنيع السلاح الذي دخل أول مرة إلى الشرق الأوسط بعد صفقة بين الشركة النمساوية وإيران لاستيراد 800 بندقية في العام 2005 ليكون سلاح القوات الإيرانية في وحدات مكافحة الإرهاب ومكافحة المخدرات، ثم دخلت البندقية الخدمة في الجيش السوري، وبعد ذلك ظهرت للعلن في أول مرة خلال استعراض عسكري لكتائب القسام في العام 2013. وفيما تؤكد الشركة المصنعة أنها ليست مسؤولة عن وصول السلاح إلى كتائب القسام، يبدو الاحتمال الأرجح وهو أن تكون بنادق "شتاير HS.50" التي ظهرت مع الكتائب منذ عام تقريبا من تصنيع إيراني، حيث تقوم إيران بتصنيع البندقية تحت مسمى "الصياد". وتختلف قناصة "غول" التي قدمتها كتائب القسام كصناعة فلسطينية عن "شتاير HS.50" في الطول والمدى ونوع الرصاص المستخدم وهو ما قدمته كتائب القسام كدليل على تصنيعها للسلاح، حيث إن القناصة النمساوية تأتي بطول 137 سم وبعيار رصاص 12.7، بينما غول هي بطول مترين وعيار 14.5. وترى إسرائيل أن قناصة "غول" في حقيقتها بندقية إيرانية الصنع دخلت إلى غزة عن طريق حزب الله الذي استخدم البحر لتهريبها إلى داخل القطاع، حسب موقع "ديبكا" الاستخباراتي الإسرائيلي. واتصلت "عاجل" بمصدر وثيق الصلة بفصائل المقاومة في غزة للاستفسار عن حقيقة صنع قناصة "غول" في غزة، فقال إن "الشبه بين قناصة غول و"شتاير HS.50" كبير، من حيث الشكل بالتأكيد، لكن المواصفات المعلنة مختلفة"، ورجح المصدر، الذي رفض نشر اسمه لحساسية الوضع في قطاع غزة حاليًا، أن تكون حماس أرسلت عدة أشخاص من جهاز التصنيع العسكري إلى تركيا ومن هناك دخلوا تهريبا إلى إيران، حيث تدربوا هناك على صنع القناصة التي تمتلك طهران حق تصنيعها، مستبعدا أن تكون قد صنعت بالمواصفات الجديدة في إيران ثم تم تهريبها إلى غزة؛ لأن "تهريب السلاح إلى قطاع غزة صعب جدا"، ولكن المصدر استدرك قائلا "من جانب آخر فتصنيع هذا السلاح في غزة يستلزم وجود ما يُسمى حديدا فولاذيا وهذا غير موجود في غزة ولا يتم تصنيعه فيها وهو أيضا مادة صعبة التصنيع والتهريب"، وقال "في غزة لا يهمنا حقا من أين جاء السلاح، المهم أن يكون فعالا في دفاعنا عن أنفسنا". وتابع المصدر "قد يكون ما عرضته حماس هيكلا فقط وأنها تستعمل فعليا قناصة "شتاير HS.50" في المواجهة وقد تكون صنعتها داخليا حقا أو أحضرتها من إيران وحزب الله، كل الاحتمالات تبدو ممكنة ولا يمكن التحقق من الأمر دون فحص حقيقي ومن خبراء للسلاح الذي عرضته حماس للتأكد من حقيقة فعاليته ومداه ووزنه وطوله أما الحكم عبر تسجيلات الفيديو فمستحيل تقريبا". وختم المصدر قائلا "حماس لديها تجربة سابقة في محاولة تقليد أسلحة مصنعة خارجيا، لكنها لم تكن ناجحة ولعل أكثر هذه التجارب شهرة صناعة بندقية صغيرة في محاولة لاستنساخ بندقية "عوزي" الإسرائيلية الصنع والشهيرة عالميا، حيث أعلنت كتائب القسام صناعة البندقية عام 2003 تحت اسم "عوزي حماس" لكن السلاح نُحِّي جانبا وتوقفت محاولة تصنيعه وتطويره منذ ذلك الحين لظهور مشاكل عديدة في البندقية، وقد يكون هذا مصير قناصة غول إن كانت- فعلا- تصنيعا فلسطينيا وقد لا يكون "مشددا على أنه من المبكر جدًا الحكم على القناصة وأين صنعت وهل هي ناجحة أم لا الآن؟