تصاعد الجدل على المواقع المقربة من التنظيمات المقاتلة في سوريا، خاصة تنظيم "جبهة النصرة" و"الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، على خلفية ما نسب إلى المرجع الجهادي أبو محمد المقدسي، بوصف التنظيم الأخير بالخوارج و"كلاب النار". ونشرت مواقع إلكترونية دأبت على تناقل بيانات المقدسي رسالةً قالت إن المرجع الجهادي وجهها إلى "قادة المجاهدين في خراسان واليمن والمغرب الإسلامي وسيناء والصومال والقوقاز". وجاء في الرسالة المنسوبة للمقدسي: إن ما يجري في سوريا من "اختلاف واقتتال بين المجاهدين" قد "حرق قلوب الغيورين على الجهاد والمجاهدين" بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية الثلاثاء (27 مايو 2014). وتابع المقدسي بالقول إنه حاول مع سواه من رجال الدين التدخل لوقف القتال، وقام بمراسلة زعيم "داعش" المعروف ب"أبو بكر البغدادي" مضيفًا: "وقد راسلنا أخانا الشيخ القائد المجاهد أيمن الظواهري.. ووضعناه في صورة سعينا في القيام بمبادرة إصلاح أو تحكيم بين تنظيم الدولة وجبهة النصرة.. ونبهنا البغدادي إلى أن رفضه لهذه المبادرة سيحملهم المسؤولية أمام كافة المجاهدين، وسيحصدون عواقبه الوخيمة". واتهمت الرسالة من وصفتهم ب"المسؤولين الشرعيين" في تنظيم "داعش" ب"التدليس واللف والدوران والكذب على قادة المجاهدين". وأضاف: "تعلمون أن تنظيم الدولة قد سفك الدماء المحرمة؛ وهذا موثق، ورفض الانصياع لقادة المجاهدين ومشايخهم ومبادراتهم ونصائحهم؛ وهذا مشهور معلوم وموثق أيضًا، وأن الغلو قد نخر صفوف بعض أفرادهم، بل وشرعييهم، واعترف بعضهم علنًا أن في صفوفهم خوارج (كلاب النار)" ورأى أن ذلك "قد شوه ويشوه الجهاد والمجاهدين". ورفض المقدسي أيضًا هجوم "داعش" على الظواهري وأضاف: "وعليه، فنحن نعلن هنا أن تنظيم الدولة في العراق والشام؛ تنظيم منحرف عن جادة الحق، باغ على المجاهدين، ينحو إلى الغلو، وقد تورط في سفك دماء المعصومين، ومصادرة أموالهم.. وندعو أفراد تنظيم الدولة إلى تركها والانحياز إلى جبهة النصرة ومبايعة قادتها". وحملت الرسالة التي لم يتم التأكد من صحتها اسم المقدسي، بتاريخ الاثنين (26 مايو 2014)، ولكن بعض المواقع الإلكترونية سارعت خلال الساعات الماضية إلى عرض تسجيل صوتي لمكالمة هاتفية بين أحد الأشخاص وآخر زعم أنه المقدسي، ليسأله عن القضية. ويسمع الشخص الذي زعم أنه المقدسي وهو يقول إنه لم يطلق على أحد أوصاف مثل "خوارج" أو "كلاب نار" مضيفًا: "التحريض على القتال ضد مسلم لا يمكن أن يصدر مني، ولكن لا بد من موقف نصرة للحق وبيانا للحق.. أنا لا أحرض على قتل الدولة ولكن لكل مسلم حق دفع الصائل". ولدى سؤاله عما إذا كان يرضى عن قتل "سجناء من الدولة" قال: "علينا جمع التفاصيل.. ولكنني لم أفت بهذه الأمور.. وهذه المسميات أنأى بنفسي عنها، لكن قد يكون شيء آخر غير هذه المسميات، ولا بد من موقف يظهر الحق بعد كل هذا النظر والمتابعة" قبل أن يطلب إنهاء المكالمة بسبب ظروفه في السجن. ومن الواضح أن الكلمات المنسوبة للمقدسي في المكالمة الهاتفية تحمل الكثير من التأويلات، وأدى ذلك إلى انقسام بين المتابعين الذين رأى بعضهم أن المقدسي يؤكد عبر الاتصال صحة نسبة الرسالة إليه بطريقة غير مباشرة، في حين رأى آخرون أنه "أنصف" تنظيم "داعش" من خلال كلماته، على حد تعبيرهم. يشار إلى أن المقدسي، واسمه الحقيقي عصام البرقاوي، مسجون في الأردن بقضايا على صلة بالإرهاب، وهو من بين الشخصيات البارزة على الصعيد الروحي بالنسبة للعديد من الجماعات المتشددة التي تعتبره مرجعًا فكريًّا لها.